يروي أبو أكرم النمراوي أحد وجهاء عشيرة البونمر المحاصرة منذ شهور في جزيرة الثرثار لـ«الشرق الأوسط» البعد الإنساني لمعاناة آلاف العوائل من هذه العشيرة التي قتل تنظيم داعش المئات من أبنائها عند احتلاله قضاء هيت خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2014. وفي الوقت الذي يصف فيه فالح العيساوي نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار وفي تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» الأوضاع في الرمادي بأنها «الآن شبه مستقرة» فإن رؤية المواطن النمراوي تبدو شديدة الخلاف عن طروحات المسؤول المحلي.
النمراوي الذي وجد فرصة لـ«الإفلات» على حد وصفه من «الأوضاع المزرية» في تلك الجزيرة الفراتية بعد أن تم تهجيره إليها بعد احتلال هيت ليجد نفسه مهجرا للمرة الثانية في منطقة قريبة من بغداد يقول إن «الدواعش يحاصرون هذه الجزيرة الواقعة بين بروانة وحديثة دون أن يتمكن أحد من المسؤولين لا في الحكومة المركزية ولا في حكومة الأنبار المحلية من فتح الحصار علينا هناك، الأمر الذي أدى إلى كوارث إنسانية على مستوى الغذاء والدواء».
ويحمل النمراوي «الجهات الرسمية المسؤولية الكاملة عن ذلك لأن طائرتين محملتين بمواد الإغاثة يمكن أن تحل المشكلة وقطعات عسكرية تتكون من بضعة دبابات وهمرات وأفواج من الجنود المدربين يمكن أن تقطع طرق إمدادات داعش». ولدى سؤالنا للنمراوي عن طبيعة الحواضن التي لا يزال يملكها تنظيم داعش والتي تؤمن له كل إمداداته من السلاح والعتاد والرجال؟ يجيب النمراوي إن «حواضن داعش واسعة جدا وتمتد إلى مساحات شاسعة، من راوة (غرب العراق) إلى الموصل (شمال) وهي جزيرة مفتوحة وكلها بيد داعش وهذه المساحات تؤمن لهم ما يريدون من كل شيء».
وبشأن ما أقدم عليه «داعش» من حرق 3 مواطنين في قضاء هيت التي تسكنه غالبية من عشائر البونمر قال النمراوي إن «تنظيم داعش لم يأت بجديد، فقد فعل بنا الأفاعيل وتفنن في عمليات القتل التي مورست ضدنا وبالتالي لا جديد على هذا الصعيد»، مشددا على أنه «في حال بقيت الأمور على ما هي عليه الآن فإن داعش سوف يحرقنا أحياء لأنه بدأ يتجرأ على ذلك». وكان مصدر أمني في محافظة الأنبار أفاد أمس الجمعة بأن تنظيم «داعش» أعدم 3 مدنيين «حرقا» غرب الرمادي بتهمة تزويد القوات الأمنية بتحركات عناصر التنظيم، لافتا إلى أن عملية الإعدام جرت بنفس طريقة إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة في سوريا.
وقال المصدر في تصريح صحافي إن «عناصر تنظيم داعش أعدموا، اليوم 3 مدنيين من أبناء قضاء هيت غرب الرمادي، وذلك بإضرام النار في أجسادهم وهم أحياء»، مبينا أن «عملية الإعدام جرت في إحدى ساحات القضاء وأمام عدد كبير من المواطنين. وأشار المصدر إلى أن «عملية الإعدام جرت بنفس طريقة إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة في سوريا قبل يومين».
على صعيد متصل، وطبقا لما أعلنته مصادر أمنية في مدينة الرمادي أن حظرا شاملا للتجوال فرض على المدينة، الأمر الذي ربطه الكثيرون بإمكانية حصول عملية عسكرية هناك لكن القصة من وجهة نظر فالح العيساوي نائب رئيس مجلس المحافظة تبدو مختلفة، إذ قال إن «الأمر يتعلق فقط بأداء صلاة الجمعة في الرمادي ليس أكثر من ذلك». وبشأن سير العمليات العسكرية في مختلف مناطق الأنبار اكتفى العيساوي بالقول إنها «جيدة ومستقرة نوعا ما».
وفي الوقت الذي لم يتمكن فيه وفد الأنبار العشائري والمحلي الذي زار واشنطن مؤخرا لغرض تأمين الأسلحة من الولايات المتحدة الأميركية، فقد أكد عضو البرلمان العراقي وشيخ عموم عشيرة البونمر غازي الكعود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «سبق لنا أن أكدنا أن الوفد لم يذهب إلى أميركا للتسلح بل للسياحة فقط لأن من ذهب يعلم جيدا أن الولايات المتحدة ومن خلال زيارات مسؤوليها الكبار إلى العراق وفي المقدمة منهم السيناتور جون ماكين ومنسق التحالف الدولي جون ألن أكدوا لهؤلاء وخلال لقاءاتهم معهم في بغداد أنه لا يمكن تأمين السلاح إلى العشائر إلا من خلال الحكومة المركزية»، مشيرا إلى أن «السفارة الأميركية في بغداد هي من أكدت لنا أن سفرتهم سياحية لا أكثر»، متهما الكثير من أعضاء الوفد بانتمائهم إلى جهة سياسية معروفة بالأنبار (في إشارة إلى الحزب الإسلامي) بأنها «هي من جلبت داعش إلى الأنبار وهي من استغلت ساحات الاعتصام لمصالحها الخاصة».
من جهته أكد الخبير الأمني المتخصص هشام الهاشمي الباحث في مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي تمت فيه محاصرة داعش في مناطق كثيرة من قواطع العمليات في صلاح الدين وديالى فإن الأنبار كلها لا تزال بيد داعش حيث إن التنظيم وبسبب حواضنه هناك وهي كثيرة جدا لا سيما في المناطق الصحراوية غرب الرمادي والجزيرة شمال شرقها فإنه لا يزال قادرا على التقدم»، موضحا أن «المشكلة التي تعاني منها كل من بغداد وواشنطن أنه من الصعب مسك الأرض المترامية الأطراف لأن أي قطعات عسكرية يمكن أن توجد هناك لا بد أن تكون مدربة على حرب العصابات وإلا فإنها سوف تكون عرضة لهجمات التنظيم الذي يجيد هذا النوع من الحرب».
شيخ {البونمر} لـ {الشرق الأوسط}: وفد الأنبار قام بزيارة سياحية لواشنطن ولم يحقق أي شيء
مصدر أمني: «داعش» أحرق 3 عراقيين أحياء غرب الرمادي بغداد: حمزة مصطفى
شيخ {البونمر} لـ {الشرق الأوسط}: وفد الأنبار قام بزيارة سياحية لواشنطن ولم يحقق أي شيء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة