قال العالم المصري الدكتور فاروق الباز، عضو المجلس الاستشاري لعلماء مصر، إن التعليم يعتبر أولى خطوات التقدم الثقافي والاقتصادي، وإن إصلاح التعليم سوف يحتاج إلى عدة سنوات ولن يتم خلال أيام قليلة.
وأوضح مدير مركز أبحاث الفضاء بجامعة بوسطن الأميركية، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أنه يحيي وزير التربية والتعليم المصري على دعمه لمسابقة الباز للتنمية والابتكار، والتي سوف تعمل على ربط البحث العلمي بواقع المجتمع والاقتصاد المصري والعربي. وأوضح الباز، أن الرئيس السيسي ينصت إلى مشاريعه باهتمام ويقدر مجهوداته، مشيرا إلى أن الوضع الحالي في مصر يدعو للتفاؤل على جميع المستويات، وأننا يجب ألا نؤهل الإرهاب أن يقلل من عزمنا. وفيما يلي نص أهم ما جاء في الحوار..
قال العالم المصري الدكتور فاروق الباز، عضو المجلس الاستشاري لعلماء مصر، إن التعليم يعتبر أولى خطوات التقدم الثقافي والاقتصادي، وإن إصلاح التعليم سوف يحتاج إلى عدة سنوات ولن يتم خلال أيام قليلة.
وأوضح مدير مركز أبحاث الفضاء بجامعة بوسطن الأميركية، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أنه يحيي وزير التربية والتعليم المصري على دعمه لمسابقة الباز للتنمية والابتكار، والتي سوف تعمل على ربط البحث العلمي بواقع المجتمع والاقتصاد المصري والعربي.
وأوضح الباز، أن الرئيس السيسي ينصت إلى مشاريعه باهتمام ويقدر مجهوداته، مشيرا إلى أن الوضع الحالي في مصر يدعو للتفاؤل على جميع المستويات، وأننا يجب ألا نؤهل الإرهاب أن يقلل من عزمنا.
وفيما يلي نص أهم ما جاء في الحوار..
* ما هدف مسابقة «الباز للقدرات العربية للتنمية والابتكار» التي بدأ المشاركون التقدم إليها منذ أيام؟
- هذه المسابقة هي فكرة الزميلة الدكتورة غادة عامر، نائب رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، التي تشرفت بالمشاركة في إقامتها مع الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة الذي حصل على البكالوريوس من كلية الزراعة بجامعة القاهرة، وأهم ما تقدمت به المسابقة هو دعم الابتكار بين شباب العرب، وربط البحث العلمي بواقع المجتمع والاقتصاد المصري والعربي، وهذا في وجهة نظري ما نفتقده في العالم العربي، لذلك فإني أحيي هذه المبادرة وأدعم المسابقة، كما أني أحيي إعلان الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم المصري لمشاركته في رعاية هذه المسابقة.
* أين ستقام المسابقة؟ وهل ستقتصر على عدد معيّن من المتسابقين وجنسيات معينة؟
- المسابقة مفتوحة لكل عربي وعربية، والتقدم للمسابقة يتم عبر الإنترنت، معنى هذا أنه يتم دون أي قيود.
* في رأيك ما أسباب تأخر التعليم في مصر والخطوات التي من شأنها العمل على تقدمه؟
- السبب الرئيسي في تأخر التعليم في مصر هو عدم فهم القيادات العليا السابقة لأهمية العلم والمعرفة، إلا أننا نرى الآن محاولات جادة لإصلاح التعليم على جميع مراحله في مصر، وينبغي القول هنا إن جميع الدول التي تقدمت مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة بدأت بإصلاح التعليم والتدريب الصحيح للقوى العاملة، وهذا يعني أن التعليم والتدريب الصحيح في الوطن بأكمله هو أولى خطوات التقدم الثقافي والاقتصادي معا.
* كم سيستغرق إصلاح التعليم في مصر؟
- بناء على الخبرات السابقة في الدول المذكورة أعلاه، فإن إصلاح التعليم لا يتم في عام أو اثنين وقد يحتاج إلى عشر سنوات أو أكثر.
* يقول الكثيرون إن ما نقوم بتعلمه في المدارس والجامعات لا يفيد في الحياة العملية في مصر، ففي رأيك هل هذه المشكلة متعلقة بمصر فقط أم أنها مشكلة عالمية؟ وكيف يتم التصدي لها؟
- لا أظن أن هذه تعتبر مشكلة كبيرة، فحتى إن لم ينفع التعليم في الحياة العملية إلا أنه يقوم بفتح آفاق الصغار وحثهم على جمع العلم والمعرفة طوال العمر، ففي وجهة نظري، ليس مهم ما نعلم، ولكن كيف نعلم ومدى تأثير ذلك على مستقبل المتعلم والمتعلمة.
* ما رأيك فيما يقوله بعض المصريين باستمرار عن أن العلماء لا ينجحون إلا بالخارج وهل ترى أن مصر مقصّرة تجاه العلماء والمبتكرين؟
- بعض من هذه الرؤية صحيح، ليس فقط في مصر، ولكن في معظم الدول العربية للأسف، ويرجع السبب في ذلك أن هناك بعض قيادات تجهل قيمة العلم والبحث العلمي، ولذلك فهي لا تقدر التقدم في هذا المجال، ومع ذلك يبدو أن الوضع قد بدأ في التغيير لأن القيادات الجديدة أفاقت إلى حالة الجهل في المجتمعات العربية وبدأت تهتم بإصلاح التعليم.
* إذا طلب منك أن تعاود التدريس بإحدى الجامعات المصرية، هل ستقبل؟
- أنا لا أدرس حاليا، ولكني أساعد تلاميذي في تدريس المواد المختلفة، وعندما يطلب مني أن أعطي محاضرة في موضوع ما، أقوم بذلك في إطار ضيّق، بمعنى أنني شبه متقاعد، والبركة في الجيل الصاعد.
* هل ترى أن البحث العلمي في مصر يحظى باهتمام كبير؟
- هناك إشارات باهتمام الحكومة الحالية بأمور البحث العلمي، إلا أننا ننتظر أن يزيد هذا الاهتمام بشكل أكبر، لأن ميزانية البحث العلمي لم تصل بعد إلى نسبة 2 في المائة من الدخل القومي وهو المعدل المطلوب.
* بعد أن دخلت الإمارات عالم الفضاء بإطلاقها «وكالة الإمارات للفضاء»، هل ترى أن مصر يمكن أن تحذو حذوها وتحقق تقدما مشهودا في عالم الفضاء؟
- نعم، لقد أطلق قمر صناعي للتصوير اسمه «إيجيبت سات» منذ عدة سنوات، ولكنه كان قد صنع في أوكرانيا، الشيء الهام جدا في مشروع الإمارات هو تصنيعه بواسطة أيادٍ إماراتية، وهذا ما نأمل أن نراه كالحافز الذي تحتذي به باقي الدول العربية.
* بصفتك مستشارا في «المجلس الاستشاري لعلماء مصر» الذي أسسه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ما المشاريع التي قمت بعرضها عليه، وهل وافق على جميعها؟
- لقاءاتي مع الرئيس سبقت اختياره رئيسا للدولة، وكانت كلها تخص تخصصي ومعرفتي بتضاريس مصر شرقا وغربا وشمالا وجنوبا من دراساتي باستخدام الصور الفضائية والعمل الميداني في الصحراء منذ عام 1974، ويقدر الرئيس السيسي خبرتي في فهم صفات أرض مصر وثرواتها الطبيعية، وهو ينصت إلى ما اقترحه أنا وزملائي بكل اهتمام، وأهم هذه المشاريع التي ناقشها معي هي مشروع ممر التنمية، والذي يتعلق بالتنمية في الصعيد والصحراء الغربية ومناطق المياه الجوفية في الصحراء الشرقية وطرق استخراجها وكذلك أبدى الرئيس اهتماما كبيرا بمشروع المثلث الذهبي.
* ما مشروع المثلث الذهبي، وكم سيتكلف من المال والوقت للتنفيذ؟
- مشروع المثلث الذهبي هو مشروع أعلنته حكومة المهندس إبراهيم محلب، وهدفه تنمية منطقة في وسط الصحراء الشرقية في مصر، واستصلاح نحو 450 ألف فدان من مدينة قنا على النيل إلى مدينتي سفاجا والقصير على ساحل البحر الأحمر، ولم تعلن الدولة كم سيستغرق المشروع وماذا يكلف؛ لأنه يعتبر تنمية متعددة الجوانب تشمل الزراعة بالمياه الجوفية والتعدين والنقل والسياحة وما إلى ذلك.
* إذا طلب منك الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي أن تصبح مستشارا له، هل كنت ستقبل؟
- لم تكن لي علاقة بالدكتور محمد مرسي، ولا أظن أنه كان سيدعوني لأكون مستشاره العلمي، حيث إن العلم والبحث العلمي لم يكونا من اهتماماته، كما أني تقابلت معه مرة واحدة فقط، حيث كنت أحد أعضاء مجلس مكتبة الإسكندرية، وتصافحنا، ولكننا لم نتحدث قط.
