بعد 25 عامًا من وفاته.. نقل جثمان «أوكيلو» من السودان

المفاجأة أن جثة الرئيس الأوغندي وجدت سالمة وكأنه مات أمس

بعد 25 عامًا من وفاته.. نقل جثمان «أوكيلو» من السودان
TT

بعد 25 عامًا من وفاته.. نقل جثمان «أوكيلو» من السودان

بعد 25 عامًا من وفاته.. نقل جثمان «أوكيلو» من السودان

نقلت أمس طائرة «الخطوط الجوية الأوغندية» رفات الرئيس الأوغندي الأسبق الفريق «بازيلو أولارا أوكيلو» بعد 25 عاما من وفاته في العاصمة السودانية الخرطوم عام 1990، لإعادة دفنه رسميا في أرض أسلافه بشمال أوغندا غدا السبت. وبعد استخراج الجثمان يوم أمس وُجد سالما «كأنه دفن أمس»، حسب الطبيب الشرعي السوداني وشهود العيان.
ويعد الجنرال أوكيلو أحد قادة جيش التحرير الأوغندي، وترأس بلاده عقب إطاحته بالرئيس «ميلتون أبوتي» في 27 يوليو (تموز) 1985، وتولّى رئاسة المجلس العسكري الحاكم رئيسا فعليا لأوغندا، قبل أن يفسح مكانه في الرئاسة للجنرال «تيتو أوكيلو»، محتفظا بوظيفته قائدا للجيش، بيد أنه فر إلى العاصمة السودانية الخرطوم إثر استيلاء الرئيس يوري موسيفيني الحكم في 26 يناير (كانون الثاني) 1986.
ومنحته حكومة رئيس الوزراء السوداني الصادق المهدي وقتها حق اللجوء السياسي، وعاش في السودان إلى أن لقي مصرعه في 9 يناير 1990، إثر إصابته بالملاريا، بيد أن دوائر صحافية أوغندية تزعم أنه مات مسموما في ظروف غامضة. ودفن الجنرال أوكيلو في مقابر الصحافة بالخرطوم، بعد رفض أن الرئيس موسيفيني دفنه في بلاده، ومنذ ذلك الوقت ظلت أسرته الممتدة تسعى لاستعادة الرفات ليدفن في مسقط رأسه بإقليم «مادي أوبي» بمقاطعة «بويامو كلان» 500 كيلومتر شمال العاصمة كمبالا، بالقرب من حدود أوغندا مع دولة جنوب السودان.
وقال نجله «شارلز»، الذي عاش معه في السودان، لـ«الشرق الأوسط»، إن جنازة رسمية ستنظم لوالده يشارك فيها نائب الرئيس وقادة الجيش الأوغندي وعدد من كبار المسؤولين، غدا السبت.
بينما قال المحامي السوداني خالد سيد أحمد، لـ«الشرق الأوسط»، إن أرملة أوكيلو «بويامو كلان» فوضته قانونيا لتولي الجوانب القانونية والإدارية المتعقلة بنبش الرفات. وأشار إلى أن السلطات السودانية على عهد حكومة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي كانت قد منحت أوكيلو حق اللجوء السياسي، وعربة ومنزلا في ضاحية جبرة بالخرطوم باعتباره رئيسا سابقا وقائدا عسكريا كبيرا. وأشار إلى أنه توفي بمستشفى السلاح الطبي العسكري بأم درمان إثر إصابته بحمى الملاريا، وارتفاع سكر الدم، ودفن في جنازة بمقابر المسيحيين بضاحية الصحافة.
وحسب المحامي سيد أحمد فإن بعض أفراد أسرة أوكيلو الممتدة عاشوا معه في السودان، وأن ابنه «شارلز» الذي عمل في منظمة أوكسفام بالسودان سيرافق الرفات أثناء عودته إلى مثواه الأخير في أوغندا. ونظمت أسرة أوكيلو مراسم جنائزية تقليدية من التراث الأوغندي الشعبي أثناء استخراج الجثمان.
وقال اختصاصي التشريح السوداني د.عقيل النور سوار الذهب، في تصريحات، إن «الجنرال أوكيلو بدا في تابوته الخشبي وببذلته العسكرية التي لم يسقط منها زر واحد، وكأنه كان نائما أو توفي قبل أيام». وأضاف «استخرجت جثة الفريق بازيلو، فوجدته كمن دُفن قبيل أيام. بدت ملامحه وهيئته كاملة ببذلته العسكرية، حتى إن شعره بدا مصففّا، وهذه هي الحالة الثانية التي تصادفني طيلة عملي. إنها قدرة الله».
وترأس الفريق «بازيلو أولارا أوكيلو» المجلس العسكري الأوغندي الذي كان يقوم بمهام رئيس الدولة 1985، كما عمل رئيسا لهيئة الأركان الأوغندية. بدأ حياته ضابطا في جيش التحرير الوطني الأوغندي (UNLA)، وبمعونة الجيش التنزاني أطاح بحكم الجنرال «عيدي أمين» 1979، ثم قاد جيشا من أفراد قبيلته «الأشولي» 1985، وأطاح بالرئيس «ميلتون أبوتي»، وعقب انقلاب الرئيس يوري موسيفيني في 27 يناير 1986 فرّ إلى الخرطوم وظل لاجئا فيها حتى وفاته في 9 يناير 1990.



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».