وعود العبادي بين مطرقة الضغوط الشيعية وسندان المطالب السنية

قيادي في اتحاد القوى العراقية: لا بد من التفريق بين الحقوق والاستحقاق

وعود العبادي بين مطرقة  الضغوط الشيعية وسندان المطالب السنية
TT

وعود العبادي بين مطرقة الضغوط الشيعية وسندان المطالب السنية

وعود العبادي بين مطرقة  الضغوط الشيعية وسندان المطالب السنية

في حين يفرّق عضو الهيئة السياسية لاتحاد القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) ووزير الزراعة العراقي السابق عز الدين الدولة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بين ما يسميه «الحقوق التي هي مطالب أهل السنة المعروفة التي سبق أن تم الإعلان عنها من خلال المظاهرات الجماهيرية في المحافظات الغربية الخمس، وبين الاستحقاق الانتخابي الذي جرى التعبير عنه من خلال المناصب التي احتلها قياديون سنة في البرلمان والحكومة»، انضم زعيم ائتلاف الوطنية ونائب رئيس الجمهورية إياد علاوي إلى المطالبين بأهمية تنفيذ وثيقة «الاتفاق السياسي» التي شكلت الحكومة الحالية التي يرأسها حيدر العبادي بموجبها.
ودعا علاوي، خلال محادثات أجراها مع رئيس البرلمان سليم الجبوري، إلى «ضرورة دراسة مشاريع القوانين، خاصة المهمة والمتعلقة بأمن واستراتيجية الدولة من قبل لجنة موحدة من جميع الأطراف السياسية للوصول لصيغة عادلة تحقق الاستقرار».
وأضاف علاوي أن «مشروع قانون المساءلة والعدالة يحتاج لإعادة نظر بالصيغة الحالية كي لا يبقى الظلم والإقصاء يلازم المواطن البريء من دون وجه حق»، مشددا على «ضرورة تنفيذ الاتفاق السياسي خاصة فيما يتعلق بمشروع المصالحة الوطنية». ودعا علاوي إلى «تحرك واسع من جميع الأطياف لتدارك الوضع المتأزم في البلاد، والتأني في مشاريع القوانين التي من شأنها زيادة التوتر والعمل على صياغة قوانين واضحة وسليمة».
وبالعودة إلى عز الدين الدولة فإنه يرفض اختزال الحقوق «بما حصلنا عليه من استحقاقات هي عبارة عن المناصب المعروفة، مثل رئاسة البرلمان ونيابة رئاسة الجمهورية ونيابة رئاسة الوزراء ونحو 7 وزراء، لأن هناك حقوقا تخص جمهورنا الانتخابي السني، وهذه الحقوق لم يتم تنفيذ معظمها وأهمها، والدليل على ذلك أن ما اتفقنا عليه بالكامل، وهو قانونا الحرس الوطني والمساءلة والعدالة، بدأ يصطدم بنغمة هي ذاتها النغمة القديمة التي دفعنا ثمنها كثيرا طوال السنوات الماضية». ويشير الدولة إلى أن «المرحلة الجديدة التي نعيشها الآن في ظل توافق سياسي وتحديات داخلية وخارجية يفترض أنها تختلف عن المرحلة الماضية، غير أن ما نلاحظه أننا حين تحركنا على القوى السياسية بعد أن لاحظنا تغييرات في مسودتي قانوني الحرس والمساءلة والعدالة فإننا لم نلمس الجدية المطلوبة، بل ما حصلنا عليه حتى الآن لا يتعدى الوعود».
وردا على سؤال عما إذا يدفع رئيس الوزراء حيدر العبادي فاتورة الخلافات السنية - الشيعية - الكردية المتراكمة، وبالتالي يبدو وكأنه بين مطرقة الضغوط الشيعية بعدم التنازل وسندان المطالب السنية، قال الدولة إن «الاتفاقات التي تم التوصل إليها ليست مع الدكتور العبادي كشخص أو حتى كرئيس حكومة، بل هي بين القوى السياسية لا سيما الرئيسة منها، والعبادي هو مرشح التحالف الوطني لرئاسة الحكومة وقد دعمناه وما زلنا ندعمه»، مبينا أنه «في حال وجود ضغوط عليه، فهذا يعني أن شركاءنا في التحالف الوطني هم من بدأوا يتخلون، علما بأنهم يقولون إنهم مع تنفيذ كل الحقوق التي تضمنتها وثيقة الاتفاق السياسي».
من جانبه، أكد محمد الشمري عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه «من المهم أن لا نخشى الخلافات ووجهات النظر في هذه القضية أو تلك طالما أنها في نطاق العملية الديمقراطية وآلياتها، وما نراه حتى الآن من حراك سياسي لا يبتعد كثيرا عن ذلك»، مؤكدا أن «هناك وجهات نظر داخل كل الكتل، سواء كانت اتحاد القوى (السنية) أو التحالف الوطني (الشيعي)، حتى بات لدينا في كل كتلة ما يمكن أن نسميه الثلث المعارض، ولكن ليس بالضرورة المعطل».
وبشأن ما إذا كانت مثل هذه المسائل ستؤثر على سياق ما تم الاتفاق عليه، قال الشمري إن «من الضروري الالتزام من قبل الجميع بما تم الاتفاق عليه، والأهم أن علينا تجاوز المرحلة الماضية التي كانت مرحلة شد وجذب بحيث أهدرنا المزيد من الوقت والجهد والإمكانيات دون نتيجة». وأوضح الشمري أن «كل كتلة من الكتل حصلت على استحقاقها الانتخابي، وبالتالي فإنه نظرا لخطورة المرحلة، فإنه يتوجب على كل كتلة أو مكون أن يرتفع إلى مستوى التحديات». وردا على سؤال بشأن التفريق من وجهة نظر اتحاد القوى العراقية بين الحقوق والاستحقاقات بالمناصب، قال الشمري إن «كل الحقوق التي تضمنتها وثيقة الاتفاق السياسي يجب أن تنفذ ويجب الالتزام بها وعدم التنصل منها، وهي مسؤولية الكتل وليست رئيس الوزراء حصرا».
في السياق ذاته، يرى حسن العلوي المفكر السياسي وعضو البرلمان السابق، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «الصورة تبدو لي بالصيغة التالية وهي أنه يراد للعبادي أن يكون رئيس وزراء لا يحكم، لأنه إذا لم يحكم يحصل الاتفاق وفي حال حكم يحصل الانشقاق»، مضيفا أن «الجميع سواء كانوا كتلا أم مكونات أو قوى ضغط دينية أم سياسية اتفقوا على نقطة واحدة، وهي إبعاد (رئيس الوزراء السابق نوري) المالكي فقط، وكل ما بعد المالكي لم يعد مشكلة بحيث دخل الجميع في مرحلة ما بعد المالكي، التي لها هي الأخرى شروطها وظروفها الجديدة»، موضحا أن «العرب السنة دخلوا شريكا في الحكم حتى حان موعد الاستحقاق الانتخابي، لكن تفتت الخلطة التي تشكلت بموجبها الحكومة بحيث عاد كل طرف إلى عنصره الأصلي، بحيث إنه مثلما هناك معارض سني باسم ورقة الحقوق، فإن المعارض الشيعي له شروطه التي يتعارض بعضها أو ربما الكثير منها مع اتجاهات الحكومة، وهو ما جعل العبادي في وضع صعب بالفعل».
ويتابع العلوي أن «العبادي يبدو الأقرب داخل المنظومة الشيعية إلى المجلس الأعلى (بزعامة عمار الحكيم) بينما المالكي ومجموعته باتت تعمل بالضد من العبادي إلى الحد الذي باتت تستثمر حتى الاحتجاجات الجماهيرية التي سببها تركة المالكي بوصفها موجهة اليوم ضد العبادي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.