11 مرشحا لخلافة كرزاي يبدأون حملاتهم غدا وسط تصاعد العنف

السباق الرئاسي الأفغاني غير محسوم.. وصعوبات كبيرة تواجه تنظيم التجمعات الدعائية

* عمال يعدون ملصقات دعائية لمرشحين لانتخابات الرئاسة في مطبعة بكابل أمس (رويترز)
* (من اليمين الى اليسار ) عبد الله عبد الله - أشرف غاني - عبد القيوم كرزاي - عبد رب الرسول سياف - زلماي رسول
* عمال يعدون ملصقات دعائية لمرشحين لانتخابات الرئاسة في مطبعة بكابل أمس (رويترز) * (من اليمين الى اليسار ) عبد الله عبد الله - أشرف غاني - عبد القيوم كرزاي - عبد رب الرسول سياف - زلماي رسول
TT

11 مرشحا لخلافة كرزاي يبدأون حملاتهم غدا وسط تصاعد العنف

* عمال يعدون ملصقات دعائية لمرشحين لانتخابات الرئاسة في مطبعة بكابل أمس (رويترز)
* (من اليمين الى اليسار ) عبد الله عبد الله - أشرف غاني - عبد القيوم كرزاي - عبد رب الرسول سياف - زلماي رسول
* عمال يعدون ملصقات دعائية لمرشحين لانتخابات الرئاسة في مطبعة بكابل أمس (رويترز) * (من اليمين الى اليسار ) عبد الله عبد الله - أشرف غاني - عبد القيوم كرزاي - عبد رب الرسول سياف - زلماي رسول

يبدأ المتسابقون الأحد عشر المرشحون لخلافة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، اعتبارا من يوم غد، حملاتهم الانتخابية، في حين ما زالت بلادهم تشهد أعمال عنف وتدخل مرحلة من الغموض مع اقتراب انسحاب قوات الحلف الأطلسي.
وستدشن هذه الانتخابات غير المحسومة نتائجها التي تجري جولتها الأولى في الخامس من أبريل (نيسان) المقبل، صفحة جديدة في تاريخ أفغانستان مع نهاية عهد كرزاي الحاكم منذ الإطاحة بنظام طالبان في 2001 والذي منعه الدستور من الترشح لولاية ثالثة.
وتستمر الحملة الانتخابية شهرين وسط اضطرابات أمنية بعد تصاعد الهجمات على كابل خلال الشهر الماضي. وعلى الرغم من أن قائد حركة طالبان الملا عمر لم يهدد مباشرة الاقتراع، فإن قياديين كبارا في الحركة لمحوا إلى عزمهم استهداف الاقتراع. وذكر وحيد وفاء الخبير في جامعة كابل أنه «سيكون من المستحيل أن ينظم المرشحون حملة عادية»، مشيرا إلى أن الأجواء الحالية أكثر توترا من حملة الانتخابات الرئاسية في 2009 التي تخللتها أعمال عنف وعمليات تزوير، مؤكدا أنه «في 2009 كان بإمكان المرشحين لقاء الناخبين لأن مسلحي طالبان لم يكونوا قادرين على التحرك بسهولة كما يفعلون اليوم». وخلافا لسنة 2009 التي كان فيها كرزاي يعد الأوفر حظا، تبدو الانتخابات غير محسومة تماما ويتوقع أن تنتهي بجولة ثانية في نهاية مايو (أيار).
ومن بين المرشحين الأحد عشر يبدو المعارض عبد الله عبد الله، وزير الخارجية السابق الذي كان من رفقاء سلاح القائد الراحل أحمد شاه مسعود الذي قاتل طالبان، الأوفر حظا للفوز بالانتخابات. وقد يثأر لنفسه من نتيجة انتخابات 2009 عندما انسحب من الدورة الثانية بدلا من التنافس مع كرزاي احتجاجا على عملية تزوير مكثفة.
ويتنافس أيضا في هذه الانتخابات أشرف غاني وزير المالية السابق وقيوم كرزاي شقيق كرزاي الأكبر وزلماي رسول وزير الخارجية السابق وعبد رب الرسول سياف وهو أحد قادة المجاهدين البارزين ضد السوفيات في الثمانينات.
وتعد هذه الانتخابات اختبارا لاستقرار البلاد ومستقبلها والتدخل الأجنبي الذي أنفقت خلاله طيلة 12 سنة مليارات الدولارات من المساعدات، لكن المباحثات الحالية حول الاتفاق الأمني الثنائي بين واشنطن وكابل قد تحجب النقاش السياسي. وقد يفتح هذا الاتفاق الذي كان موضع نقاش صعب طيلة أشهر بين الحليفين، المجال أمام إبقاء عشرة آلاف جندي أميركي في أفغانستان، بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي (58 ألف جندي) المقرر نهاية السنة الجارية. وفاجأ الرئيس كرزاي واشنطن في نهاية 2013 بإعلانه أن التوقيع على الاتفاق الأمني الثنائي لن يجري قبل الانتخابات الرئاسية وبشروط.
وتهدد الولايات المتحدة التي تقول إن صبرها نفد إزاء هذا الرجاء، بعدم نشر أي جندي في البلاد بعد 2014 وترك القوات الأفغانية وحدها في مكافحة المتمردين. وتضم القوات الأفغانية 350 ألف عنصر لكنها لا تزال ضعيفة. وأعرب عبد الله عبد الله مؤخرا عن الأسف، مؤكدا أن «هذه المسألة تقلق الأفغان في حين أن ما يريدونه هو انتخابات سليمة». وأضاف «من مصلحة أفغانستان التوقيع على الاتفاق الأمني الثنائي».
وسيتابع المجتمع الدولي عن كثب هذه الانتخابات الرئاسية، إذ جعل حسن تنظيم الاقتراع من شروط استمرار مساعدته إلى أفغانستان أحد البلدان الأكثر فقرا في العالم. وفي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، شدد رئيس وفد الأمم المتحدة في أفغانستان يان كوبيس على ضرورة تنظيم انتخابات شفافة و«مكافحة التزوير» كي يتمتع الرئيس المقبل بالشرعية الضرورية لممارسة الحكم.

