دعا قادة الاتحاد الأوروبي إلى تطبيق إجراءات أكثر صرامة على المسافرين الذين يدخلون منطقة شينغن وإلى تعزيز تبادل المعلومات في إطار استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب. واقترحت إسبانيا تعديل الاتفاق الذي يحكم منطقة شينغن - التي تضم 26 دولة لا يحتاج التنقل بينها إلى تأشيرات - بحيث يسمح بإجراء عمليات فحص على الحدود لمن يشتبه في صلتهم بالإرهاب.
واتفق زعماء الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك صدر في ختام قمة ببروكسل، على ضرورة مساهمة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي في مكافحة التهديدات الإرهابية من خلال المساهمة في حل الأزمات والصراعات الخارجية والتعاون مع الدول في جميع أنحاء العالم حول قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب، وتبنت قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي بيانا حول خطة جديدة لمكافحة الأنشطة الإرهابية والتعامل معها على الصعيدين الداخلي والخارجي الأوروبي. وقال دونالد تاسك رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، بأن القادة اتفقوا على أولويات جديدة في مجال مكافحة الإرهاب، مشددا على ضرورة التوصل إلى اتفاق حول تبادل سجلات المسافرين داخل الاتحاد الأوروبي. ودعا بيان القمة الدول الأعضاء إلى تطبيق إجراءات أكثر صرامة على المسافرين الذين يدخلون منطقة شينغن حرية الحركة والتنقل بتأشيرة أوروبية واحدة، وإلى تعزيز تبادل المعلومات في إطار استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب. وحث بيان القادة الأوروبيين على وضع استراتيجيات لتعزيز التسامح وعدم التمييز، والحريات الأساسية والتضامن في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تكثيف الحوار بين أتباع الديانات. وطالب بالتواصل والتنسيق مع الأمم المتحدة والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وجميع المبادرات الإقليمية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.
وأشار بيان القمة الأوروبية إلى أن المفوضية الأوروبية ستقدم اقتراحا لخطة التحرك الأوروبي الشامل عن الأمن في أبريل (نيسان) المقبل كما سيقدم مجلس الاتحاد الأوروبي تقريرا مفصلا عن تنفيذ هذه التوجهات للقمة الأوروبية في يونيو (حزيران) المقبل.
وخلال الإعلان عن إنشاء جهاز استخبارات أوروبي، إذ إن مسألة الاستخبارات تمس سيادة الدول وتعد خطا أحمر بالنسبة لهم، حيث «من المفيد التعاون على مستوى ثنائي أو ثلاثي بين استخبارات الدول الأعضاء وليس على مستوى 28»، حسب الكثير من المصادر الأوروبية. ولكن الزعماء اتفقوا على تدعيم الآليات الموجودة حاليا مثل جهاز الشرطة الأوروبية (يوروبول)، ومكتب القضاء الأوروبي (يوروجست) لمحاربة ظاهرة التجنيد والمقاتلين الأجانب. كما تم التوافق على ضرورة التصدي لمسألة نشر التطرف عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، دون نسيان أهمية التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية ودول الجوار والدول الشريكة لأوروبا: «وهنا أيضا إشكالية التعامل مع دول لها حساباتها الخاصة بشكل قد لا يلبي الهدف المرجو أوروبيا»، وفق المصادر نفسها.
وترى رئاسة الاتحاد الأوروبي أن الإرهاب عاد للأسف من جديد، ليضرب أوروبا، بعد أحداث لندن ومدريد، وذلك من خلال الهجوم الأخير في باريس، وأحداث أخرى دراماتيكية مختلفة، مما يظهر مدى الضعف الذي تعانيه دول العالم اليوم، وجاء ذلك على لسان دونالد تاسك رئيس مجلس الاتحاد في وقت سابق ببروكسل، وأضاف أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع أن يفعل كل شيء، ولكن يمكن أن يسهم في تعزيز الأمن الأوروبي.
وأشار إلى أنه كرد فعل على أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) بالولايات المتحدة، وضع الاتحاد الأوروبي ما يعرف بأمر التوقيف الأوروبي، ولكن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهد، ولهذا سوف يوجه رئيس الاتحاد نداء للبرلمان الأوروبي لتسريع العمل بإنجاز ما يعرف بنظام تسجيل بيانات الركاب الشخصية، مما يساهم في الكشف عن سفر الأشخاص الخطرين.
واستعرض الزعماء خلال القمة، الاستراتيجية الأوروبية لمحاربة الإرهاب والتطرف، التي أعدتها كل من المفوضية الأوروبية وإدارة العلاقات الخارجية، التي تم التشاور بشأنها على مستوى وزراء الخارجية. وتتضمن هذه الاستراتيجية مسارات متشعبة، تحاول المفوضية من خلالها تحفيز كل إدارتها للتوجه لعمل منسق هدفه محاربة الإرهاب والتطرف، سواء في الداخل أو الخارج بالتعاون مع الدول الشريكة والأطراف الدولية، ويأتي الحديث عن الإرهاب في أوروبا على خلفية هجوم باريس، وكذلك تصاعد حدة أزمات منطقتي جنوب وشرق المتوسط، خاصة التهديد الذي يمثله ما يعرف بتنظيم داعش، وما يجري في سوريا والعراق، وتضع هذه الاستراتيجية، التي تريد بروكسل ضخ مليار يورو إضافية فيها، الاتحاد الأوروبي في الصف الثاني في العمل الدولي لمحاربة الإرهاب: «لن نتخذ مبادرات خاصة بنا، فنحن سنعمل من خلال استراتيجيتنا مع الجميع، خاصة الأمم المتحدة لإدارة ما يحدث في جوارنا»، وفق مصادر متطابقة.
وعلى هامش اجتماعات وزارية أواخر الشهر الماضي في ريغا، قال وزير العدل البلجيكي كوين جينس، بأن الاجتماعات كانت فرصة لتبادل وجهات النظر حول معالجة الإرهاب، مشيرا إلى أن ما حدث في بروكسل مؤخرا من تفادٍ لخطط إرهابية جاء نتيجة تنسيق وتعاون أمني أوروبي مكثف، وجرى خلال الاجتماعات مناقشة إلى أي مستوى يمكن رفع مستوى التعاون الأمني الأوروبي.
وحسب تقارير إعلامية محلية في بروكسل، عرفت الاجتماعات تباينا في المواقف بشأن تعريف الإرهاب وأيضا مصطلح «المقاتلون الأجانب».
وفي هذا الصدد، قال جيل دي كيرشوف منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، إن التعاون الأمني في مواجهة الإرهاب ربما سيكون أفضل لو كان هناك تعريف موحد للإرهاب ولمصطلح «المقاتلون الأجانب»، وخاصة في ظل وجود إجراءات غير متساوية في الدول الأعضاء للتعامل مع هذه الأمور.
وقال وزير العدل البلجيكي بأن بلاده تعمل على توسيع تعريف الإرهاب ليشمل أيضا كل من يسافر إلى الخارج بنوايا إرهابية، وفرض عقوبات مشددة في هذا الصدد من منطلق أن الوقاية خير من العلاج، وقال جينس إن الوزراء اتفقوا على ضرورة التعاون في مجال تبادل المعلومات الأمنية بين الوكالات الأوروبية وناقشوا أيضا مسألة حماية البيانات الشخصية.
وعلى هامش الاجتماعات، شدد جيل دي كيرشوف منسق شؤون مكافحة الإرهاب على أنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن ينخرط أكثر في شمال أفريقيا والشرق الأوسط (جنوب المتوسط)، لمساعدة الدول هناك على تعزيز استجابتها لمحاربة الإرهاب على نحو أكثر فعالية.
وسبق أن أفادت تقارير أوروبية بوجود ما يزيد على 3 آلاف من المقاتلين الأجانب سافروا من أوروبا إلى مناطق الصراعات في الخارج وخاصة سوريا والعراق، وهناك مخاوف من تداعيات عودة هؤلاء على المجتمعات الأوروبية، والخطر الذي يمكن أن يشكلوه.
قمة بروكسل: خطة أوروبية لمكافحة الأنشطة الإرهابية
تعزيز تبادل المعلومات وتشديد الإجراءات على الحدود وتكثيف الحوار بين أتباع الديانات
قمة بروكسل: خطة أوروبية لمكافحة الأنشطة الإرهابية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة