دي ميستورا يلتقي المعلم.. وتركيا تضغط باتجاه توسعة خطته لتشمل ريف حلب

روسيا تسوق لورقة «مبادئ موسكو».. والزيارة الحالية إلى دمشق مفصلية

المبعوث الدولي للأمم المتحدة يغادر فندقه في العاصمة السورية صباح أمس للقاء المسؤولين السوريين (أ.ف.ب)
المبعوث الدولي للأمم المتحدة يغادر فندقه في العاصمة السورية صباح أمس للقاء المسؤولين السوريين (أ.ف.ب)
TT

دي ميستورا يلتقي المعلم.. وتركيا تضغط باتجاه توسعة خطته لتشمل ريف حلب

المبعوث الدولي للأمم المتحدة يغادر فندقه في العاصمة السورية صباح أمس للقاء المسؤولين السوريين (أ.ف.ب)
المبعوث الدولي للأمم المتحدة يغادر فندقه في العاصمة السورية صباح أمس للقاء المسؤولين السوريين (أ.ف.ب)

لا يبدو أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ينطلق في تحركه الجديد باتجاه دمشق من معطيات ومؤشرات إيجابية قد تسهل مهمته وتطبيق خطته الداعية لتجميد القتال في مدينة حلب، خصوصا وأن الضغوط التي تمارسها تركيا على وجه خاص لتوسيع الخطة لتشمل مناطق ريف حلب، تعطي النظام ذريعة جديدة لرفض السير بالمقترح الدولي، علما أنه غير متحمس أصلا حتى للصيغة الأولى التي عُرضت عليه قبل أشهر بانتظار تبيان الثمن السياسي الذي سيقبضه.
وقد بدأ دي ميستورا جولة جديدة من المشاورات يوم أمس بلقاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ومن المرجح أن يلتقي الرئيس السوري بشار الأسد في الساعات المقبلة.
ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء عن مصادر متابعة لمهمة دي ميستورا، أنه سيتشاور مع المسؤولين السوريين بالخطة نفسها التي قدمها منذ أشهر، وتتعلق بـ«تجميد القتال» انطلاقا من حلب، وسيضع القيادة السورية بالصيغة النهائية التي توصل لها، وهي صيغة معدلة عن سابقتها، وتقترح أن يكون تجميد القتال في أكثر من منطقة في سوريا، وخصوصا الجنوب والوسط بالإضافة إلى حلب.
وقال أمين سر هيئة التنسيق الوطنية السورية في المهجر ماجد حبو، إن تركيا هي التي تسعى لتوسعة الخطة وتدفع باتجاه أن تشمل مناطق ريف حلب ما يؤسس لإقامة ممرات آمنة هناك، معتبرا أن النظام السوري ليس بصدد التجاوب مع هذه الطروحات، كما أنه غير مستعد لتناول الملف الإنساني من دون أن يقبض ثمنه سياسيا.
من جهته، اعتبر أحمد رمضان عضو الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة الحالية لدي ميستورا إلى دمشق مفصلية، خصوصا إذا ثبت النظام اعتراضاته السابقة، مما سيعني وضع حد نهائي لخطة المبعوث الدولي»، مؤكدا أن الائتلاف أبلغه بأنه جاهز للتعامل بشكل إيجابي مع أية طروحات من شأنها الحد من العنف والقتل وتفعيل المسار السياسي، «كما طرحنا أن تكون هناك 3 مناطق آمنة في الشمال والجنوب وفي القلمون». وأضاف: «لكن النظام بالمقابل، يسعى لتعطيل إجراءات بناء الثقة التي من شأنها أن تؤدي لانطلاق عملية الحل السياسي الذي لا يريده الأسد».
وكشفت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، أن أكثر من دولة أبلغتهم بأن خطة دي ميستورا باتت شبه منتهية بعد ما رفض النظام فعليا التعاون معها.
وأعرب المنسق العام لهيئة التنسيق، حسن عبد العظيم عن ترحيبه بالخطة التي يحملها المبعوث الأممي، ورأى أن خطة تجميد القتال هي «خطة متكاملة».
وقال عبد العظيم لوكالة «آكي» إنها تتضمن «تعاون الدول الإقليمية إلى جانب تجميد القتال ووقف إطلاق النار، باتفاقات مُلزمة بإشراف الأمم المتحدة وآليات مراقبة وتنظيم وتسهيل دخول المواد والإغاثة إلى المناطق المحاصرة»، ودعا المعارضة السورية إلى تأييد هذه المبادرة الأممية، مطالبا بأن تشمل الخطة محافظة درعا وريفي دمشق الشرقي والغربي، وهو أمر قالت مصادر متابعة لمهمة دي ميستورا بحسب «آكي»، إن المبعوث الدولي «أضافها لخطته فعلا وسيناقشها مع القيادة السورية». ووفقا لهذه المصادر «هناك خشية عالية أن يرفضها النظام، وهو ما وصل للمبعوث الدولي بأكثر من رسالة، لكن المبعوث سيحاول توضيح وجهة نظره، على أمل أن يكون هناك تجاوب من القيادة السورية، وإن كان الأمل ضعيفا».
ومن المرجح أن تتوجه الأنظار مجددا إلى روسيا التي بدأت تستعد لاستضافة مؤتمر موسكو 2، وهي لهذا الغرض بعثت بورقة «مبادئ موسكو» التي خرج بها المؤتمر الأول، إلى الأطراف الذين شاركوا فيه بهدف مناقشتها ووضع ملاحظاتهم عليها، كي تكون بندا على جدول أعمال اللقاء المرتقب ويتم إقرارها.
وقال حبو الذي شارك في «موسكو 1» لـ«الشرق الأوسط»: «من المتوقع أن ينعقد موسكو 2 في الأسبوع الأول أو الثاني من شهر مارس (آذار) المقبل، لكن وفي حال لم يتم الإعداد الجيد له سيكون مصيره تماما كمصير الاجتماع الأول الذي كان بنظرنا غير ناجح».
واعتبر حبو أن «مبادئ موسكو منحازة للطرف الحكومي، وهي غير صالحة للحياة نهائيا، باعتبارها تؤسس لمرجعية جديدة غير جنيف وهو ما لن نقبل به».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.