* أبرز المرشحين لانتخابات الرئاسة الأفغانية

* عبد الله عبد الله: ولد من أم طاجيكية وأب بشتوني، أي أهم عرقين في أفغانستان، وكان قد حل ثانيا إثر حملة ناجحة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 2009 بأكثر من 30 في المائة من الأصوات. إلا أنه انسحب من الجولة الثانية احتجاجا، على غرار معظم المراقبين، على عملية تزوير مكثفة، مما مهد لإعادة انتخاب كرزاي تلقائيا. وعبد الله عبد الله (53 سنة) طبيب عيون، ومن أبرز شخصيات المعارضة، وكان ناطقا باسم القائد الراحل أحمد شاه مسعود الذي قاوم الاحتلال السوفياتي ثم نظام طالبان واغتيل في من سبتمبر (أيلول) 2001. تولى منصب وزير الخارجية في حكومة كرزاي.

* أشرف غاني: جامعي واقتصادي محترم دوليا، استقال من مهامه كرئيس اللجنة الانتقالية وهي هيئة حكومية مكلفة الإشراف على العملية الانتقالية الديمقراطية في أفغانستان للمشاركة في الانتخابات الرئاسية. لا يعد من زعماء الحرب السابقين ولم يمتهن السياسة. ويعرف هذا البشتوني (64 سنة) بأنه متصلب الرأي وقد حل رابعا في الجولة الأولى من انتخابات 2009 بنسبة 2.94 في المائة من الأصوات.
تولى هذا الكادر السابق في البنك الدولي، الحائز دكتوراه من جامعة كولومبيا الشهيرة في نيويورك، منصب وزير المالية في حكومة كرزاي بين 2002 و2004.

* عبد القيوم كرزاي: شقيق الرئيس حميد كرزاي الأكبر، رجل أعمال نبيه أدار شبكة مطاعم عائلية في الولايات المتحدة (بالتيمور وسان فرانسيسكو وبوستن). لكن عبد القيوم كرزاي (66 سنة) المتخرج في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، لا يتمتع بالشعبية السياسية التي يتمتع بها شقيقه.

* عبد رب الرسول سياف: بشتوني يعد من أبرز قادة المجاهدين ضد السوفيات في الثمانيات (1979 - 1989)، قبل أن ينضم إلى تحالف الشمال الذي كان يقوده القائد أحمد شاه مسعود خلال الحرب الأهلية (1992 - 1996). كان سياف (70 سنة) يقود ميليشيا اتهمت بارتكاب مجزرة بحق مئات الهزارة الشيعة في كابل في 1993، وفق ما جاء في تقرير أعدته الأمم المتحدة. كما ورد اسم سياف في تقرير لجنة التحقيق الأميركية حول 11 سبتمبر 2001 بأنه «عراب» خالد شيخ محمد العقل المدبر لتلك الاعتداءات والذي يبدو أنه وفر له «تدريبا عسكريا»، وانتخب نائبا في البرلمان في 2005.

* زلماي رسول: يعد زلماي رسول مقربا من الرئيس كرزاي، وهو وزير خارجية سابق متخرج من كلية الطب بباريس ويتحدث الفرنسية بطلاقة وكذا الإنجليزية والعربية والإيطالية. كان زلماي رسول (70 سنة) من أنصار النظام الملكي وسكرتير آخر عاهل في أفغانستان محمد ظاهر شاه في منفاه بروما. وقد يظهر زلماي الذي كان مستشارا للأمن القومي للرئيس كرزاي بين 2003 و2010، بمظهر مرشح التوافق في هذه الانتخابات غير المحسومة.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».