مصر تخفض سقف مطالبها في مجلس الأمن بعد دعوة الغرب لحل سياسي في ليبيا

المجموعة العربية تدعو إلى رفع الحظر عن تقديم السلاح للحكومة الشرعية

أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون يستقبل وزير خارجية ليبيا محمد الهادي الدايري بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون يستقبل وزير خارجية ليبيا محمد الهادي الدايري بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

مصر تخفض سقف مطالبها في مجلس الأمن بعد دعوة الغرب لحل سياسي في ليبيا

أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون يستقبل وزير خارجية ليبيا محمد الهادي الدايري بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون يستقبل وزير خارجية ليبيا محمد الهادي الدايري بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)

خفضت القاهرة سقف مطالبها من مجلس الأمن بعد إعلان القوى الغربية بشكل ضمني رفضها دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تدخل دولي في ليبيا وتأكيدها أن الحل السياسي هو الأفضل حاليا.
وفي جلسة لمجلس الأمن عصر أمس في مقر الأمم المتحدة، طالب وزير الخارجية الليبي محمد الهادي الدايري برفع حظر السلاح الدولي على بلاد، كي تستطيع ليبيا الدفاع عن نفسها في وجه المجموعات المسلحة. وعاتب الدايري المجتمع الدولي، قائلا أن «الاهتمام الأممي في ليبيا» لم يكن بالمستوى المطلوب.
وبدوره، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي حضر الجلسة، أن هناك ضرورة للتوصل الى حل سياسي في ليبيا، مع مواجهة «تيارات التطرف التي احتلت طرابلس» والمؤسسات العامة في ليبيا. وأبدى شكري دعم مصر لـ«جهود الحل السياسي برعاية الأمم المتحدة»، ولكنه شدد على ألا يشمل هذا الحل إلا «الأطراف الليبية التي تنبذ العنف والإرهاب وتلتزم بذلك».
طالب السيسي أول من أمس في مقابلة بثتها إذاعة «أوروبا 1» الفرنسية بتدخل دولي في ليبيا، معتبرا ردا على سؤال أنه «ليس هناك خيار آخر» لإخراج ليبيا من الفوضى التي تسودها منذ إسقاط نظام معمر القذافي في عام 2011، وحمل ضمنا الدول الغربية التي تدخلت في ليبيا مسؤولية هذه الفوضى قائلا إن «أصدقاءنا الأوروبيين لن يتمموا المهمة في هذا البلد».
وقال مسؤولون مصريون طلبوا عدم ذكر أسمائهم لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «الدبلوماسية المصرية تدرك موازين القوى الدولية لذلك فإنها لن تطلب تضمين مشروع القرار الذي سيعرض على مجلس الأمن بعد ظهر الأربعاء الدعوة لتدخل دولي في ليبيا».
وفي موقف واضح بدا ردا على الرئيس المصري، أكدت حكومات الدول الأوروبية الكبرى والولايات المتحدة في بيان مشترك مساء أول من أمس ضرورة إيجاد «حل سياسي في ليبيا من دون أي إشارة إلى احتمال تدخل عسكري في حال فشلت الجهود من أجل تسوية سياسية».
وقال البيان الذي صدر في روما: إن «اغتيال 21 مواطنا مصريا في ليبيا بصورة وحشية بأيدي إرهابيين ينتمون إلى تنظيم داعش يؤكد مجددا الضرورة الملحة لحل سياسي للنزاع».
وأضاف البيان أن «الإرهاب يطال جميع الليبيين ولا يمكن لأي فصيل أن يتصدى وحده للتحديات التي تواجه البلاد». واعتبرت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا أن تشكيل حكومة وحدة وطنية يشكل الأمل الأفضل بالنسبة إلى الليبيين.
ولفت البيان إلى أن برناردينو ليون الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا سيدعو في الأيام المقبلة إلى سلسلة اجتماعات بهدف التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، مؤكدا أن أولئك الذين لن يشاركوا في عملية المصالحة هذه سيتم استبعادهم من الحل السياسي في ليبيا.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية في بيان أمس إن «مصر تريد من مجلس الأمن أن يتحمل مسؤولياته إزاء الوضع المتدهور في ليبيا بما في ذلك مراجعة القيود المفروضة على إمدادات السلاح للحكومة الشرعية وفتح المجال أمام دول المنطقة لدعم هذه الحكومة». ولم يشر بيان الخارجية المصرية إلى أن مصر طلبت تضمين مشروع قرار مجلس الأمن دعوة للتدخل الدولي في ليبيا.
