القمة المصرية الروسية تضع خارطة عمل جديدة للعلاقات بين البلدين

أجندة السيسي وبوتين تركز على مكافحة الإرهاب واستعادة الأمن في المنطقة

سارية علم مصر بطول 20 مترا بوسط ميدان التحرير كرمز للنصب التذكاري لثورة 25 يناير بوسط القاهرة أمس. وكان ميدان التحرير شهد عمليات نظافة موسعة وكذلك تشجير حديقة مبنى مجمع المصالح الحكومية منذ صباح أول من أمس (رويترز)
سارية علم مصر بطول 20 مترا بوسط ميدان التحرير كرمز للنصب التذكاري لثورة 25 يناير بوسط القاهرة أمس. وكان ميدان التحرير شهد عمليات نظافة موسعة وكذلك تشجير حديقة مبنى مجمع المصالح الحكومية منذ صباح أول من أمس (رويترز)
TT

القمة المصرية الروسية تضع خارطة عمل جديدة للعلاقات بين البلدين

سارية علم مصر بطول 20 مترا بوسط ميدان التحرير كرمز للنصب التذكاري لثورة 25 يناير بوسط القاهرة أمس. وكان ميدان التحرير شهد عمليات نظافة موسعة وكذلك تشجير حديقة مبنى مجمع المصالح الحكومية منذ صباح أول من أمس (رويترز)
سارية علم مصر بطول 20 مترا بوسط ميدان التحرير كرمز للنصب التذكاري لثورة 25 يناير بوسط القاهرة أمس. وكان ميدان التحرير شهد عمليات نظافة موسعة وكذلك تشجير حديقة مبنى مجمع المصالح الحكومية منذ صباح أول من أمس (رويترز)

تبدأ القمة المصرية الروسية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، صباح اليوم الاثنين. وتركز المباحثات على القضايا الإقليمية والدولية خاصة ملف مكافحة الإرهاب و«داعش»، والتطورات المعقدة في ملفات سوريا واليمن وليبيا وفلسطين. كما تشمل أولويات العمل الثنائي الشامل، حيث سيتم الاتفاق على وضع خارطة عمل مشتركة جديدة تكون حاكمة لما يتم الاتفاق عليه، في الجوانب الاقتصادية والأمنية والعسكرية، خاصة أن التحضيرات التي سبقت أعمال هذه القمة وضعت أسس العمل وأولوياته بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.
وتهتم روسيا وكذلك مصر بزيارة الرئيس بوتين، والتي تعد الأولى منذ عشر سنوات. وتنظر روسيا لمصر باعتبارها مركزا لصناعة القرار في الشرق الأوسط وبقعة جيواستراتيجية أساسية في المنطقة، رافضة كل مساعي نقل مركز الثقل التقليدي للمنطقة إلى الأطراف الأخرى، وهي تؤكد هذه النظرة في كل المناسبات. وقد أبدت روسيا موقفا مؤيدا لثورة 30 يونيو (حزيران) وما تلاها من تطورات، بما في ذلك كل محطات خارطة الطريق، كما أكد الرئيس بوتين في مناسبات عديدة احترامه الشديد للرئيس السيسي.
ومن هذا المنطلق، فإن روسيا تؤيد عودة مصر بقوة إلى الساحة الإقليمية والدولية، وتدعم مشاركتها في كل المبادرات الإقليمية، وتقاوم أي محاولة لتهميش الدور المصري، وهو ما برز جليا في الأزمة السورية وأزمة غزة، والذي وصل للمطالبة بضم مصر للجنة الرباعية الدولية لتفعيل دور الأخيرة.
وقد شهدت العلاقات السياسية بين البلدين طفرة عقب ثورة 30 يونيو، تمثلت في تبادل زيارة وزيري الخارجية والدفاع بالبلدين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، وفبراير (شباط) 2014، حيث تم عقد المباحثات السياسية بصيغة «2+2».. وهي الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى فقط هي الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان، بما يدلل على إقرار روسيا بالأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها مصر في سياستها الخارجية.
كما عززت زيارة الرئيس السيسي إلى سوتشي في 12 أغسطس (آب) 2014 من العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، حيث عكست حرص البلدين على تبادل الدعم السياسي على المستوى الإقليمي والدولي في ظل ما يواجهه الطرفان من تحديات خارجية وداخلية تستهدف النيل من الاستقرار السياسي وتهديد الأمن القومي لكليهما، وتشاركهما في رؤية موحدة في مواجهة الإرهاب، وتحقيق مصلحة مشتركة في دعم النمو الاقتصادي في البلدين، والفرص الاقتصادية التكاملية المتوافرة في العلاقة بين البلدين، والتي من شأنها خدمة الأمن القومي بتعزيز قوة الدولة من خلال تقوية وضعها الاقتصادي وقوة مصالحها الاقتصادية مع الأطراف الخارجية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري الأمني.
وعكست المباحثات السياسية بين البلدين وجود تقاطع واضح بين أولويات الأمن القومي المصري وبين اهتمامات ومصالح الجانب الروسي في المنطقة، بما أسهم في إيجاد مساحة كبيرة مشتركة تلاقت فيها الرؤى حيال عدد من الملفات الإقليمية والدولية، كالأزمة السورية وضرورة التوصل إلى حل سياسي لها، ومكافحة الإرهاب وارتباط الظاهرة باستمرار بؤر التوتر بالشرق الأوسط، وخطر تحول تلك البؤر إلى مصدر للإرهاب العابر للحدود، والقضية الفلسطينية وضرورة التوصل لتسوية شاملة وعادلة لها، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل.
وصل حجم التبادل التجاري خلال عام 2013 إلى قرابة ثلاثة مليارات دولار، مثلت الصادرات المصرية منها 441 مليون دولار فقط، والواردات 2.503 مليار دولار. وقد شهدت الصادرات المصرية إلى روسيا خلال عام 2013 ارتفاعا بلغت نسبته نحو 29 في المائة مقارنة بعام 2012، بسبب الارتفاع في تصدير الفواكه والخضراوات. وتمثل المنتجات الزراعية نحو 70 في المائة من حجم التجارة بين مصر وروسيا، حيث تمثل الموالح والبطاطس نحو 75 في المائة من هيكل الصادرات المصرية إلى روسيا، في حين تمثل الحبوب، لا سيما القمح، والأخشاب نحو 65 في المائة من هيكل الواردات المصرية من روسيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».