عاش اليمن أمس أجواء الانقلاب الحوثي بعد إصدار جماعة أنصار الله، الإعلان الدستوري من داخل القصر الجمهوري بصنعاء، وقوبل الإعلان بسخط شعبي ورفض السلطات المحلية والعسكرية في أكثر من محافظة، في حين تفاوتت مواقف الأحزاب السياسية التي فضلت أغلبها الصمت.
وشهدت معظم المدن اليمنية حالة استنفار قصوى بعد ساعات من إعلان الحوثيين، ودعت قيادة عدد من الأقاليم السلطات المحلية والعسكرية والقوى الاجتماعية والقبلية فيها إلى اجتماعها عاجلة للخروج بموقف موحد تجاه ذلك. وخرجت مظاهرات حاشدة رافضه للانقلاب الحوثي في شوارع العاصمة صنعاء، ومدن الحديدة، وتعز، ومدن بجنوب البلاد، أكدت فيها عدم شرعية الانقلاب المسلح وطالبت القوى السياسية والمجتمع الإقليمي والدولي بعدم إعطاء الشرعية للحوثيين والوقوف مع الشعب اليمني ضد هذا الانقلاب.
ورغم إغلاق الحوثيين معظم الشوارع في العاصمة قبيل إصدار الإعلان الدستوري، ونشر المئات من مسلحيهم في الأحياء السكنية، فإن ذلك لم يمنع خروج مسيرة رافضهم لهم نظمها ناشطون وشباب ثورة 2011، وطافت المسيرة بشارع مذبح وشميلة، وطالبوا بإنهاء سيطرة الميليشيات على مؤسسات الدولة، وخرج الآلاف من سكان مدينة تعز إلى الشوارع لرفض الإعلان الدستوري للحوثيين، مطالبين السلطات المحلية والعسكرية في المحافظة بموقف واضح تجاه الانقلاب الحوثي، وقطع علاقتهم بتوجيهات المركز في صنعاء، وفي الحديدة اعتبرت المسيرات الاحتجاجية ما أعلنه الحوثيون غير قانوني ولن يتم التعاطي معه. وأكد بيان صحافي من قيادة الحراك التهامي السلمي، أن ما تقوم به ميليشيات الحوثي المسلحة هو قيادة البلاد نحو الفوضى والحرب الأهلية.
وفي مأرب الغنية بالنفط، قال مصدر في السلطة المحلية لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحافظ سلطان العرادة والقيادة العسكرية دعوا إلى اجتماع عام لمختلف القوى السياسية والقبلية في المحافظة لاجتماع عاجل لتدارس موقف موحد». وأكد المصدر، أن الاجتماع سيعلن رفضه لما أعلنه الحوثيون، وسيتم توجيه قوات الجيش والأمن ومسلحي القبائل برفع الجاهزية القصوى، موضحا أن الاجتماع سيؤكد على تشديد الحماية للمصالح الحيوية للبلاد التي تعتبر ملكا للشعب ككل، مشيرا إلى أن قبائل مأرب استنفرت مقاتليها ونشرت المئات منهم بجميع المنافذ المحيطة بها، ومن المتوقع أن تدعو جميع قبائل اليمن إلى توحيد صفها لمواجهة الحوثيين.
وقد رفض مجلس شباب الثورة السلمية لما سُمي الإعلان الدستوري، واعتبر المجلس، في بيان صحافي صدر أمس، إعلان «اغتصاب لحق اليمنيين في اختيار حكامهم ومصادر لحرياتهم ومستقبلهم». وعد البيان «العاصمة صنعاء مدينة محتلة من قبل ميليشيات مسلحة طائفية اغتصبت السلطة وقوضت الدولة اليمنية»، مشيرا إلى أن كل ما يصدر عنها وما تتخذه من إجراءات باطلة وغير مشروعة وغير ملزمة لبقية المحافظات والأقاليم خارج العاصمة المحتلة، مطالبا من الشعب اليمني مقاومة هذا الانقلاب بكل السبل.
أما الأحزاب السياسية فقد تفاوتت مواقفها، وأغلبها التزمت الصمت تجاه ذلك، وقال مصدر مسؤول في حزب المؤتمر الشعبي العام، إن قيادة المؤتمر وحلفاءه تتابع باهتمام بالغ التطورات على الساحة الوطنية، وذكر أنهم في حالة انعقاد لمتابعة آخر التطورات، أما حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري فقد دعا لاجتماع عاجل بعيد ساعات من إعلان الحوثيين، ومن المتوقع أن يعلن موقفه الرافض لذلك، بعد أن أعلن قبل أيام مقاطعته للحوارات مع الحوثيين.
واحتفل مؤيدو الحوثيين بعد ساعات من إعلانهم، وأطلقوا الألعاب النارية والرصاص الحي في الهواء، مستخدمين المواقع العسكرية المحيطة بالعاصمة صنعاء، مستخدمين مدافع مضادة للطيران والرشاشات المتوسطة، ودعت اللجنة الثورية التابعة للحوثيين مناصريها للاحتفال بالإعلان الدستوري الذي اعتبرته ينظم قواعد الحكم في اليمن خلال المرحلة الانتقالية.
من جهة اخرى, انطلقت مسيرات ومظاهرات عقب صلاة المغرب لرفض الإعلان الدستوري واستكمال سيطرة الحوثيين على الحكم في اليمن، وخرجت المظاهرات في صنعاء وعدن وتعز والحديدة وإب، في الوقت الذي علمت فيه «الشرق الأوسط» أن السلطة المحلية في محافظتي (إقليمي) عدن وحضرموت رفضها للإعلان الدستوري وما صدر عن الحوثيين واعتبرته انقلابا كامل الأركان، وأعلنت رفضها للتعامل معه، وذات الموقف اتخذه محافظ مأرب (إقليم سبأ) في شرق البلاد.
وعند الثامنة، من مساء أمس، غطت الألعاب النارية سماء العاصمة صنعاء وبعض المحافظات، وقد أطلق أنصار الحوثي الأعيرة النارية في الهواء احتفالا بما سموه انتصار ثورة 21 سبتمبر (أيلول)، وكشفت مصادر إعلامية يمنية أن معظم المسؤولين الذين حضروا حفل الإعلان الدستوري في القصر الجمهوري بصنعاء، جاءوا تحت التهديد من قبل الحوثيين، وأبرز هؤلاء وزير الدفاع اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، الذي قيل إن القيادي الحوثي أبو علي الحاكم ذهب إلى منزله وأجبره على الحضور إلى القصر الجمهوري.
وشهدت صنعاء، أمس، إجراءات أمنية استثنائية بمناسبة الإعلان الدستوري، حيث قطعت معظم الشوارع الرئيسية والفرعية المؤدية إلى القصر الجمهوري، وازداد عدد النقاط الأمنية وإجراءات التفتيش.
وحذر كثير من الأوساط السياسية اليمنية من تشظي اليمن جراء هذه الخطوة التي أقدم عليها الحوثيون، وتمرد وخروج الأقاليم والمحافظات عن طوع المركز (صنعاء). وقال محللون سياسيون لـ«الشرق الأوسط» إن الساعات المقبلة ستشهد تبلورا للمواقف السياسية والحزبية والاجتماعية والشعبية إزاء التطورات الجارية في العاصمة صنعاء، وحذر المراقبون من إفراط الحوثيين في استخدام القمع والعنف ضد معارضيهم السياسيين بعد هذا الإعلان.
واعتدى مسلحو الحوثي على مظاهرة مناهضة لهم بصنعاء والحديدة مساء أمس. واختطفوا 5 ناشطين في صنعاء بينهم إعلاميون وصحافيون إلى معتقلات مجهولة.
الشارع اليمني يشتعل رفضًا للإعلان الدستوري
استنفار في مأرب وصمت سياسي وألعاب نارية للمؤيدين
الشارع اليمني يشتعل رفضًا للإعلان الدستوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة