5 قتلى في هجوم انتحاري نفذته طفلة في سوق بشمال نيجيريا

الرئيس النيجيري: لم نقدر جيدا خطورة «بوكو حرام» لكننا سنعتقل زعيمها قبل الانتخابات

امرأة تبيع قناني ماء إلى منظمي تجمع انتخابي في حي بلاغوس مساء أول من أمس (رويترز)
امرأة تبيع قناني ماء إلى منظمي تجمع انتخابي في حي بلاغوس مساء أول من أمس (رويترز)
TT

5 قتلى في هجوم انتحاري نفذته طفلة في سوق بشمال نيجيريا

امرأة تبيع قناني ماء إلى منظمي تجمع انتخابي في حي بلاغوس مساء أول من أمس (رويترز)
امرأة تبيع قناني ماء إلى منظمي تجمع انتخابي في حي بلاغوس مساء أول من أمس (رويترز)

فجرت طفلة تبدو في السابعة من العمر، قنبلة كانت تحملها في أحد أسواق مدينة بوتيسكوم الواقعة في شمال شرقي نيجيريا أمس، مما أدى إلى مقتل 5 أشخاص، حسبما أفادت مصادر متطابقة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في الحماية المدنية بالمنطقة يدعى بوبا لاوان قوله إن «5 أشخاص قتلوا في الوقت نفسه مع الطفلة، ونقل 19 آخرون إلى المستشفى إثر إصابتهم بجروح متفاوتة». وقدر شهود عيان أن الفتاة تبدو في سن السابعة من العمر، علما أنها ليست الأولى التي تقتل عبر تنفيذ عمليات انتحارية في نيجيريا.
وتعد عملية أمس ثاني عملية انتحارية في السوق نفسها التي يتم فيها بيع هواتف نقالة جديدة ومستعملة وتصليحها. وكان الهجوم الأول نفذ في 11 يناير (كانون الثاني) الماضي عندما فجر انتحاريان أحدهما في الخامسة عشرة نفسيهما أمام السوق. وأسفر الانفجار حينها عن 6 قتلى و37 جريحا، وكان نسب إلى جماعة بوكو حرام المتشددة.
وأفاد حراس أمنيون وعناصر الحماية المدنية أنهم حاولوا منع الفتاة من دخول السوق أمس. وقال لاوان «لقد أرجعنا الطفلة 4 مرات لأنه لم يبد لنا أن لها عملا في السوق بالنظر إلى عمرها». وأضاف «منذ التفجيرات الانتحارية في يناير منعنا النساء من دخول السوق لمنع وقوع مزيد من التفجيرات».
ويسلط هجوم أمس الضوء على التحديات الأمنية التي تواجهها نيجيريا قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري في 28 مارس (آذار) المقبل. ومنذ عام 2009 أوقع تمرد «بوكو حرام» وقمع القوات النيجيرية له، أكثر من 13 ألف قتيل وتسبب بتهجير 1.5 مليون شخص في نيجيريا. وكان زعيم «بوكو حرام» أبو بكر شيكاو توعد في فيديو بإفشال العملية الانتخابية في البلاد. وتم إرجاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة أصلا في 14 فبراير (شباط) الحالي، 6 أسابيع حتى 28 مارس المقبل من أجل السماح للجيش بتركيز هجماته على المجموعة المتشددة.
وأقر الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان في حديث لصحيفة محلية نشر أمس بأنه «استهان» بجماعة بوكو حرام. وقال جوناثان لصحيفة «ذيس داي» النيجيرية الخاصة «على الأرجح في البدء (تمرد المجموعة المتشددة) أبدينا، أعني أنا شخصيا وفريقي، استهانة بقدرات بوكو حرام». وأضاف جوناثان المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة «تزامنا مع الانتخابات التشريعية أدلى الكثير من المسؤولين الأمنيين بتصريحات» قللت من خطر «بوكو حرام» وهذا يدل على أنهم استهانوا بقدراتها. ولم تقدم السلطات أي أرقام عن كثير القوات التي تحارب المتشددين.
وبحسب جوناثان حصل الجيش مؤخرا على أسلحة جديدة وذخائر لمحاربة «بوكو حرام» وسيقبض قريبا على أبو بكر شيكاو. وقال: «إن شاء الله سنعتقل شيكاو قبل الانتخابات. لا نقول إنه علينا القضاء على (بوكو حرام) لتنظيم الانتخابات لكن علينا أن نتحقق من عدم تمكن الجماعة من التسبب بأضرار إذا حاولت إفشالها». وأضاف «أعتقد أنه عند تنظيم الانتخابات في 28 مارس بمشيئة الله لن تتمكن (بوكو حرام) من الهجوم على أي مدينة».
وتوافقت نيجيريا وجيرانها تشاد والنيجر والكاميرون وبنين مطلع الشهر الحالي على تشكيل قوة متعددة الجنسية من 8700 جندي للتصدي للمتشددين. وتريد أن تطرح مع نهاية الشهر الحالي مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي في هذا المعنى.
وأمس، قال رئيس النيجر محمدو ايسوفو «نطلب من فرنسا أن تضع كل ثقلها لتبني هذا القرار سريعا»، مؤكدا أن «فرنسا تساعدنا». ورد وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، إن «فرنسا ستدعم هذا الطلب تماما».
ودعا فابيوس أمس نيجيريا إلى التزام «كامل» ضد متشددي بوكو حرام، وذلك خلال زيارة قام بها إلى نيامي أمس في إطار جولة في وسط أفريقيا. وكرر فابيوس في مؤتمر صحافي في عاصمة النيجر غداة توجهه إلى العاصمتين التشادية والكاميرونية أن «من الضروري أن يكون هناك التزام كامل لنيجيريا في التصدي لـ(بوكو حرام)». وقال الوزير الفرنسي إن «شمال شرقي نيجيريا بعيد جدا من أبوغا ولاغوس وهو قريب جدا جغرافيا من تشاد والكاميرون والنيجر»، واصفا الالتزام النيجيري ضد بوكو حرام بأنه «حيوي».



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.