رغم أن الجهات الأمنية والعسكرية التونسية لم تقدم أرقاما رسمية لعدد الإرهابيين المحتملين في تونس، فإن محمد على العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، أفاد يوم أمس في تصريح إعلامي بأن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على أكثر من مائة عنصر إرهابي خلال ثلاثة أيام فقط، وهو ما يجعل مواجهة المجموعات الإرهابية متواصلة في تونس دون توقف أو هوادة. وأوضح المصدر ذاته أن قوات الأمن تمكنت من كشف مجموعة من المخططات الإرهابية وأحبطت مجموعة من العمليات التي كانت تستهدف منشآت حيوية ومقرات أمنية كما توصلت إلى معرفة عدد من الخلايا النائمة التي تتعامل مع العناصر الإرهابية وتقدم لها الدعم اللوجيستي.
وتأتي الحملة الأمنية الأخيرة بعد الهجوم الإرهابي الذي نفذه أكثر من 20 عنصرا إرهابيا على دورية أمنية في منطقة بولعابة القريبة من الشعانبي مخلفة أربعة قتلى في صفوف قوات الأمن التونسي.
وألقت قوات الأمن القبض على مجموعة من الإرهابيين على دفعات خلال الآونة الأخيرة، ومن بينهم طبيب تونسي ينتمي إلى «داعش» وستة إرهابيين آخرين لدى عودتهم عبر مطار تونس قرطاج قادمين من سوريا.
وبالإضافة إلى كتيبة عقبة بن نافع التي يقودها الجزائري خالد الشايب المعروف بـ«لقمان أبو صخر»، وهي مجموعة إرهابية منتشرة في غابات الشمال الغربي والوسط الغربي وبالتحديد في ولايات (محافظات) الكاف وجندوبة والقصرين، فإن خبراء أمنيين مختصين في مجال مكافحة الإرهاب يقدرون عدد الخلايا النائمة في تونس بنحو 300 خلية وهي قد تكون على استعداد للمشاركة في الأنشطة الإرهابية إذا حانت الفرصة المواتية على حد تعبيرهم.
كما ألقت الوحدات الأمنية خلال المدة الأخيرة على مجموعة إرهابية تنشط في مناطق الساحل الشرقي التونسي وهي تنشط تحت اسم «كتيبة أبو مريم» وكانت بحوزتها أسلحة وخرائط ومعطيات هامة ناجمة عن مراقبة وترصد المقرات الأمنية.
كما أن العائدين من جبهات القتال في سوريا والعراق على وجه الخصوص قد يمثلون مخاطر إضافية على الأمن والاستقرار في تونس وهو ما يجعل الحرب على الإرهاب عملية طويلة ومعقدة. وتقدر وزارة الداخلية التونسية عدد العائدين من ساحات القتال بما لا يقل عن 500 عنصر وهم مدربون جيدا على القتال وكيفية التعامل مع الأسلحة بمختلف أنواعها.
ويقول رفيق الشلي، كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف الملف الأمني، في تصريح إعلامي، إن وزارة الداخلية لديها المعلومات الكافية عن 500 تونسي عائد من جبهات القتال في سوريا وهناك من عرض ملفه على القضاء التونسي وهناك من لا يزال تحت المراقبة الأمنية. ولكن الشلي يشير إلى وضع آخر يقول إنه أكثر خطورة فالبعض من الشباب التونسي سافر إلى سوريا والعراق خلسة عبر ليبيا ورجع بنفس الطريقة إلى تونس وهذا الملف على غاية من التعقيد، على حد تعبيره.
وتعرض وسائل الإعلام التونسية، وخصوصا منها المكتوبة بين الحين والآخر قصص الشباب التونسي وكيفية التحاقه بالمجموعات المتطرفة. ولئن يبدي البعض منهم ندمه عن المشاركة في تلك الأعمال الإرهابية، فإن معظم المؤشرات تؤكد أن الإرهاب يتغذى من الكثير من الوضعيات فبعض شباب الجامعة التونسية أغراهم المال، حيث يحصل البعض منهم على راتب شهري لا يقل عن ألفي دينار تونسي (نحو 1500 دولار أميركي) وهو لا يتجاوز العشرين من العمر، كما أن البعض من الشباب أغراه «جهاد النكاح» وإمكانية الزواج العرفي المباح في صفوف تلك المجموعات المتشددة.
