«هيومان رايتس ووتش»: الأكراد يعيقون عودة السكان العرب إلى مناطق متنازع عليها في العراق

أربيل تنفي التهم الموجهة إليها.. والبيشمركة تؤكد أن من تعاون مع «داعش» لن يعود

«هيومان رايتس ووتش»: الأكراد يعيقون عودة السكان العرب إلى مناطق متنازع عليها في العراق
TT

«هيومان رايتس ووتش»: الأكراد يعيقون عودة السكان العرب إلى مناطق متنازع عليها في العراق

«هيومان رايتس ووتش»: الأكراد يعيقون عودة السكان العرب إلى مناطق متنازع عليها في العراق

نفت حكومة إقليم كردستان العراق، أمس، رسميا ما جاء في تقرير منظمة حقوق الإنسان الدولية «هيومان رايتس ووتش» حول منع القوات الكردية، العرب السنّة، من العودة إلى المناطق المتنازع عليها بعد تحريرها من «داعش»، في حين أكدت وزارة البيشمركة أن المناطق التي تم تأمينها بشكل كامل عاد إليها سكانها العرب دون أي مشكلة.
وأفادت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أمس، في تقرير بأن قوات البيشمركة الكردية منعت بعض العرب الذين نزحوا جراء أعمال العنف من العودة إلى مناطق في العراق متنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد. وحذرت المنظمة، ومقرها نيويورك، حكومة الإقليم من فرض «عقاب جماعي على مجموعات عربية بكاملها»، بسبب أعمال عنف ارتكبها مسلحون من تنظيم داعش الذي يسيطر على مساحات واسعة في شمال العراق.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ليتا تايلر الخبيرة في «هيومان رايتس ووتش» أن «عدم السماح للسكان العرب بالعودة إلى منازلهم هو على ما يبدو أكثر من إجراء أمني معقول». وبحسب التقرير، فإن القوات الكردية تمنع منذ أشهر السكان العرب الذين نزحوا إثر الهجوم الذي شنه تنظيم داعش في يونيو (حزيران) من العودة إلى منازلهم في مناطق متنازع عليها. في المقابل، تمكن الأكراد من العودة إلى المناطق نفسها، وفي بعض الحالات سمح لهم بالاستقرار في منازل تخص السكان العرب النازحين، حسبما أكدته «هيومان رايتس ووتش».
وقالت المنظمة إنها وثّقت «أعمالا تنطوي على تمييز كما يبدو» في محافظتي نينوى وأربيل (عاصمة إقليم كردستان) خلال زيارات نظمتها في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني).
وحين أطلق تنظيم داعش هجومه في شمال العراق في يونيو، قامت القوات الكردية بسد الفراغ الذي خلفته القوات الأمنية العراقية التي انسحبت من مواقعها في وجه الهجوم الكاسح للتنظيم.
وتمكنت قوات البيشمركة، من خلال ذلك، بوضع يدها على مناطق متنازع عليها منذ فترة طويلة مع الحكومة المركزية في بغداد، ويطالب الأكراد بأن تكون جزءا من إقليم كردستان المؤلف من محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، الذي يتمتع بحكم ذاتي. ووسع الأكراد مساحة المناطق التي توجد قواتهم فيها بنحو 40 في المائة، وأبرزها مدينة كركوك الغنية بالنفط في شمال البلاد.
وسيطر مسلحو «داعش» على كثير من هذه المناطق المتعددة القوميات والطوائف إثر هجوم متجدد شنه في شمال العراق في أغسطس (آب)، إلا أن القوات الكردية مدعومة بضربات جوية لتحالف دولي تقوده واشنطن، تمكنت في الأسابيع الماضية من استعادة بعض هذه المناطق.
وبحسب «هيومان رايتس ووتش»، فإن بعض المسؤولين الأكراد دافعوا عن الإجراءات التمييزية بالقول إن السكان العرب السنّة في المنطقة ساندوا هجوم «داعش»، ولا يزالون يتعاونون مع هذا التنظيم. وأكدت «هيومان رايتس ووتش» أن بعض القيود التي فُرضت على العرب السنّة خُفّفت في يناير، لكنها أكدت على أنه على السلطات الكردية بذل المزيد من الجهود.
من جهته، قال ديندار زيباري نائب رئيس مكتب العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، إن «حكومة الإقليم لم تكن عائقا أمام عودة العرب إلى المناطق المحررة من (داعش)، وبالعكس؛ فهي مهدت لعودتهم إليها»، مضيفا أن «قوات البيشمركة وبإسناد من التحالف الدولي لم تسهم فقط في تحرير هذه المناطق، بل قدمت لهم المساعدات الإنسانية أيضا، لكن يظهر أن هناك عراقيل أخرى تتمثل في انعدام الخدمات الرئيسية في تلك المناطق، بالإضافة إلى أن البعض منها تقع على خطوط التماس مع «داعش»، لذا، فالوضع الأمني منع السكان من العودة، ولم تعد إليها جميع المكونات، بما فيها الأكراد أيضا، وليس العرب السنّة فقط، وهناك عودة للسكان إلى المناطق المحررة، مثلا هناك 6 قرى عربية سنية في زمار عاد إليها سكانها، وقوات البيشمركة تحمي هذه العوائل بالإضافة إلى أن مؤسسة بارزاني الخيرية تقدم لهم المساعدات الإنسانية باستمرار، وبين بالقول: «بخصوص المنازل المدمرة في هذه المناطق، بعد التقصي والتحقيق اتضح لنا إن غالبية المنازل التي دُمرت في المناطق المحررة هي منازل الأكراد والأقليات من أهالي تلك المناطق، وسبب تدميرها يعود إلى القصف الجوي وحرب الشوارع، إضافة إلى أن (داعش) يفخخ جميع المباني في هذه المناطق بعد الانسحاب منها».
بدوره، قال المتحدث الرسمي لوزارة البيشمركة في حكومة الإقليم، هلكورد حكمت، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك مناطق غير مستقرة، وتُعتبر ساحة حرب، ولا يمكن عودة الأهالي إليها في الوقت الحالي، هناك قرى تقع على خط التماس، بيننا وبين مسلحي (داعش)، أما المناطق المحررة التي تم تأمينها بشكل جيد، عاد إليها سكنها عربا وأكرادا، ولم تقف قواتنا أمام عودتهم إطلاقا»، مشيرا إلى أن «الذين ساعدوا (داعش)، وتحالفوا معها في هذه المناطق لن نسمح بعودتهم، أما الآخرون فمرحب بهم».
من جهته، قال الشيخ علي مليح الزوبعي، أحد رؤساء عشير الزوبع العربية القاطنة في مناطق غرب محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «حقيقة لم أسمع بمنع قوات البيشمركة أهالي المناطق التي حررت من (داعش) من العودة إلى مناطقهم، فقط مجموعة من قبيلة شمر كانوا قد نزحوا بسبب الأحداث التي شهدتها المنطقة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.