«ويندي» وصلت إلى لبنان حاملة الثلوج والخطر على النازحين السوريين

سوريا: تخوّف من تداعيات العاصفة.. ومناشدات لتقديم مساعدات عاجلة

لبناني يحمي نفسه من الثلوج في وسط العاصمة بيروت أمس (ا.ف.ب)
لبناني يحمي نفسه من الثلوج في وسط العاصمة بيروت أمس (ا.ف.ب)
TT

«ويندي» وصلت إلى لبنان حاملة الثلوج والخطر على النازحين السوريين

لبناني يحمي نفسه من الثلوج في وسط العاصمة بيروت أمس (ا.ف.ب)
لبناني يحمي نفسه من الثلوج في وسط العاصمة بيروت أمس (ا.ف.ب)

وصلت العاصفة الروسية «ويندي» إلى لبنان كما كان متوقعا حاملة معها الثلوج والرياح القوية وعطّلت الحياة في معظم المناطق الجبلية. لكن وفي حين حملت الفرحة إلى قلوب تلاميذ المدارس بعد إصدار وزير التربية قرارا بالتعطيل يومي الجمعة والسبت، لم ينجُ الأطفال السوريون وكما كل موجة صقيع، من نتائج العاصفة التي أودت بحياة ثلاثة منهم من عائلة واحدة يوم أمس، في بلدة بحنين في شمال لبنان.
ومع اشتداد حدّة العاصفة يوم أمس، حذّر الدفاع المدني اللبنانيين من التنقل إلا في حالات الضرورة القصوى، بعدما أفادت مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني بوصول العاصفة «ويندي» صباح الخميس، حاملة معها طقسا غائما وممطرا بغزارة، مصحوبا بعواصف رعدية ورياحا شديدة تقارب الـ80 كلم بالساعة، بالإضافة إلى تساقط الثلوج اعتبارا من ارتفاع 1000 متر نهارا ليتدنى تساقطها تدريجيا مع انخفاض درجات الحرارة إلى أن تلامس ليلا الـ600 متر. ووصلت درجات الحرارة في العاصمة بيروت إلى 8 درجات ظهرا فيما سقطت حبات البرد في مناطق ساحيلة عدّة وسط توقعات باشتداد العاصفة في الساعات المقبلة حتى ليل الجمعة.
وفي الشمال وتحديدا في عكار والضنية، غطت الثلوج قرى عكار والضنية وبشري وإهدن وقطعت معظم طرقات الجرود ابتداءً من ارتفاع 800 متر، وأدت رياح العواصف التي قدرت سرعتها بنحو 70 كيلومترا إلى انقطاع الكهرباء وخدمات الإنترنت عن هذه المناطق بالإضافة لاحتجاز عدد من المواطنين داخل منازلهم. وتدنت درجات الحرارة لتصل في بلدة حلبا على ارتفاع 150 مترا عن سطح البحر إلى ما دون الـ8 درجات فوق الصفر.
وأفادت مراكز الدفاع المدني في الضنية بأن سماكة الثلوج المتساقطة في المناطق التي يزيد ارتفاعها على ألف متر، قد بلغت صباح اليوم بين 5 - 7 سنتيمترات، لكنها لم تؤد إلى إغلاق الطرقات أمام حركة السيارات، لافتة إلى أن الطقس العاصف صاحبه تدنٍ ملحوظ في درجات الحرارة، التي تراوحت بين 1 - 4 درجات فوق الصفر في المناطق الوسطى، وإلى أقل من الصفر في المناطق الجردية التي يزيد ارتفاعها على ألف متر وما فوق.
وفي البقاع الشمالي، تساقطت الثلوج بغزارة في بعلبك والبقاع الشمالي، وعملت بعض المدارس يوم أمس على إعادة الطلاب إلى منازلهم بسبب اشتداد العاصفة التي تتساقط معها الثلوج على ارتفاع 1000متر وما فوق في قرى وبلدات البقاع وارتفع منسوب نهر الليطاني نتيجة الأمطار الغزيرة، مما أدى إلى إغلاق مجراه بين المرج وقب إلياس.
وفي الجنوب تساقطت الثلوج في شبعا كفرشوبا ومرتفعات جبل الشيخ وباتت الطرقات التي تربطها بحاصبيا مقطوعة إلا للسيارات المجهزة بالسلاسل المعدنية.
وفي سوريا، حذّر ناشطون إعلاميون ومدنيون، على مواقع التواصل الاجتماعي من تفاقم أزمة النازحين السوريين في المخيمات وبعض المدن التي تؤوي المئات منهم، وأبرزها مدينة الحارّة الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال درعا، إذا ساءت الظروف الجوية أكثر بسبب العاصفة التي تضرب المنطقة والتي يحتمل أن تشتد خلال الساعات المقبلة.
وكان المجلس المحلي المعارض في مدينة الحارّة أطلق قبل أيام نداء استغاثة ناشد فيه جميع المنظمات الإنسانية تقديم مساعدات عاجلة للنازحين في المدينة التي تستوعب أكثر من ألفي عائلة نزحوا من ريف درعا الشمالي جراء القتال الدائر في مناطقهم، بين القوات النظامية والمعارضة.
ويستعّد النازحون السوريون في بعض المدن والمخيمات شمال درعا وغرب القنيطرة للعاصفة الثلجية التي بدأت تضرب المنطقة خلال الساعات القليلة الماضية، وذلك بتقطيع الأشجار للتدفئة وتثبيت الخيام لمنع اقتلاعها بسبب الرياح القوية.
وغادر عشرات النازحين من قرى وبلدات ريف درعا الشمالي، التي تشهد مواجهات «عنيفة» بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة، مخيماتهم إلى منازل صغيرة، وباتت تقطن عائلتان أو أكثر في منزل واحد، مقابل أجور عالية تصل إلى 15000 ليرة سورية في الشهر، أي ما يعادل 70 دولارًا أميركيًا.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن أبو محمد الربداوي، قوله إنه وعائلته يعيشون ظروفًا معيشية صعبة في مخيم العشّة غرب القنيطرة، وذلك منذ نزوحه قبل شهرين من قرية الدلي شرق بلدة الشيخ مسكين شمال درعا، مبينا أن الخيمة صغيرة و«بالكاد تسَعُنا، وتستغرق منّا يوميًا ساعتين من العمل لرصّف محيطها وتثبيتها لمنع اقتلاعها بسبب الأحوال الجوية السائدة، فالأمطار التي تهطل بغزارة في المنطقة تحوّل المخيم إلى بركةٍ من الوحل».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».