معهد لتجنيد أطفال الرقة في صفوف «داعش»

المتشددون الصغار يخضعون لتدريبات قتالية في «معسكر الفاروق» من سن الخامسة

معهد لتجنيد أطفال الرقة في صفوف «داعش»
TT

معهد لتجنيد أطفال الرقة في صفوف «داعش»

معهد لتجنيد أطفال الرقة في صفوف «داعش»

أصدر تنظيم داعش فيديو دعائيا جديدا، بارع الإخراج، يظهر فيه أطفال في سن الخامسة يتلقون التعليمات في معسكر للتدريب العسكري يعرف بمعسكر «الأشبال».
وفي آخر إصدار دعائي عن الجماعة الإرهابية، نرى الأطفال حاضرين في معسكر للتدريبات الإرهابية، أطلقوا عليه مسمى «معسكر الفاروق» للأشبال، في محافظة الرقة السورية.
ويظهر الفيديو ذو التسع دقائق الذي نشر أمس على شبكة الإنترنت، صبيانا يرتدون الزي العسكري المموه ويقفون في تشكيل حيث يطيعون أوامر المعلم المتطرف.
ويظهر في الفيديو المعلم يصرخ مصدرا للأوامر وينفذ الصبيان التمرينات التي يؤديها.
ومع خلفية موسيقية عربية، يظهر في الفيلم القصير الصبيان الصغار، الذين يرتدون جميعا العصابات السوداء على رؤوسهم وتحمل شارة التنظيم الإرهابي حيث يؤدون التمرينات.
ومع انحنائهم ووقوفهم انتباها وفقا للتعليمات، تقف مجموعة أخرى وراءهم تحمل الرايات. ويسأل المعلم - الذي يرتدي الملابس المموهة - أسئلة ويجيب عليه الصبيان في انسجام تام.
كما يظهر الأطفال وهم يؤدون الصلوات في صفوف متراصة - في منظر مهيب، حيث يقف معلمهم إماما لهم والذي يصلي مقابل زوج من الأسلحة أمامه. ويُرى الأطفال، الذين لا يتجاوز عمر بعضهم سن الخامسة، يجلسون في دوائر ويتلون آيات من القرآن ويستمعون إلى المعلم وهو يتحدث.
ومما يثير الدهشة، أن الفيديو يظهر أيضا صفوفا من الصبيان الصغار يؤدون الصلوات خلف الإمام الذي يصلي قبالة مجموعة من الأسلحة.
وفي حين أن تجنيد الأطفال لغرض القتال هو من جرائم الحرب، فقد أعد تنظيم داعش الأطفال ولفترة طويلة للمشاركة في الجهاد - بنفس الأسلوب الذي افترست به ألمانيا النازية الشباب الصغير سريع العاطفة والتأثر لتشكيل مجموعات «شباب هتلر».
وجاءت الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي ذات الصلة بتنظيم داعش لتتضمن الأطفال الرضع بجانب الأسلحة والصبيان الصغار يحملون رؤوس الضحايا المقطوعة.
وظل التنظيم الإرهابي يعمل على تجنيد الأطفال دون سن الـ15 ويدفع بهم إلى معسكرات أسست خصيصا لغسيل أدمغة الصغار وحشوها بالآيديولوجيات المتطرفة. ويقال: إن الأطفال يتعلمون هناك كيفية استخدام مختلف أنواع الأسلحة ويقومون كذلك بالتدريب على قطع رؤوس الدمى.
ويقول أحد المسؤولين الأمنيين العراقيين لوكالة «إن بي سي» الإخبارية «يعلمونهم كيفية استخدام بنادق الكلاشنيكوف الهجومية الروسية. ويستخدمون الدمى ليدربوهم على كيفية قطع رؤوس الناس، ثم يجعلونهم يشاهدون عمليات قطع الرؤوس الفعلية، وأحيانا ما يجبرونهم على حمل الرؤوس المقطوعة حتى يخلعوا الخوف بعيدا عن قلوبهم».
منذ إعلان تنظيم داعش مدينة الرقة بأنها العاصمة الواقعية لخلافته المزعومة، أفادت التقارير الإخبارية المتعددة بنزوح المواطنين من أحيائهم ومنازلهم هربا من التجنيد الإجباري لدى التنظيم. حيث قال أحد الآباء بأن حياته كانت في خطر حينما عارض انضمام ابنه البالغ من العمر 13 عاما إلى أحد المعسكرات التدريبية. وخرجت التقارير الإخبارية من سوريا تفيد بإجراء عمليات غسيل أدمغة للأطفال هناك. وعندما عاد الابن إلى منزل أبيه، عثرت والدته على دمية شقراء اللون، ذات عيون زرقاء بحوزة ولدها، فضلا عن سكين كبير أعطاه المتشددون لطفلها.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».