عون يعول مجددًا على دعم زعيم «المستقبل» لترشحه للرئاسة بعد تعذر إقناع جعجع

حركة الحريري الأخيرة هدفها إنجاز انتخاب رئيس للبلاد

ميشال عون
ميشال عون
TT

عون يعول مجددًا على دعم زعيم «المستقبل» لترشحه للرئاسة بعد تعذر إقناع جعجع

ميشال عون
ميشال عون

قرر رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» الزعيم المسيحي النائب ميشال عون أن يفتح كل الجبهات الحوارية في آن، سعيا وراء هدفه الأوحد حاليا بانتخابه رئيسا للجمهورية. فبعد تعذّر إقناع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع بتحقيق تفاهم مسيحي - مسيحي يقضي بالتوافق على عون رئيسا، عاد الأخير مجددا لمحاولته القديمة الجديدة الحصول على دعم رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لتحقيق غايته.
وكان اللقاء الذي جمع الزعيمين في دارة الحريري وسط بيروت مساء الأربعاء الماضي، محط أنظار الحلفاء والخصوم على حد سواء، كونه جاء بمبادرة من الحريري في الذكرى الـ80 لمولد عون، فيما بدا أنها خطوة لإعادة تفعيل الحوار بين عون والحريري الذي كان انطلق بوقت سابق واصطدم برفض عون التخلي عن شعار «أنا أو لا أحد للرئاسة»، اقتناعا منه بأنّه الأكثر تمثيلا على الساحة المسيحية نيابيا وشعبيا.
وقالت مصادر بارزة في تيار «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري مستمر في «حواره المثمر» مع عون، ووصفت أجواء اللقاء الأخير معه ليل أول من أمس، بأنها «إيجابية للغاية». وأشارت المصادر إلى أن الحريري انفتح على الجميع، ومستمر في انفتاحه، طالما أنه لمصلحة البلاد.
وقالت إن حواره مع عون أثمر في حكومة الرئيس تمام سلام ما لم تستطع الحكومات التي كان لقوى «14 آذار» فيها الغالبية المطلقة، تحقيقه، حيث إن عون كان متجاوبا للغاية في الكثير من الملفات ومنها التعيينات الأخيرة التي أجرتها الحكومة والتي كان اعتراض عون فيها على ما قدمناه أقل من 1 من 10. واستغربت المصادر كيف تقوم قائمة الكثيرين، في كل مرة يتحاور فيها التيار مع أحد الفرقاء اللبنانيين، بينما تجري الحوارات على قدم وساق في أماكن أخرى.
ورسمت المصادر عنوانا وحيدا لحركة الحريري الأخيرة في بيروت وهو «التمكن من انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد الحياة إلى موقع الرئاسة الشاغر منذ 25 مايو (أيار) 2014». وأوضحت أن الحوار مع عون مثمر في كل الاتجاهات، مع بقاء الخلاف في ملف رئاسة الجمهورية، وهو أمر لا يمكن أن نكون فيه منفردين، كونه يحتاج إلى إجماع وطني عموما، ومسيحي تحديدا.
وبينما أصرّ نواب المستقبل على وضع اللقاء في خانة الاجتماعات التي يجريها زعيم التيار مع القوى السياسية بعيد عودته إلى بيروت يوم السبت الماضي والتي تندرج في إطار سياسة الانفتاح التي ينتهجها، يحاول نواب وقياديو عون ربطها بقدرة زعيمهم على التلاقي مع كل الفرقاء دون استثناء، ما يشكل عنصر قوة برأيهم يوجب انتخابه رئيسا.
وهو ما عبّر عنه القيادي في تيار عون، ماريو عون الذي أشار إلى أن الحوار مع تيار المستقبل لم يتوقف يوما لكن نمطه كان يتغير بين الحين والآخر، لافتا إلى أن «القدرة التي يمتلكها عون على التواصل مع الجميع في الداخل وإقليميا لا يمتلكها جعجع، إضافة إلى صفته التمثيلية للمسيحيين ما يوجب علينا التوقف عن تضييع الوقت خاصة أن الرئيس موجود ومعروف».
وحثّ عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» باقي الفرقاء على «فك ارتباطاتهم بالدول الإقليمية المحيطة والعودة إلى ضمائرهم لحسم أمرهم والتوجه لانتخاب عون»، مشددا على أن الحديث عن أن ملف الرئاسة بات بين يدي الخارج «كذبة كبيرة لا تمر على أحد».
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري حدّد موعدا لجلسة 20 لانتخاب رئيس للجمهورية بعد تعذر تأمين النصاب القانوني في الجلسات الـ19 السابقة نظرا لإصرار قوى 8 آذار وعلى رأسها حزب الله وتكتل عون على مقاطعة جلسات انتخاب الرئيس مشترطة تحقيق توافق مسبق على اسمه.
ورجّحت مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله أن تستمر الأزمة الرئاسية على ما هي عليه إلى «أجل غير مسمّى»، مؤكدة تمسكها بترشيح عون «كونه الأحق بالموقع، فهو الأكثر تمثيلا شعبيا ونيابيا للمسيحيين». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الكلمة الأخيرة في هذا الاستحقاق هي للعماد عون، ونحن سنسير بما يقرره هو».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.