الأردن: لن نسلم الريشاوي إلا مقابل الكساسبة

المهلة الثانية انتهت.. استمرار التفاوض مرهون بإثبات أن الطيار على قيد الحياة

أقرباء الطيار معاذ الكساسبة أمام منزل العائلة في العاصمة عمان في انتظار صفقة الإفراج عنه مع «داعش» أمس (رويترز)
أقرباء الطيار معاذ الكساسبة أمام منزل العائلة في العاصمة عمان في انتظار صفقة الإفراج عنه مع «داعش» أمس (رويترز)
TT

الأردن: لن نسلم الريشاوي إلا مقابل الكساسبة

أقرباء الطيار معاذ الكساسبة أمام منزل العائلة في العاصمة عمان في انتظار صفقة الإفراج عنه مع «داعش» أمس (رويترز)
أقرباء الطيار معاذ الكساسبة أمام منزل العائلة في العاصمة عمان في انتظار صفقة الإفراج عنه مع «داعش» أمس (رويترز)

أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أن استمرار التفاوض حول تبادل السجينة ساجدة الريشاوي بالطيار الأسير معاذ الكساسبة مرهون بإثبات أن الطيار على قيد الحياة.
وجدد المومني التأكيد في تصريحات صحافية أمس على استعداد الأردن لإطلاق سراح الريشاوي مقابل استعادة ابننا الطيار الحربي البطل، مشددا على إلحاح الأردن في مطلب «إثبات إن كان الطيار الكساسبة على قيد الحياة، لإتمام التعهد الذي تحدثنا عنه يوم أمس بمبادلة السجينة الريشاوي بالطيار الكساسبة».
ولفت المومني إلى أن «جهود الدولة الأردنية بكل أجهزتها مستمرة منذ اليوم الأول لأزمة أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة ومتابعته على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة».
وقال الوزير المومني: «إن عواطفنا بالتأكيد هي مع عائلة الطيار الحربي البطل الكساسبة»، مؤكدا أن «هذا البلد عبر تاريخه مر بكثير من الأزمات، ولكنه كان دائما يعبر هذه الأزمات بكل صلابة وبكل قوة وشجاعة، ويخرج منها أقوى مما دخلها». وأضاف: «هذا تاريخنا، وهذا ما سيحدث، وسنتجاوز هذه الأزمة بحول الله وبعزيمة الشعب الأردني وبوعي المواطن وتكاتفه والتفافه حول قيادته الهاشمية وقواته المسلحة».
إلى ذلك، أعلن مصدر أمني رفيع المستوى أن حياة السجينة في الأردن الريشاوي وغيرها من قيادات «داعش» في السجون الأردنية بيد التنظيم. وأكد المصدر أن «مصير الريشاوي مربوط بمصير طيارنا الأردني معاذ الكساسبة»، ولم يخف المصدر الكبير جدية الدولة الأردنية في اتخاذ الخطوات المقابلة لأي خطوة تستهدف حياة معاذ الكساسبة. ويأتي هذا التهديد الصريح والواضح بأن الدولة الأردنية ستقدم على خطوات حازمة اتجاه عناصر التنظيم وأتباعه في حال أقدم «داعش» على المس بحياة الطيار الأردني. وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الأردنية، العقيد ممدوح العامري، قال إن القوات المسلحة الأردنية تدرس التسجيل الجديد لتنظيم داعش. وأضاف العقيد العامري في بيان بثته صفحة الجيش العربي الرسمية صباح أمس: «أولويتنا معاذ.. ندرس التسجيل».
ووجه «داعش» تهديدات جديدة بقتل الطيار الأردني الأسير لديه معاذ الكساسبة في رسالة صوتية تلاها الرهينة الياباني كنجي غوتو، حسبما أعلن موقع «سايت» الأميركي الذي يراقب المواقع الإسلامية الإلكترونية.
ويريد «داعش» مبادلة العراقية ساجدة الريشاوي بغوتو.
وقال غوتو في رسالة لم يتم التأكد من صحتها ونشرت على مواقع عبر «تويتر» تابعة للتنظيم: «في حال عدم الموافقة لمبادلة ساجدة الريشاوي بحياتي على الحدود التركية عند مغيب شمس الخميس 29 يناير (كانون الثاني) بتوقيت الموصل، فإن الطيار الأردني معاذ الكساسبة سيقتل فورا».
وجاء هذا التسجيل بعد ساعات من انتهاء إنذار سابق طالب فيه التنظيم بإطلاق سراح ساجدة الريشاوي مقابل إطلاق سراح الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
من جانبه، أكد مجلس الأمة الأردني بغرفتيه النواب والأعيان وقوفه خلف القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) في استعادة الطيار الأسير معاذ الكساسبة، وتأمين سلامته التي كانت وما تزال هي الهدف الأول والأخير في كل جهود التفاوض عبر الوسطاء، مثمنا في الوقت ذاته الجهود الرسمية التي يقودها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني التي بدأت منذ سقوط طائرته واحتجازه من قبل تنظيم داعش الإرهابي، ولم تتوقف تلك الجهود حتى هذه اللحظة.
وأكد المجلس في بيان أصدره أمس الخميس عقب جلسة بين الأعضاء ورئيس الحكومة عبد الله النسور حول المساعي الأردنية الحثيثة لإطلاق سراح الرهينة الأردني الطيار معاذ الكساسبة، ثقته المطلقة بمهنية وحرفية المفاوض الأردني، الذي يمثل المرجعية في عملية التفاوض مع تنظيم داعش، داعيا إلى تقدير الظروف المحيطة بعملية التفاوض والخيارات المتاحة أمام المفاوض الأردني، وصعوبة الثقة بتنظيم داعش، أو جدية عرضه التفاوضي المستفز. واستذكر المجلس تفجيرات فنادق عمان يوم الأربعاء الأسود في التاسع من شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2005، التي سقط ضحيتها نحو 62 شهيدا، وعشرات الجرحى، وشكلت واحدة من المفاصل المهمة في جهود المملكة لمكافحة الإرهاب والتطرف.
ويدعو المجلس إلى الثقة المطلقة بالمؤسسات الأمنية والعسكرية والرسمية، التي ما تزال تعمل جاهدة لتأمين سلامة ابننا البطل الطيار وابن القوات المسلحة والجيش العربي، وإطلاق سراحه.
كما ربط «مسؤول أمني رفيع»، حياة ساجدة وغيرها من قيادات التنظيم (الموجودين في السجون الأردنية) بحياة الكساسبة.
وشدد المسؤول الأمني على «جدية الدولة الأردنية في اتخاذ الخطوات المقابلة لأي خطوة تستهدف حياة معاذ» بمعنى أنه سينفذ الإعدام بالريشاوي والمحكومة به منذ عام 2006 على خلفية إدانتها بتفجيرات عمان الإرهابية عام 2005. وتؤكد الأوساط السياسية أن الأردن يرفض الانصياع للتنظيم بتسليم الريشاوي قبل ضمانات تؤكد أن الكساسبة ما يزال حيا، وكذلك شموله بالصفقة بوصفه الأولوية الأولى للأردن والإفراج عنه، وقبل الرهينة الياباني الصحافي كينجي غوتو. كما استقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ليل الأربعاء والدي معاذ وزوجته في قصر الحسينية (مقر إقامته) والذي أدى إلى تطمين ذوي الكساسبة وأبناء عشيرته المتواجدين منذ أيام في منطقة دابوق (الحي الراقي في العاصمة الأردنية) في مقر ديوان أبناء الكرك بأن الدولة الأردنية تواصل الليل والنهار لإطلاق سراح الكساسبة. وكان لافتا لقاء مغلق عقده رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبد الله النسور مع رئيسي مجلسي الأعيان والنواب والقيادات البرلمانية أطلعهم فيه على آخر الاتصالات حول قضية الطيار الكساسبة ويؤكد نواب إلى «الشرق الأوسط» أن الحكومة لم تتلق أي تأكيدات أو إثباتات من داعش تفيد بأن الكساسبة ما زال على قيد الحياة.
وأصدر مجلس الأمة بيانا عقب الاجتماع دعا فيه إلى تقدير الظروف المحيطة بعملية التفاوض والخيارات المتاحة أمام المفاوض الأردني، وصعوبة الثقة بتنظيم داعش، أو جدية عرضه التفاوضي المستفز. وأكد المجلس التباس الموقف التفاوضي، خصوصا بعد تقديم الدولة الأردنية لكل ما من شأنه ضمان سلامة ابنها الطيار، وتسويف ومماطلة الطرف الآخر في تنفيذ المطلب الرسمي والشعبي في إثبات سلامته، قبل القبول بالصفقة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.