«جيش الجهاد».. هل هو خلايا نائمة لـ«داعش» في درعا والقنيطرة؟

تنضوي تحت لوائه مجموعات صغيرة معروفة بتوجهها المتطرف

«جيش الجهاد».. هل هو خلايا نائمة لـ«داعش» في درعا والقنيطرة؟
TT
20

«جيش الجهاد».. هل هو خلايا نائمة لـ«داعش» في درعا والقنيطرة؟

«جيش الجهاد».. هل هو خلايا نائمة لـ«داعش» في درعا والقنيطرة؟

منذ الإعلان عن تشكيل «جيش الجهاد» في درعا والقنيطرة، أثار هذا التنظيم الشكوك والمخاوف من أن يكون في حقيقته مجرد خلايا نائمة تتبع لتنظيم داعش وتنتظر الفرصة المناسبة لإعلان مبايعتها له، وهو ما تشير إليه المعطيات المتوافرة عنه لغاية الآن.
وكانت مجموعة من الفصائل ذات التوجه المتطرف أعلنت نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي عن اندماجها تحت مسمى «جيش الجهاد»، وضم كلا من «سرايا الجهاد» و«جماعة جند الإسلام»، و«جماعة أبو بصير لواء ذو النورين»، و«حركة مجاهدي الشام»، و«جماعة شباب السلف»، و«جماعة البنيان المرصوص»، بينما عاد «لواء ذو النورين» الذي تحدث البيان عن انتمائه لـ«جيش الجهاد» ونفى هذا الأمر في بيان أكد فيه أنه لا يزال يقاتل ضمن «جيش الأبابيل».
وعيّن التشكيل الجديد مجموعة من القادة والأمراء الذين سموا بأسماء وهمية لم يسمع بها أحد سابقا ضمن الأوساط العسكرية والإعلامية في درعا والقنيطرة، ومنها الأمير الشرعي لجيش الجهاد ويدعى «أبو علي»، أما منصب الأمير العام لـ«جيش الجهاد» فأوكل لشخص يدعى «أبو يوسف»، بينما تولى أبو تيم منصب القائد العسكري، وعين «أبو جعفر الجولاني» متحدثا رسميا له.
وأكد مصدر إعلامي من درعا لـ«الشرق الأوسط» أن تلك المجموعات المنضوية تحت مسمى «جيش الجهاد» ليست سوى مجموعات قليلة العدد، أكثرها لم يظهر سابقا للعلن، عملت على تجميع عناصرها في الظل. ورغم نفي مبايعتها لتنظيم داعش حسب بيان صدر عنها فإن آيدولوجيتها العقائدية وأهدافها المتطرفة تؤكد تأييدها للتنظيم المرفوض في درعا والقنيطرة بشكل مطلق، كونه يتعارض مع النهج المعتدل لفصائل الجيش الحر في الجبهة الجنوبية من جهة، ولخلافه الجوهري مع جبهة النصرة التي أخذت على عاتقها مهمة قتال «داعش» ومنع انتشاره في الجنوب السوري، بتوجيه من «أبو ماريا القحطاني» أمير «النصرة» المعروف بعدائيته الشديدة لـ«داعش»، من جهة أخرى.
وكشف المصدر أن معظم عناصر المجموعات المنضوية اليوم في «جيش الجهاد» هم من المنشقين عن جبهة النصرة، الذين رفضوا قتال لواء شهداء اليرموك حين اندلعت بينه وبين الجبهة اشتباكات ومعارك على خلفية تأكيدات تثبت مبايعة «شهداء اليرموك» لـ«داعش»، ثم عاد اللواء ونفى ذلك في ما بعد.
من جهته، قال قيادي في الجيش الحر في الجبهة الجنوبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك شكوكا حول توجّهات «جيش الجهاد» واحتمالية أن يكون تابعا لتنظيم داعش. وأكّد القيادي أنّه لم ولن يكون هناك وجود لـ«داعش» في الجنوب، وأنّ الجيش الحر سيقوم بواجباته في هذا الإطار إذا تبين عكس ذلك.
وتنتشر مجموعات «جيش الجهاد» في القطاعين الأوسط والشمالي في درعا والقنيطرة على الحدود مع إسرائيل، بالإضافة لوجود جماعة منها في إنخل، ولا تتجاوز أعداد كل منها العشرات، كجماعة «أبو بصير» التي يقاتل فيها 60 عنصرا، وجماعة «البنيان المرصوص» المؤلفة من 20 عنصرا. بينما تقدر أعداد «سرايا الجهاد» بقرابة 120 عنصرا، وبالتالي ترجح التقديرات ألا يزيد عدد عناصر التنظيم الجديد على 400 عنصر، رغم محاولته تضخيم حجمه بإطلاق مسمى «جيش» على نفسه.
ويحاول «جيش الجهاد»، الذي رفض قياديوه فكرة انتمائهم لـ«داعش»، التأكيد على أنّ عملهم لن يكون مختلفا عن خط فصائل الجيش الحر في هذه المنطقة، وأن يجد لنفسه مكانا على هامش الحرب المندلعة في الجنوب السوري حيث السيطرة بشكل عام للجيش الحر، بغية تثبيت أقدامه وتقوية نفوذه قبل أن يعلن عن وجهته الحقيقية ومبايعته العلنية لتنظيم داعش، وفق مصدر في المعارضة. ومن المعروف أن تلك المجموعات لم تشارك سابقا في أي معارك خاضتها قوات الجيش الحر والفصائل الإسلامية في درعا والقنيطرة ضد قوات النظام، لكنها تحاول اليوم استثمار حالات الانشقاق التي تجري في صفوف جبهة النصرة بعد قتال الأخيرة لواء شهداء اليرموك.
ومن اللافت أن الأعداد القليلة للعناصر المنضوية تحت هذا التنظيم، إضافة إلى غياب المعلومات الواضحة عنها، كانت سببا في عدم صدور ردود فعل من قبل قيادات فصائل الجيش الحر في الجبهة الجنوبية، ولا حتى من قبل «جبهة النصرة» وسواها من التنظيمات المتشددة. واعتبر بعض العسكريين في الجيش الحر في درعا أن هذا التنظيم لا يشكل أي خطر حتى الآن، ويمكن تطويقه والقضاء عليه لو ثبتت فعلا صحة تبعيته لـ«داعش». لكن ومن جهة أخرى تدعو الأعداد المقدرة بـ400 عنصر إلى استشعار خطر تمدد تنظيم داعش واختراقه لأرض حوران في درعا والقنيطرة، بالمقارنة مع بدايات تنظيمات شكلت نفسها في الجنوب السوري ضمن أعداد أقل من هذا العدد بكثير، كتنظيم «الأنصار» الذي اتخذ من منطقة المرج في غوطة دمشق الشرقية مقرا لعناصره البالغ عددهم 70 عنصرا فقط والذي تمكن خلال مدة وجيزة من مضاعفة عدده.



إجماع يمني على تحميل الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية

خلال تجهيز الصواريخ على متن حاملة الطائرات «ترومان»... (الجيش الأميركي)
خلال تجهيز الصواريخ على متن حاملة الطائرات «ترومان»... (الجيش الأميركي)
TT
20

إجماع يمني على تحميل الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية

خلال تجهيز الصواريخ على متن حاملة الطائرات «ترومان»... (الجيش الأميركي)
خلال تجهيز الصواريخ على متن حاملة الطائرات «ترومان»... (الجيش الأميركي)

على الرغم من التزام الجانب الحكومي اليمني الصمت إزاء الضربات الأميركية؛ التي استهدفت مخابئ ومواقع عسكرية للجماعة الحوثية في صنعاء و5 محافظات، فإن ردود الفعل من قِبل الشارع والنشطاء السياسيين أظهرت تبايناً في المواقف بين مؤيد هذه الضربات وآخر يشكك في فاعليتها، لكن آراء هؤلاء تُجمع على تحميل الجماعة الحوثية المسؤولية عن استدعاء مثل هذه الضربات.

وفي حين كانت الضربات هذه المرة مفاجئة وغير متوقعة، فإنها أتت مغايرة لما عرفه اليمنيون من ضربات نفذتها المقاتلات الأميركية طيلة عام كامل رداً على الهجمات المتواصلة للحوثيين على حركة الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وركزت الضربات الجديدة على استهداف مراكز للقيادة والسيطرة، وبعضها استهدف تجمعات لقيادات عسكرية، وثالثة على أجهزة المخابرات، وامتدت رقعة الاستهداف لتصل إلى مواقع تخزين الصواريخ والمسيّرات ومنصات إطلاقها في 6 من المحافظات، وكان لمحافظة صعدة، التي يختبئ فيها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، النصيب الأكبر من الغارات.