* ما رأيك في الوضع الحالي في مصر؟
- ما زال الوضع في مصر غير مستقر تماما كما نأمل، فكما ذكرت مرارا لشباب مصر أن الثورة ينتج عنها هدم كيان، وهذا يمكن أن يتم فورا أو خلال أيام معدودة، في نفس الوقت فإن البناء الجديد يستلزم وقتا طويلا لأنه يتم «حجر بحجر»، لذلك فأنا أعتقد أن الحال سوف يستتب كلية وتماما بعد عدة سنوات، ومع هذا فإن الوضع الحالي في مصر يدعو للتفاؤل على جميع المستويات، حيث إن شباب مصر رجالا ونساء يشعرون باطمئنان بأن القيادة الحالية تعمل ما يجب فعله لرفعة الوطن.
* وهل تستطيع مصر أن تحقق تنمية في ظل الظروف التي تمر بها حاليا؟
- نعم، ويجب ألا نؤهل الإرهاب أن يقلل من عزمنا أو يؤخر من أعمالنا، هناك إرهاب في جميع المجتمعات وعلينا أن ننبذه أثناء مضينا في طريق التقدم والازدهار لأن هذا سوف يقلله أو يقضي عليه تماما.
* بمعرفتك بالشأن الأميركي.. كيف ترى النظرة المتبادلة بين القاهرة وواشنطن؟
- أميركا لا تفهمنا كلية وتماما، وكان رؤساؤها يأملون أن يكون «الإسلام المعتدل» هو أفضل أسلحة محاربة «الإسلام المتطرف»، وقد اعتقدوا أن الإخوان المسلمين هم الإسلام المعتدل لذلك دعموهم، لذلك علينا تغيير هذا الفهم بالعقل والإقناع وليس بالصوت العالي والهجوم المستمر.
* كعالم.. هل ترى أنك حظيت بالتكريم المناسب من مصر؟
- لقد أكرمني أهل مصر جميعا أكثر مما كنت أتوقع، فأهل الصحراء يدخلونني بيوتهم ويطعموني أنا وزملائي أثناء دراسة المشاريع المرتقبة، وكذلك في المدن فإني ألقى التكريم غير العادي، وأذكر أنه في مرة من المرات رفض سائق تاكسي أن أدفع أجرة المشوار لأنه عرفني من صوتي.. إن مثل هذا التكريم يفوق بالنسبة لي أي تكريم رسمي.
* نبذة عن الدكتور فاروق الباز
ولد فاروق الباز في عام 1938، في مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة)، وحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة عين شمس بمصر في عام 1958، ثم نال شهادة الماجستير في الجيولوجيا عام 1961 من معهد علم المعادن بميسوري الأميركية، وبعد ذلك حصل على شهادة الدكتوراه في عام 1964 وتخصص في التكنولوجيا الاقتصادية.
عمل في وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» للمساعدة في التخطيط للاستكشاف الجيولوجي للقمر، كاختيار مواقع الهبوط لبعثات «أبوللو» وتدريب رواد الفضاء على اختيارهم لعينات مناسبة من تربة القمر وإحضارها للتحليل والدراسة إلى الأرض.
ويشغل الدكتور الباز منصب مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأميركية، كما تولى سابقا منصب نائب رئيس مؤسسة «آيتك» لأجهزة التصوير بولاية ماساتشوستس عام 1982، وقبلها في عام 1973 قام بتأسيس وإدارة مركز دراسات الأرض والكواكب في المتحف الوطني للجو والفضاء بمعهد سميثونيان بواشنطن.
قام بتدريس علم الجيولوجيا في عدة جامعات، مثل جامعة أسيوط بصعيد مصر من عام 1958 إلى عام 1960، وجامعة ميسوري بأميركا من عام 1963 إلى 1964، وجامعة هيدلبرغ في ألمانيا من عام 1964 إلى عام 1965.
حصل الباز على ما يقرب من 31 جائزة، أشهرها جائزة إنجاز أبوللو، والميدالية المميزة للعلوم، وجائزة تدريب فريق العمل من ناسا، وجائزة فريق علم القمريات، وجائزة فريق العمل في مشروع أبوللو الأميركي السوفياتي، وجائزة ميريت من الدرجة الأولى من الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وجائزة الباب الذهبي من المعهد الدولي في بوسطن، وجائزة الابن المميز من محافظة الدقهلية.
عمل فاروق الباز مستشارا للرئيس السادات في الفترة ما بين عامي 1978 و1981، وكذلك اختاره الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي في المجلس الاستشاري لكبار علماء وخبراء مصر منذ سبتمبر (أيلول) 2014.