الاستخبارات الأميركية سحبت العشرات من ضباطها من اليمن

قطر وعمان ساعدتا في إجلاء العاملين بالسفارة الأميركية

الاستخبارات الأميركية سحبت العشرات من ضباطها من اليمن
TT

الاستخبارات الأميركية سحبت العشرات من ضباطها من اليمن

الاستخبارات الأميركية سحبت العشرات من ضباطها من اليمن

قال مسؤولون أميركيون إن إغلاق السفارة الأميركية في صنعاء أرغم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) على سحب عشرات من ضباطها الذين كانوا يتعاونون مع السلطات اليمنية في مكافحة الإرهاب بما يمثل نكسة لجهود محاربة «القاعدة». لكن مسؤولين آخرين أشاروا إلى أنه ليس كل العاملين التابعين للاستخبارات الأميركية جرى سحبهم، وأنه ستجري محاولة لإعادة ترميم شبكة الاستخبارات الأميركية هناك.
جاء ذلك بعد يوم من سحب موظفي السفارة في صنعاء حيث قال مسؤولون إن طاقم العاملين دمر أسلحة وأجهزة كومبيوتر ووثائق قبل إغلاق السفارة وإجلاء الدبلوماسيين.
وأغلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا سفاراتها، وأجلت الموظفين، بعد تردي الوضع الأمني في اليمن عقب استيلاء مسلحين جماعة الحوثيين على السلطة رسميا قبل أيام.
وكانت تقارير أشارت إلى أن جماعة الحوثيين استولت على سيارات تابعة للسفارة الأميركية، بعد أن غادر السفير والدبلوماسيون البلاد.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن سلطنة عمان وقطر ساعدتا في الإجلاء السريع للدبلوماسيين الأميركيين من اليمن.
وقالت جين بساكي المتحدثة باسم الخارجية إن سيارات السفارة الأميركية المستخدمة في الوصول إلى المطار في صنعاء والتي تم تركها، إلى جانب بعض المعدات «تم الاستيلاء عليها». ولم تحدد بساكي الجهة التي استولت على السيارات والمعدات.
وأفادت تقارير بأن المقاتلين الحوثيين الذين استولوا على السلطة في اليمن صادروا السيارات والأسلحة الخاصة برجال المارينز الأميركيين الذين غادروا مع باقي أفراد البعثة الدبلوماسية الأميركية. ولم تؤكد بساكي الاستيلاء على أسلحة، قائلة: «بوضوح هو أمر غير مقبول».
وأضافت أنه إذا ما كان للولايات المتحدة أن تعود إلى اليمن فإن «احترام الملكية ومنشآتنا» يجب أن يكون أمرا ضروريا. وأوضحت أن الدبلوماسيين الأميركيين غادروا على متن طائرة عمانية خاصة، وأن الحكومة القطرية ساعدت في «تسهيل مغادرتهم بأمان من اليمن».
وشوهدت كثير من السيارات المحتجزة متوقفة في طريق ترابي بينما يقوم مسؤولو أمن ومسلحون من الحوثيين (بعضهم بزي أفراد أمن المطار) بدوريات قرب سيارات أخرى تابعة للسفارة في مرأب السيارات.
وقال محمد عيسى، وهو مسؤول أمني في المطار لتلفزيون «رويترز»، أمس، إن فريقه يعمل بأوامر من الحوثيين، لكنه أضاف أن السيارات ستُعاد.
أردف عيسى تم التحفظ عليها السيارات داخل المطار حتى الآن، وسيتم تسليمها رسميا للأمم المتحدة ولوزارة الخارجية.
وقال سلاح مشاة البحرية في بيان إن القوة الأمنية التابعة له لم يكن معها سوى أسلحتها الشخصية عندما غادرت السفارة إلى المطار، بعد تدمير الأسلحة الأخرى في السفارة.
وحين سُئل متحدث في وقت سابق عما إذا كانت الأسلحة التي أخذها مشاة البحرية إلى المطار قد سُلمت للمقاتلين الحوثيين، قال إن هذا ليس واضحا، ولكن من المعتقد أنهم سلموها لمسؤولين حكوميين في المطار قبل أن يستقلوا الطائرة.
وقال بيان سلاح مشاة البحرية إن القوة سلمت أسلحتها تالفة لدى وصولها إلى المطار.
وأضاف البيان: «كي نكون واضحين.. لم يسلم أي جندي من مشاة البحرية سلاحا لحوثي، أو تم أخذه منه».
وقامت بريطانيا بإجلاء دبلوماسييها من صنعاء، أول من أمس (الأربعاء)، وقالت السفارة الفرنسية لدى اليمن إنها ستغلق أبوابها اليوم وحتى إشعار آخر.
وردا على سؤال حول خطورة وضع رجال السفارة الباقين في صنعاء، قالت بساكي إن الوضع «متفجر على نحو غير قابل للتصديق على الأرض».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.