ووسط تأكيد سكان في العاصمة اليمنية المختطفة من قبل الحوثيين أن قوة الانفجارات كانت من الشدة بحيث أشاعت حالة من الرعب غير المسبوق، وألحقت أضراراً في عدد من المساكن البعيدة عن المواقع المستهدفة في جنوب غربي المدينة، أظهر نشطاء في مناطق سيطرة الحكومة مواقف متناقضة تجاه تلك الغارات، ففي حين عبروا عن تعاطفهم مع المدنيين، فقد ساندوا «استهداف قادة الحوثيين الذين كانوا السبب في تشريد أكثر من 4 ملايين شخص بانقلابهم على السلطة الشرعية».

لحظة الانطلاق لاستهداف مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
لحظة الانطلاق لاستهداف مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

ويؤكد ناشط يمني يدعى «صالح» أن «بقاء سيطرة الحوثيين على صنعاء وتنفيذهم أجندات خارجية، سيجعل المدينة وبقية المحافظات في شمال البلاد عرضة للاستهداف»، ويقول إن «تجنيب المدنيين أي أضرار؛ سواء في تلك المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفي عموم البلاد، من أي عدوان خارجي يرتبط بالخلاص من الجماعة الحوثية؛ لأنها السبب الرئيسي الذي جلب البوارج وقاذفات القنابل».

جذر المشكلة

يرى نشطاء ومعلقون يمنيون أن «الدعم الإيراني لانقلاب الحوثيين على الدولة، هو جذر المشكلة، وبقاء الانقلاب يعني استدعاء مثل هذه الاعتداءات الخارجية»، ويجزمون بأن «تجنيب اليمنيين كل هذه الويلات مرتبط بتخلي الجماعة الحوثية عن المقامرة واستخدام المناطق التي تحت سيطرتها لتهديد مصالح العالم». ويصفون الحوثيين بأنهم «جماعة منفلتة، أسقطت الدولة، وقوضت قيم التعايش، وانتهكت كل شيء وقع تحت يدها»، ويقولون إنه «آن الأوان كي يتوقف كل هذا».

وكان الناشط السياسي، خالد بقلان، أكثر حدة في رده على الانتقادات التي وجهت للضربات، وقال إنه «لا عدو لليمنيين إلا الحوثي ومن يقف خلفه، وأي طرف دولي أو إقليمي أو محلي يواجه الحوثيين، فأنه معه»، ويضيف: «أنا لا أقبل تبرير أي موقف؛ لأن البلاد في حرب، ومن يتألم على الحوثي، فعليه أن يصطف معه بشكل واضح، دون مواربات أو خداع».

الضربات الأميركية حولت ليل صنعاء إلى نهار (إعلام محلي)
الضربات الأميركية حولت ليل صنعاء إلى نهار (إعلام محلي)

ويتفق معه في ذلك الناشط «هشام»، الذي يقطع بـ«عدم إمكانية وقف الصواريخ الأميركية بالدموع على الضحايا المدنيين ولا بالسخط، ولكن بتوجيه السلاح نحو جماعة الحوثي التي حولت المناطق التي تحت سيطرتها إلى مركز لنشر الإرهاب في عموم المنطقة».

ويقول إن الحوثيين قبلوا بـ«تأجير» صنعاء والمحافظات التي حولها؛ «لمصلحة طهران لتفتعل كل هذه الحرب وكل هذا الدمار»، ويؤكد أنه «باستعادة تلك المحافظات، فلن تكون هناك حاجة لأي دولة كي تقصف أي مكان في البلاد»، ويدلل على ذلك بأن «صنعاء لم تُقصف قبل سيطرة الحوثيين عليها»، ويجزم بأنها لن تُقصف بعد زوال هذه السيطرة.

ومع التشكيك في نجاح الضربات الجوية من دون تحرك بري، يرى ناشطون آخرون أن «هذه الضربات إذا نجحت في منع الحوثيين من استهداف إسرائيل وقيدت الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر، فإنه عندها يمكن القول إن واشنطن حققت نجاحاً فعلياً؛ لأن نجاح العمليات العسكرية وفق رؤيتهم يحتاج إلى تحرك على الأرض، وذلك يتطلب تسليح القوات الحكومية وتوفير خطوط إمدادات، وهو ما لم يحدث حتى الآن».

ويذهب أحد النشطاء، ويُدعى «أنور»، إلى أن «عدم تنسيق واشنطن مع الأطراف الداخلية اليمنية لتنفيذ عمليات برية وبالتزامن مع استهداف الحوثيين بالقصف الجوي لن يؤدي إلى النتائج المرجوة؛ لأن (القصف بالتقسيط) سيكون بمثابة عرض لمساومتهم للتوقف عن تهديد المصالح الخارجية مقابل بقاء سيطرتهم على تلك المناطق».