الأمم المتحدة تعلن اتفاق «حوار جنيف» على الانتقال إلى داخل ليبيا

شريطة توفر الظروف اللوجيستية والأمنية

موظف في معمل الصلب والحديد الليبي يعرض شظايا من صاروخ أطلق في غارة جوية على مدينة مصراته (رويترز)
موظف في معمل الصلب والحديد الليبي يعرض شظايا من صاروخ أطلق في غارة جوية على مدينة مصراته (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تعلن اتفاق «حوار جنيف» على الانتقال إلى داخل ليبيا

موظف في معمل الصلب والحديد الليبي يعرض شظايا من صاروخ أطلق في غارة جوية على مدينة مصراته (رويترز)
موظف في معمل الصلب والحديد الليبي يعرض شظايا من صاروخ أطلق في غارة جوية على مدينة مصراته (رويترز)

كشفت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، أمس، النقاب عن أن المشاركين في الحوار السياسي الليبي وافقوا مبدئيا على نقله من مقره في مدينة جنيف السويسرية إلى داخل ليبيا، شريطة توافر ما وصفته بالظروف اللوجيستية والأمنية.
وقالت البعثة في بيان لها إن المشاركين في الحوار قد أوكلوا إليها مهمة بدء مشاورات مع الأطراف حول مكان الحوار السياسي، موضحة أن الأطراف المتحاربة في ليبيا التي تدير حكومتين متنافستين اتفقوا من حيث المبدأ على إجراء محادثات مستقبلية لإنهاء الأزمة في البلاد ونقل المفاوضات بعيدا عن جنيف.
وناشدت البعثة جميع الأطراف الانضمام إلى المباحثات بروح منفتحة وبناءه، مشيرة إلى أن المشاركين في الجولة الثانية من حوار جنيف أعربوا عن قلقهم البالغ إزاء الأوضاع الأمنية السائدة في مناطق مختلفة، وأدانوا بشكل خاص الهجوم الذي وقع أخيرا في طرابلس أثناء اجتماعهم في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
من جهته، أعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، إنهاء تعليقه للمشاركة في الحوار الذي قاطع جلستيه الأولى والثانية على التوالي في جنيف.
وقال البرلمان الذي لا يحظى بأي اعتراف دولي؛ لكنه يسيطر بدعم من الميليشيات المسلحة على العاصمة الليبية طرابلس منذ أغسطس (آب) الماضي، في بيان تلاه صالح المخزوم النائب الثاني لرئيسه، إنه يؤكد على «مشاركته الفاعلة والجدية في جلسات الحوار المزمع عقدها بأي مدينة ليبية يتم الاتفاق عليها وفق الثوابت التي أعلن عنها المؤتمر في بياناته السابقة».
وجدد المؤتمر تمسكه مع ذلك بـ4 شروط تتضمن الإعلان الدستوري والامتثال لحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، التي أقرت بعدم مشروعية عقد مجلس النواب المنتخب جلساته في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي. كما تشمل هذه الشروط عدم الجلوس مع المطلوبين للقضاء، بالإضافة إلى تحديد أطراف الحوار بصفة واضحة وفقا لمعايير ثابتة من خلالها يمكن ضمان التزام الأطراف بمخرجات الحوار وتطبيقها على أرض الواقع.
وعقدت أمس في جنيف لليوم الثاني على التوالي، اجتماعات ممثلي المجالس البلدية والمحلية من عدد من البلدات والمدن من جميع أنحاء ليبيا لمناقشة كيفية دعم تدابير بناء الثقة التي تم الاتفاق عليها في الجولة الأولى من الحوار السياسي الليبي.
وقالت الأمم المتحدة إن هذا الاجتماع هو مسار آخر من الحوار السياسي الذي ترعاه، بهدف إيجاد طرق لإنهاء الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا، وإعادة الاستقرار إلى البلاد.
ولفتت إلى أنه قد تمت إحاطة رؤساء البلديات وممثلي المجالس حول عملية الحوار من قبل الممثل الخاص للأمين العام لدى ليبيا، برناردينو ليون، وعدد من الليبيين الذين كانوا قد شاركوا في اجتماع الحوار السياسي الذي اختتم الثلاثاء الماضي.
وأوضحت أن الجلسة تخللها نقاش صريح، حيث أوضح ممثلو المجالس البلدية والمحلية الصعوبات التي تواجه السكان في مناطقهم بسبب النزاع، بما في ذلك النقص في الخدمات والمواد الغذائية، فضلا عن انعدام الأمن.
إلى ذلك، قررت شركة طيران البراق المحلية وقف رحلاتها مؤقتا خلال اليومين المقبلين، نظرا لما وصفته بأسباب خارجة عن إرادتها، بعد مقتل أحد أطقمها في هجوم على فندق «كورينثيا» في طرابلس.
وتحاول شركات الطيران الليبية إبقاء البلاد على صلة بالدول المجاورة منذ أن أدى الاقتتال بين فصائل متنافسة على السلطة والنفوذ في ليبيا إلى تدمير المطار الرئيسي في طرابلس، العام الماضي، مما أجبر شركات الطيران الأجنبية على وقف رحلاتها.
وكانت شركة الطيران التركية قد عاودت رحلاتها لفترة قصيرة العام الماضي إلى مصراتة شرق طرابلس، قبل أن توقفها مجددا هذا الشهر. وتحاول البراق الالتفاف على الحظر الجوي الذي فرضه الاتحاد الأوروبي باستئجار طائرات وأطقم طيران. ولا يسمح للطائرات المسجلة في ليبيا بعبور أجواء دول الاتحاد، مما يطيل مسافة الرحلة إلى إسطنبول خط الطيران الخارجي الرئيسي، الذي ما زال متاحا حيث يتعين على الطائرات الطيران حول قبرص.
وازداد تعقيد السفر من ليبيا وإليها بسبب حظر تفرضه مصر وتونس على الرحلات إلى طرابلس ومصراتة اللتين تخضعان لسيطرة حكومة منافسة منذ سيطرة جماعة تسمى فجر ليبيا على طرابلس في الصيف الماضي، بينما ما زال المطار الرئيسي في بنغازي مغلقا منذ مايو (أيار)، بسبب القتال في المدينة.
من جهتها، طلبت منظمة العفو الدولية بفرض عقوبات انتقائية من جانب الأمم المتحدة، وفتح تحقيقات في ارتكاب جرائم حرب محتملة في ليبيا لوقف عمليات الخطف والقتل العشوائي من جانب الفصائل المسلحة المتنافسة هناك.
وركز تقرير نشرته المنظمة على بنغازي حيث يخوض تحالف من متشددين إسلاميين ومتمردين سابقين يعرف باسم مجلس الشورى قتلا على مدى عدة أشهر مع قوى متحالفة مع اللواء خليفة حفتر الذي أعلن الحرب على المتشددين الإسلاميين.
وقالت المنظمة إن القتال في بنغازي كبرى المدن بشرق ليبيا شمل هجمات متبادلة وعمليات خطف وقتل عشوائي وتعذيب من جانب كل طرف. وأوضحت حسيبة حاج صحراوي نائب المدير الإقليمي للمنظمة: «تنزل بنغازي باطراد إلى الفوضى وغياب القانون. المدينة يمزقها العنف واسع النطاق الذي تشنه جماعات متنافسة وأنصارها الذين يسعون للثأر». ودعت المنظمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لفرض عقوبات انتقائية مثل حظر السفر وتجميد أرصدة المسؤولين عن الانتهاكات، وقالت إن على المحكمة الجنائية الدولة توسيع نطاق تحقيقاتها لتشمل جرائم حرب.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.