وأضاف البيان أن شكري أكد ضرورة «اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته إزاء الوضع المتدهور في ليبيا بما في ذلك النظر في إمكانية رفع القيود المفروضة على تزويد الحكومة الليبية بصفتها السلطة الشرعية بالأسلحة والموارد اللازمة لاستعادة الاستقرار والتصدي للإرهاب».
وتابع البيان أن «شكري، الذي التقى أول من أمس سفراء الصين، الرئيس الحالي لمجلس الأمن، وفرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وإسبانيا، وماليزيا، وتشيلي، وأنغولا» في مجلس الأمن، طلب كذلك «تضمين قرار مجلس الأمن إجراءات مناسبة لمنع وصول الأسلحة بصورة غير شرعية للجماعات المسلحة والإرهابية».
وشدد الوزير المصري خلال اللقاءات على «إتاحة الفرصة للدول الإقليمية الراغبة في دعم جهود الحكومة الليبية لفرض سلطتها واستعادة الاستقرار وأداء المهام الموكلة إليها كأي حكومة شرعية منتخبة»، بحسب البيان.
وتعترض القاهرة على مساواة حكومة طبرق بالميلشيات الليبية والمجموعات المسلحة الأخرى في البلاد.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية بدر عبد العاطي لوكالة الصحافة الفرنسية «لا يعقل أن يتم حظر تصدير السلاح إلى الحكومة الليبية المعترف بها دوليا ومعاملتها على قدم المساواة مع المجموعات المسلحة والميليشيات الأخرى، فهذه حكومة جاءت بانتخابات حرة».
كما لا تتفهم السلطات المصرية كذلك أسباب تردد الدول الغربية في تمديد نطاق عمل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلى ليبيا.
وقال عبد العاطي إن «التحرك المصري في الأمم المتحدة يهدف كذلك إلى مطالبة التحالف الدولي ضد (داعش) بعدم الكيل بمكيالين، فلا يعقل التعامل مع (داعش) في سوريا والعراق بقوة وحزم في حين يتم غض الطرف عن (داعش) في ليبيا».
وكانت القاهرة بدأت تحركا سريعا في الأمم المتحدة وطلبت عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن حول ليبيا بعد إعلان تنظيم داعش في هذا البلد إعدام 21 رهينة مصريا مسيحيا في شريط فيديو تضمن مشاهد مروعة أثارت غضبا واسعا في مصر. وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أن المجموعة العربية في الأمم المتحدة ستتقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الأربعاء يطالب برفع الحظر عن تقديم السلاح للحكومة الشرعية في ليبيا.
وقال المتحدث إن «مشروع القرار، الذي تقدم به الأردن إلى مجلس الأمن باسم المجموعة العربية، يشير إلى أن الهدف من رفع الحظر عن الحكومة الليبية المعترف بها دوليا هو تمكينها من أداء مهامها في محاربة الإرهاب». كما يدعو مشروع القرار، بحسب المتحدث، إلى «تشديد الرقابة بحرا وجوا لمنع وصول الأسلحة إلى الميليشيات المسلحة». وأضاف أنه «بعد انتهاء المشاورات التي أجراها وزير الخارجية المصري مع أعضاء مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة ووزير خارجية ليبيا، عقد اجتماعا مع سفراء المجموعة العربية في نيويورك وطرح عليهم العناصر التي يتعين تضمينها في مشروع القرار المزمع تقديمه باسم المجموعة العربية لمجلس الأمن في جلسته الطارئة اليوم». وتابع المتحدث أن «المجموعة العربية تبنت خلال هذا اللقاء مشروع القرار بالعناصر التي تقدمت بها مصر بما في ذلك المطالبة برفع الحظر عن تقديم السلاح للحكومة الشرعية لتمكينها من أداء مهامها في محاربة الإرهاب، بالإضافة إلى تشديد الرقابة بحرا وجوا لمنع وصول الأسلحة إلى الميليشيات المسلحة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.