تواجه الحكومة البريطانية انتقادات بسبب جداول تقييم أداء المدارس وتصنيفها، التي وصفت بأنها «بلا معنى»، وذلك بعد أن أدت خطوات تهدف إلى زيادة القيود على الاختبارات إلى المزيد من المدارس الفاشلة، بحسب تعليقات عدد من العاملين في حقل التعليم المدرسي في بريطانيا.
وبحسب شبكة «بي بي سي» الإخبارية البريطانية، تضاعف عدد المدارس التي أخفقت في تحقيق المعايير الحكومية المتعلقة بدرجات شهادة الثانوية العامة والتقدم، بحيث وصل إلى 330 مدرسة بعد حدوث تلك التغييرات. ويقول مديرو مدارس خاصة وأخرى تابعة للدولة، إن «التغييرات جعلت جداول تقييم الأداء بلا معنى وليست ذات صلة. مع ذلك تصر نيكي مورغان، وزيرة الدولة للتعليم، على أن تلك الجداول لا تزال مهمة».
وتشمل التغييرات زيادة القيود على الاختبارات، ومنع إعادة الاختبار، فضلا عن حذف بعض المواد المهنية والأكاديمية من الجداول. وانتهى الحال بعدد كبير من المدارس الخاصة الشهيرة إلى ذيل جداول المعايير الخاصة بشهادة الثانوية العامة رغم تصدرها جداول المستوى الأول والتحاق عدد كبير من خريجيها بأفضل الجامعات.
وحصلت مدارس عريقة المستوى، على غرار «إيتون» و«هارو» و«وينشستر» و«سانت بول» على تقييم صفر في المائة طبقا لمعايير الحكومة الخاصة بمواد شهادة الثانوية العامة الخمسة، والتي تشمل اللغة الإنجليزية والرياضيات. وتعد المدارس، التي تقل فيها نسبة الطلاب الذين يحققون ذلك عن 40 في المائة، «فاشلة»، بحسب المعايير البريطانية.
ويعود ذلك إلى دراسة الطلبة في بعض المدارس المستقلة نسخا مختلفة من المواد المؤهلة للشهادات، مثل شهادة الثانوية العامة الدولية التي لم يعد معترفا بها في تلك الجداول. كذلك تمت دراسة تلك المواد المؤهلة في الكثير من المدارس التابعة للدولة، والتي كان لتلك التغييرات تأثير عليها.
وأصدرت وزارة التعليم بيانات بأداء المدارس استنادا إلى نتائج اختبارات الصيف الماضي، وتوضح تلك البيانات أنه في المتوسط حقق 56.6 في المائة من الطلبة في المدارس التابعة للدولة في إنجلترا معيار الخمس مواد المؤهلة لشهادة الثانوية العامة، ومن بينها الرياضيات واللغة الإنجليزية. ويمثل هذا تراجعا نسبته 4 في المائة عن عام 2013، حيث حقق 60.6 في المائة من الطلبة في المدارس التابعة للدولة هذا المعيار. لكن يزعم الكثيرون حاليا أن تلك التغييرات جعلت من المستحيل مقارنة تلك النتائج بنتائج الأعوام الماضية.
وبداية من العام الحالي، دخلت محاولة الطلبة الأولى فقط للحصول على مؤهل دراسي ضمن أهداف جدول تقييم الأداء. وكان الهدف من ذلك وضع حد لقيام المدارس بإتاحة فرصة إعادة الاختبار لطلبتها حتى يتمكنوا من زيادة درجاتهم. كذلك تم حصر قائمة المواد المؤهلة في المواد الأكثر أكاديمية على حد قول الحكومة، ويمكن تحديد عدد المواد التي لا تشتمل عليها الشهادة باثنين.
وأثير تساؤل مهم في بريطانيا حاليا جراء تلك التغيرات، هو هل ينبغي على الآباء الثقة في جداول تقييم الأداء بعد كل تلك المزاعم التي تفيد بأنها ضاعت في خضم هذا الارتباك؟ ولطالما كره المدرسون الأوائل والمدرسون بوجه عام تلك الجداول، حيث يرون أنها تختزل جهودا كبيرة في إطار بسيط بساطة مخلة.
وخلال العام الحالي شعر طاقم التدريس بالغضب والاستياء بسبب تعديل المواد المدرجة. وهم يشعرون وكأنهم مديرون فنيون لفرق كرة قدم، الذين يمثلون فئة أخرى في عالم النتائج واجهت تغييرات حدثت لنظام التقييم بالنقاط في جداول تقييم الأداء في منتصف الموسم. ومع ذلك، ينبغي القول إن قدرا من البساطة قد يكون مفيدا بالنسبة إلى الآباء، الذين يحاولون أن يتلمسوا طريقهم وسط غابة البيانات المتشابكة في التعليم الحديث، بحسب تقرير «بي بي سي».
ومن المفيد معرفة عدد الطلبة الذين حصلوا على درجات جيدة في مواد أساسية ومقارنتها بالدرجات في المدارس المحلية الأخرى. لكن قد يكون الأمر الذي ينبغي التعامل معه بقدر من التشكك هو التأثير على المعايير القومية في ظل حصول بعض المدارس المرموقة على درجة صفر في المائة. وقد يمنح المدرسون الأوائل الوزراء تلك الدرجة «المتدنية»، لكن على الأرجح سيستمر الآباء في مراجعة ما يقدمونه من جداول لتقييم أداء المدارس المحلية.
وكانت المدرسة التي حققت أفضل نتائج في شهادة الثانوية العامة هي مدرسة «بيتس غرامر» في شلتنهام بغلوسترشير. وقالت نيكي مورغان، وزيرة الدولة للتعليم، مدافعة عن التغييرات: «ظل ما يقدم للطلبة لفترة طويلة برامج دراسية لا قيمة لها وشعرت المدارس بالضغط تجاه وضع الشباب في الاختبارات قبل أن يكونوا مستعدين لها». وأضافت قائلة: «وحدثت بعض التغييرات في مكانة ووضع بعض المدارس بسبب التخلص من آلاف المواد المؤهلة غير المهمة وحذف إعادة الاختبار من الجداول. مع ذلك يعد إنجاز الشباب أهم من القدرة على التباهي بالدرجات المرتفعة».
على الجانب الآخر، قال ريتشارد هارمان، رئيس مؤتمر نظار المدارس الذي يمثل الكثير من المدارس المستقلة الرائدة، لـ«بي بي سي»، إن «قرار التخلص من شهادة الثانوية العامة الدولية أفقد الجداول معناها». وأضاف: «ستتراجع مرتبة الكثير من المدارس المستقلة التي تتميز بمستواها الرفيع المتقدم في المملكة المتحدة والمدارس الأخرى التي تقدم فرصة الحصول على مؤهلات دراسية ممتازة طبقا لتقييمات الحكومة». وأوضح قائلا: «إن هذا الوضع السخيف الهزلي يزيد ارتباك الآباء حيث لن يتمكنوا من مقارنة أداء المدارس بشكل دقيق وشفاف. وستستمر الكثير من مدارس المؤتمر في تقديم شهادة الثانوية العامة الدولية حيث توضح التجربة أنها مفيدة وتوفر أساسا جيدا للنظام الدراسي ذي الـ6 مراحل».
من جانبه، قال براين لايتمان، أمين عام اتحاد رؤساء المدارس والكليات: «واجهت بعض المدارس مشكلات بسبب التغييرات الكثيرة في جداول تقييم الأداء من خلال الإبقاء على اختبارات لا تحتسب. ورغم ذلك، حصل الأطفال أنفسهم على مجموعة جيدة من المؤهلات. وهذا يطرح تساؤلا بشأن مدى فاعلية جداول الأداء». وأضاف: «روجت الحكومة لتلك المؤهلات بشكل كبير في السنوات الأولى من الائتلاف، لكنهم قرروا الآن أنهم يريدون من الجميع الالتزام بشهادة الثانوية العامة. وتستمر الكثير من المدارس المستقلة في تقديم شهادة الثانوية العامة الدولية ولا تعتزم التوقف عن هذا فسمعتها أهم لديها من جداول تقييم الأداء». وقال إن «بعض المدارس التابعة للدولة قد أخذت على حين غرة»، مضيفا أن الكثيرين كانوا غير راضين بالفعل عن طريقة عرض نتائجهم في بيانات الحكومة. والآن دشن الاتحاد جداول أداء جديدة تهدف إلى تقديم صورة أكثر شمولا.
وقال متحدث باسم وزارة التعليم: «في إطار خطتنا الخاصة بالتعليم، نحن نجعل شهادة الثانوية العامة أكثر طموحا، ونضعها في مصاف أفضل شهادات في العالم من أجل إعداد الطلبة لخوض غمار الحياة في بريطانيا الحديثة. لقد أدخلنا على النظام تغييرات مهمة تفوق النتائج السلبية المترتبة عليها؛ فقد تخلصنا من المؤهلات التي لم تكن ذات قيمة كبيرة ونعمل على ضمان خضوع الطلبة للاختبار عندما يكونون مستعدين لذلك».
وأوضحت وزارة التعليم أنه في بعض المدارس المستقلة استمر حصول الطلبة على مؤهلات لا تخضع للنظام الرسمي الحكومي، مثل شهادة الثانوية العامة الدولية، وبالتالي لم تحتسب في تقييمات الأداء ولم تدخل ضمن مؤهلات الشهادة الرسمية.
وزاد تأثير هذا الأمر خلال العام الدراسي 2013 - 2014 بانتهاء المهلة الممنوحة للعمل بمجموعة من الشهادات الدولية غير الخاضعة للنظام وبالتالي تم حذفها من النتائج.
وقال كريس كيتس، رئيس الجمعية القومية لمعلمي اتحاد نظار المدارس: «تغير حكومة الاتحاد كل عام النظام الذي يتم على أساسه تقييم أداء المدارس. ومن غير المقبول أن تتعرض المدارس والآباء والأطفال إلى هذا الطقس السنوي السلبي». كذلك أوضح الاتحاد القومي للمعلمين أن المعدل السريع للتغييرات في معايير جداول تقييم الأداء يعني أن التي كانت قصة نجاح بالأمس تصبح قصة فشل اليوم رغم ثبات مكانة ومستوى المدرسة. وقال تريسترام هانت، وزير التعليم في حكومة الظل، إن «الآباء والمراهقين سيشعرون بقلق كبير بسبب هذا الارتباك». وأضاف قائلا: «يستحق الآباء أن يعرفوا بالضبط مستوى أداء المدرسة التي يتعلم بها طفلهم، لكنهم في ظل حكومة يقودها المحافظون لا يحصلون سوى على الارتباك الذي يحيط بنتائج المدارس العام وراء الآخر».
انتقادات شديدة لخطوات الحكومة البريطانية من أجل تطوير الاختبارات
جداول تقييم الأداء تفقد معناها في خضم التغييرات
انتقادات شديدة لخطوات الحكومة البريطانية من أجل تطوير الاختبارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة