السلطة الفلسطينية تستنكر حرق كنيسة في القدس من طرف المستوطنين

البيت الأبيض يرسل رايس وباور لاجتماع «أيباك» رغم الخلاف الأميركي ـ الإسرائيلي

جانب من كنيسة «جبل صهيون» التي تعرضت للحرق من طرف مستوطنين متشددين في القدس أمس (رويترز)
جانب من كنيسة «جبل صهيون» التي تعرضت للحرق من طرف مستوطنين متشددين في القدس أمس (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية تستنكر حرق كنيسة في القدس من طرف المستوطنين

جانب من كنيسة «جبل صهيون» التي تعرضت للحرق من طرف مستوطنين متشددين في القدس أمس (رويترز)
جانب من كنيسة «جبل صهيون» التي تعرضت للحرق من طرف مستوطنين متشددين في القدس أمس (رويترز)

ذكرت تقارير فلسطينية أن يهودا ينتمون إلى عصابة «تدفيع الثمن» قاموا فجر أمس بإحراق كنيسة «جبل صهيون» في القدس، ما أدى إلى وقوع أضرار مختلفة بأجزاء من الكنيسة.
وذكرت وكالات أنباء محلية أن المعتدين خطوا شعارات معادية للمسيحية، وللنبي عيسى عليه السلام على جدران الكنيسة، وقالت إن المتطرفين أضرموا النيران بإحدى غرف الكنيسة في مبنى الحلقة الدراسية المسيحية اللاهوتية اليونانية، كما تم إضرام النيران بحمام وغرفة الاستحمام في الحلقة الدينية التي يستخدمها في العادة رجال الدين من الكهنة والرهبان، وغيرهم لدراسة الدين المسيحي.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها عصابات «تدفيع الثمن» المتشددة بمثل هذه الاعتداءات، إذ سبق لها أن ارتكبت بشكل متوالٍ اعتداءات منتظمة بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والضفة الغربية، حيث أحرقوا أول من أمس جزءا من مسجد قرية الجبعة، جنوب غربي بيت لحم، وخطوا شعارات عنصرية على جدرانه. لكن عادة ما تُسجل مثل هذه الاعتداءات ضد مجهول، فيما تقول مصادر فلسطينية إن الدافع الرئيسي لجل هذه العمليات، التي تقع في الغالب داخل أحياء يقطنها العرب، هو تخويفهم وإثارة الرعب في نفوسهم ودفعهم إلى الرحيل والمغادرة.
وصرحت لوبا السمري، المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية، بأن «دوافع منفذي الحريق كانت على ما يبدو قومية»، في إشارة إلى عمليات «دفع الثمن»، التي يقوم بها متطرفون يهود، وأضافت أن رجال الإطفاء سيطروا بسرعة على الحريق، ولم تسجل أي إصابات. أما نير بركات، رئيس بلدية القدس الإسرائيلي، فقد دان بشدة الحريق، وقال إنه يتحتم علينا «القضاء على مثل هذا السلوك وتقديم المسؤولين عنه إلى العدالة».
من جهته، حمل كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الحكومة الإسرائيلية «المسؤولية الكاملة عن تلك الهجمات التي تهدف إلى إرهاب شعبنا من أجل أن يتركوا أرضهم... ونحن لن نتسامح مع أي هجوم على الأماكن الدينية المسيحية والإسلامية المقدسة»، داعيا المجتمع الدولي إلى «التوقف عن معاملة إسرائيل كدولة فوق القانون».
وينتهج المستوطنون المتطرفون سياسة انتقامية تعرف باسم «دفع الثمن»، تقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية، وكذلك مهاجمة جنود في كل مرة تتخذ فيها السلطات الإسرائيلية إجراءات يعتبرونها معادية للاستيطان. وتشمل تلك الهجمات تخريب ممتلكات فلسطينية وتدميرها، وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية، وإتلاف أشجار زيتون أو اقتلاعها.
وفي الأردن دان محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، بشدة إقدام المتطرفين على إحراق الكنيسة، وقال في تصريح أمس إن قيام المتطرفين بخط شعارات معادية للمسيحية وللنبي الكريم عيسى عليه السلام أساليب إجرامية مدانة، ومرفوضة بكل الشرائع الدينية والقوانين الدولية.
وشدد المومني على أن الاستمرار في رعاية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف أولوية هاشمية أردنية، لم ولن يتوانى الأردن عن بذل كل جهد ممكن للدفاع عن هذه الأماكن. وحمل الحكومة الإسرائيلية، بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، المسؤولية عن أي انتهاكات تجاه الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، داعيا المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة للضغط على إسرائيل من أجل وقف جميع هذه الانتهاكات.
من جهة ثانية، وفي موضوع الخلاف بين أميركا وإسرائيل، قالت مصادر من البيت الأبيض إن سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي، وسامانثا باور السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوف تحضران اجتماعا للجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية (أيباك) ذات النفوذ القوي والمؤيدة لإسرائيل خلال الأسبوع المقبل، وذلك في ظل التوتر الحاصل بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ أكدت متحدثة باسم البيت الأبيض أن رايس وباور ستحضران الاجتماع.
وكانت رايس قد قالت في مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع إن خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإلقاء كلمة أمام الكونغرس، في الأسبوع المقبل، بشأن اتفاق نووي محتمل مع إيران، يعارضه نتنياهو، مدمرة لنسيج العلاقات الأميركية - الإسرائيلية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.