حكومة ليبيا تتهم واشنطن ولندن والأمم المتحدة بمحاولة دمج «الإخوان» سياسيًّا

تحالف جبريل يعلن استعداده للعب دور الوسيط للحصول على دعم للجيش

حكومة ليبيا تتهم واشنطن ولندن والأمم المتحدة بمحاولة دمج «الإخوان» سياسيًّا
TT

حكومة ليبيا تتهم واشنطن ولندن والأمم المتحدة بمحاولة دمج «الإخوان» سياسيًّا

حكومة ليبيا تتهم واشنطن ولندن والأمم المتحدة بمحاولة دمج «الإخوان» سياسيًّا

في سابقة هي الأولى من نوعها منذ توليه مهام منصبه العام الماضي، شن عبد الله الثني، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، أمس، هجوما حادا على مواقف الحكومتين الأميركية والبريطانية، بالإضافة إلى برناردينو ليون رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، تجاه الوضع السياسي والعسكري الراهن في البلاد.
وقال الثني إن حكومته ترى أن «ليون يحاول بدعم من حكومتي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا إيجاد صيغة لإدخال الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، في حكومة الوفاق الوطني التي يقترحها». وأكد الثني، في بيان أصدرته الحكومة الليبية وحصلت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «أي حكومة تكون هذه الجماعات المتطرفة جزءا منها لن تعمل لصالح وحدة الدولة الليبية ولا لصالح الاستقرار فيها؛ بل ستؤجج الصراع وتطيل أمده وتفسح المجال للجماعات الإرهابية للتغلغل في المجتمع الليبي أكثر فأكثر»، معتبرا أن خير دليل على ذلك العمليات الإرهابية في طرابلس وقتل المصريين الأقباط في سرت والعملية الإرهابية الأخيرة في القبة.
وطلب الثني من رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم والمبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما أمس، أن يكون له موقف مشرف وتاريخي محايد يدعم وحدة البلاد واستقرارها، وأن تنتج عن الحوار حكومة وحدة وطنية تتكون من شخصيات وطنية مستقلة لا تنتمي لأي تيارات سياسية أو دينية، لافتا إلى أن «هذه التيارات لو دخلت في الحكومة فستكون لها انعكاسات سلبية لا تخدم المصلحة الوطنية ولا يقبلها الشعب الليبي إطلاقا».
وأوضح البيان أن الثني أبلغ المبعوث الأممي بأن «الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب المنتخب، والجيش الليبي، يحاربان الإرهاب بمفردهما، وأن لجنة العقوبات الدولية في الأمم المتحدة لا تسمح بتسليح الجيش الليبي بينما تتلقى الجماعات المتطرفة تسليحا مكثفا من عدة دول معروفة لدى الجميع وعن طريق الموانئ والمطارات التي تسيطر عليها هذه الجماعات، ولم يتوقف سيل الأسلحة إليها رغم كل النداءات التي وجهتها الحكومة الليبية المؤقتة لكل الأطراف الدولية بهذا الخصوص».
في المقابل، نقل البيان عن ليون قوله، إن «موقفه محايد ولا يميل إلى أي طرف من الأطراف، بل يسعى لتوحيد الجهود نحو إيجاد صيغة يتوافق عليها الجميع للخروج بليبيا من أزمتها الحالية والسعي بها نحو الأمن والاستقرار».
في سياق آخر، نفت الحكومة الليبية صحة ما أشيع عن إصدار رئيسها الثني تعليمات في رسالة رسمية إلى اللواء عبد الرزاق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، يدعوه خلالها إلى سحب القوات التابعة للجيش من المنطقة الحدودية مع مدينة درنة في أسرع وقت. وقالت الحكومة إن «هذه الرسالة المتداولة مزورة وليست رسمية».
من جانبه، دعا تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل، مجلس النواب الليبي، إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة التفجيرات الإرهابية التي وقعت أول من أمس في مدينة القبة (شرق البلاد)، وطالب بدعوة الجامعة العربية لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك.
وحث التحالف، في بيان أصدره أمس، الشارع الليبي للخروج في مظاهرات استنكارا لموقف بعض الدول الكبرى الرافض لرفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي، وتحميلها مسؤولية تعاظم الإرهاب في ليبيا، معتبرا أن «أي حديث عن حكومة وحدة وطنية ناتجة عن حوار جنيف أو غيره لا تضع برنامجا واضحا للقضاء على الإرهاب يعتبر حديثا لا قيمة له، وهو مرفوض تماما». وقال بيان التحالف إن «قيادة التحالف تضع نفسها تحت تصرف البرلمان إذا ارتأى تكليفها، وأنها على استعداد تام لتقديم كل الجهد الدبلوماسي والسياسي لمحاولة تغيير موقف بعض الدول الأوروبية الكبرى من تسليح الجيش الليبي ومن قضية الإرهاب ككل».
في غضون ذلك، تقرر تأجيل الحوار الوطني الذي كان مقررا أن يعقد غدا (الاثنين) برعاية الأمم المتحدة في المغرب إلى الخميس المقبل، وقال أعضاء في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، إنهم طلبوا التأجيل «حدادا على أرواح قتلى تفجيرات القبة، خاصة بعد إعلان السلطات الليبية رسميا حالة الحداد لمدة أسبوع».
وكان وفدان من مجلس النواب والبرلمان السابق قد عقدا، لأول مرة في 11 فبراير (شباط) الحالي في مدينة غدامس، محادثات «غير مباشرة» برعاية الأمم المتحدة. وشاركت السلطات الشرعية المعترف بها دوليا في حوار جنيف مع عدد من معارضيها، في غياب ممثلين للبرلمان السابق الذي يتخذ من طرابلس مقرا وتسيطر عليه ميليشيات «فجر ليبيا» وهي ائتلاف من مجموعات مسلحة.
من ناحية أخري، قال مصدر في مطار الأبرق (شرق ليبيا) إن مهاجمين أطلقوا صواريخ على المطار الذي يعتبر أحد المطارات القليلة التي لا تزال تعمل في ظل الصراع الدائر بالبلاد. وأصبح الأبرق البوابة الرئيسية لشرق ليبيا منذ أن توقف مطار بنغازي عن العمل في مايو (أيار) الماضي، بسبب القتال.
ووقع الهجوم على المطار بعد يوم من مقتل أكثر من 40 شخصا في هجمات انتحارية بسيارات ملغومة في «القبة»، أعلن متشددون موالون لتنظيم داعش مسؤوليتهم عنها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».