وتتلاقى عدة تحاليل سياسية وأمنية في اعتبار جزء كبير من الشباب التونسي مغررا به وأن انضمامه إلى تلك المجموعات المتشددة يجعل الرجوع إلى الخلف غير ممكن.
وفي هذا الشأن، قالت التونسية مروى وهي أرملة المقاتل الداعشي أحمد العوني المكنى بـ«أبو آدم التونسي»، إن القتال يعد أكبر غلطة يمكن أن يقترفها الشباب في حق نفسه. وتشير إلى أن الجهاد على الطريقة الجديدة غالبا ما ينتهي بطابع جنائزي أسود يغطي الجانب المشرق من الحياة وتقول إن زوجها لقي مصرعه العام الماضي في سوريا وباتت أرملة وهي لم تتجاوز العشرين من العمر وفي كفالتها طفل لا يتجاوز عمره السنة الواحدة.
وعن قصة التحاقه بالتنظيمات المتشددة، تشير مروى وهي أصيلة أحد أرياف العاصمة إلى في شهر أغسطس (آب) من سنة 2012 تاريخ زواجها،، من «أبو آدم» وهو أصيل منطقة دوار هيشر (أحد الأحياء الشعبية الواقعة غرب العاصمة التونسية)، وتشير إلى أنها زيجة تقليدية عادية وعلى الرغم من عدم معرفتها المسبقة بشريك حياتها الذي تزوّجته، فإنها كانت تنعم بحياة زوجية هانئة.
لكن راحة البال، على حد تعبيرها، لم تطل كثيرا، فبعد سنة واحدة من الزواج، وبالتحديد سنة 2013، وهو ما يعني 15 يوما قبل سفره إلى سوريا للالتحاق بصفوف مقاتلي داعش، قالت مروى إن زوجها أصبح يطيل الغياب عن المنزل ولا يعود إليه إلا في ساعات متأخرة من الليل.
وبكل حسرة وندم، تتابع مروى: «لا أدري ماذا كانوا يلقنونه أو ماذا كانوا يخططون له حينها»، ولكنني أحسست أن زوجي تغير كثيرا، ولم يكن يعلمها بأي تفاصيل شافية عن سبب غيابه.
ولكنه في يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 2013 غادر البلاد وأعلمها عن توجهه إلى ليبيا المجاورة للعمل. ولكنها وبعد أيام قليلة اكتشفت أنه توجه إلى سوريا ليلتحق بصفوف مقاتلي «داعش».
وتنهي مروى حديثها بكل حسرة لتقول للشباب التونسي، بأن المعنى الحقيقي للجهاد هو أن يتحمل المرء مسؤوليته كاملة تجاه أهله وعائلته ووطنه.
وعلى الساحة السياسية التونسية تتفق جل الحساسيات السياسية على نبذ العنف والتطرف وشجب الإرهاب، ولكن نظرة الأطراف السياسية إلى الظاهرة الإرهابية تختلف من طرف إلى آخر، فبعض قيادات حركة على سبيل المثال تفسر انتشار الفكر السلفي الجهادي بالتضييق على الممارسة الدينية خلال حكمي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، فيما تتهم عدة أطراف يسارية الترويكا الحاكمة بزعامة حركة النهضة بتسهيل انتشار الأفكار المتطرفة من خلال تساهلها بعد الثورة مع المجموعات الإرهابية، وخصوصا منها تنظيم أنصار الشريعة الذي تغلغلت أفكاره في تونس وهو المتهم الرئيسي في اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي.
الأمن التونسي يواجه خطر الخلايا النائمة.. وعناصر وجماعات إرهابية معروفة
«الداخلية» أوقفت 100 متهم بالإرهاب خلال 3 أيام
الأمن التونسي يواجه خطر الخلايا النائمة.. وعناصر وجماعات إرهابية معروفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة