المشاركون سجلوا ضعف التعاون الأمني بين دول القارة السمراء «منتدى مراكش للأمن» يوصي باعتماد رؤية أفريقية موحدة وشاملة للأمن

دعا إلى تأهيل المصالح الأمنية لمواجهة مخاطر الإرهاب الإلكتروني والكيميائي والبيولوجي

جانب من أشغال الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن» (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
جانب من أشغال الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن» (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

المشاركون سجلوا ضعف التعاون الأمني بين دول القارة السمراء «منتدى مراكش للأمن» يوصي باعتماد رؤية أفريقية موحدة وشاملة للأمن

جانب من أشغال الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن» (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
جانب من أشغال الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن» (تصوير: عبد الرحمن المختاري)

دعا المشاركون في الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن»، التي اختتمت أشغالها مساء أول من أمس، إلى تصدٍ جماعي للحركات الإرهابية في أفريقيا، عبر انخراط دول القارة وفعاليات المجتمع المدني والمنظمات المعنية، وتكثيف التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف لمواجهة التحديات الأمنية، مشددين على أن المظاهر الجديدة لانعدام الأمن تتطلب تعاونا وجهودا موحدة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية للدول والانتباه للفراغات الأمنية، مع احترام سيادة الدول والتعاون الإيجابي.
وسجل المشاركون في بيانهم الختامي الذي توج أشغال المنتدى، والذي تواصل على مدى يومين، أن «وضعية الهشاشة التي تعيشها عدد من دول القارة الأفريقية حولت عددا من المناطق إلى بؤر لانعدام الأمن، بحيث تنعدم فيها جميع مظاهر السيادة ومختلف أشكال المراقبة».
وشدد المشاركون على أن المعطيات الراهنة أظهرت أن «الانفصال، خاصة في جنوب السودان، يشكل دافعا لعدم الاستقرار وعاملا مهددا للأمن»، كما أدانوا «تحويل المساعدات الإنسانية الدولية الموجهة للاجئين الصحراويين في مخيمات تيندوف (جنوب غربي الجزائر)، التي كشف عنها المكتب الأوروبي لمكافحة الغش».
ولاحظ المشاركون في أشغال المنتدى الذي نظم بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، بشراكة مع الفيدرالية الأفريقية للدراسات الاستراتيجية، وعرف مشاركة أكثر من 300 من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين والأمنيين والخبراء، ينتمون إلى 74 دولة ومنظمة، أن «التعاون الأمني بين دول القارة يواجه صعوبات»، لذلك شددوا على أن الوقت قد حان لـ«إرساء رؤية أفريقية موحدة وشاملة للأمن ترتكز على معالجة المشكلات الحقيقية المطروحة، وتأخذ بعين الاعتبار حاجات وخصوصيات كل دولة أفريقية»؛ وألحوا على ضرورة «مضاعفة التعاون بين الدول في سياق من الاحترام والتعاون المتبادل»، منبهين إلى أن «الحركات الإرهابية تتغذى من مناخ الخلافات بين عدد من دول أفريقيا». كما دعا المشاركون إلى «خلق بنيات للوساطة، على شكل مجموعات حكماء إقليمية، يكون بمقدورها إيجاد حلول فعالة لمشكلات أفريقيا والتحكيم بين الدول»، و«تعزيز ومأسسة آليات الوساطة، بتغليب الحلول المتفاوض عليها لتسوية النزاعات السياسية بطريقة سلمية». كما دعوا إلى «مبادرات إقليمية ومحلية لضمان تناغم السياسات والتشريعات من أجل تسهيل التدبير المشترك للموارد الطبيعية المشتركة وتفادي تفجر النزاعات المسلحة».
وشدد المشاركون على «وضع معايير مستعجلة لمواجهة ظاهرة القرصنة في خليج غينيا من خلال التنسيق، سواء بين الدول المعنية، أو تلك المطلة على جنوب الأطلسي»، و«الرفع من مستوى تكوين المصالح الأمنية لمواجهة الجريمة الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني والتهديدات المرتبطة بالإرهاب الكيميائي والبيولوجي». كما أوصوا بـ«وضع آليات للأمن الغذائي في أفريقيا من خلال تأهيل القطاع الفلاحي».
ودعا المشاركون إلى «اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لجميع أشكال تحويل المساعدات الدولية الموجهة إلى السكان الموجودين بمناطق النزاع والتوتر»، داعين إلى «نبذ كل شكل من أشكال الدعم للمجموعات المتمردة والانفصالية التي تهدد السيادة والوحدة الترابية والوطنية لبلدان القارة الأفريقية».
وبخصوص القضية الليبية، شدد المشاركون على «ضرورة دعم مسلسل الحوار وبناء الثقة بين جميع أطراف النزاع تحت إشراف الأمم المتحدة لأجل إنهاء وضعية انعدام الأمن السائدة وصيانة وحدة ليبيا».
ورأى عدد من المتتبعين لأشغال المنتدى أن توصيات البيان الختامي جاءت منسجمة مع قناعات المشاركين واتفاقهم على أن المقاربة الأمنية لا تكفي لوحدها لحل المشكلات الأمنية التي تعرفها القارة.
وأكد محمد بن حمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، أن الدول الأفريقية والمنتظم الدولي مدعوون إلى إرساء أسس مقاربة شمولية تربط بين النمو الاقتصادي والحكامة والتنمية في محاربة تنامي التهديد الإرهابي، مشيرا إلى أن من شأن تقاسم التحديات الإرهابية أن يساهم في إنجاح أي توجه للتصدي للإرهاب.
وشدد بنحمو، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «السؤال المطروح، في الوقت الراهن، يهم الكيفية التي يمكن أن نبلور بها أجوبة على التحديات الأمنية المطروحة»، مبرزا أن «مواجهة التحديات والتهديدات الأمنية لا تعني بالضرورة الاكتفاء بالمقاربة الأمنية، التي رغم أهميتها تستدعي الانفتاح على مقاربات تهم تحقيق التنمية واحترام حقوق الإنسان وتفعيل الحكامة الجيدة». ورأى بنحمو، أن «التهديدات الجماعية التي تواجه القارة السمراء تتطلب ردا جماعيا وتعاونا منفتحا على الجميع، بدل اعتماد سياسات انفرادية لا تحقق النتائج المرجوة». كما شدد على الحاجة لأن تكون أفريقيا «فضاء للأمن والاستقرار والتنمية بتجنب كل أشكال الفراغات الأمنية التي تنتج الهشاشة».
وعن التوصيات التي تمخض عنها المنتدى، تحدث بنحمو عن «اتجاه إلى خلق وعي جماعي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، والتحسيس بمخاطر التهديدات الإرهابية البيولوجية والكيماوية».
يشار إلى أن المنتدى، الذي نظم في دورته السادسة، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، حول موضوع «أفريقيا في مواجهة التهديدات العابرة للحدود الوطنية واللامتماثلة»، ناقش عدة مواضيع، أبرزها «نقاط الضعف الأمنية في شمال أفريقيا وتطور التهديدات العابرة للحدود الوطنية واللامتماثلة»، و«الساحل والصحراء.. نزاعات لم تخمد جيدا أو خطر دورة جديدة من العنف»، و«بؤر الانفصال والتمرد.. مناطق رمادية في فضاء الساحل والصحراء غير المستقر»، و«تحديات الأمن البحري في المتوسط والقرن الأفريقي وجنوب الأطلسي (القرصنة والإرهاب)»، و«الأوبئة (إيبولا وغيرها).. تهديدات للأمن الصحي في أفريقيا»، و«التهديدات الصاعدة.. رهانات متعددة ومتطورة ومعقدة (مخاطر تهديدات الإرهاب الكيميائي والبيولوجي وغيرها)»، و«المقاتلون الإرهابيون الأجانب.. تهديد جديد للأمن الدولي»، و«أفريقيا في مواجهة الجريمة الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني»، و«ليبيا.. ما هي الآفاق؟».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».