ميليشيا الحوثيين وأنصار صالح يديرون اليمن

مسؤول حكومي لـ {الشرق الأوسط}: اللجان الشعبية تتخذ القرارات وتجبر المسؤولين على توقيعها

متظاهرون يمنيون ضد وجود الميليشيات الحوثية في صنعاء أمس (رويترز)
متظاهرون يمنيون ضد وجود الميليشيات الحوثية في صنعاء أمس (رويترز)
TT

ميليشيا الحوثيين وأنصار صالح يديرون اليمن

متظاهرون يمنيون ضد وجود الميليشيات الحوثية في صنعاء أمس (رويترز)
متظاهرون يمنيون ضد وجود الميليشيات الحوثية في صنعاء أمس (رويترز)

خلال الأيام القليلة الماضية، عاش الموظفون الحكوميون على أعصابهم، وما زالوا، رغم التطمينات الرسمية لهم بأن مرتباتهم سوف تصرف في مواعيدها وبصورة كاملة، وهذا هو الجزء الأهم لأي موظف في القطاع الحكومي في اليمن، وبالأخص خلال الأسابيع الماضية من شهر يناير (كانون الثاني) الجاري، بعد أن وضع الحوثيون يدهم على كافة مؤسسات الدولة الحكومية والعسكرية والأمنية وفي مقدمتها وزارة المالية والبنك المركزي اليمني. وبدأت أزمة المرتبات عندما فرض الحوثيون مطلع الشهر قرارا يقضي بتسليم المرتبات للموظفين عبر لجان ميدانية، يدا بيد، وليس عبر البنوك والبريد الحكومي، كما قضت العادة، وارجع الحوثيون ذلك إلى اعتقادهم بوجود أسماء ووظائف وهمية وأن هناك من يتقاضى تلك المرتبات من «قوى الفساد»، غير أنه وبعد سيطرة الحوثيين على دار الرئاسة والقصر الجمهوري ووزارة المالية وأجهزة المخابرات والوزارات وغيرها، تم إرجاء قرار نزول اللجان الميدانية لتسليم الرواتب للموظفين، وأمس، أعلنت وزارة المالية أنها أنهت الإعدادات الخاصة بصرف المرتبات للموظفين المدنيين والعسكريين، ولكن «تباعا وفقا للإيرادات»، في إشارة واضحة إلى خلو الخزينة العامة للدولة.
المواطن اليمني العادي ومنذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي عندما اجتاح الحوثيون العاصمة صنعاء، بدأت حياته تتغير وبدأ يعيش وضعا مختلفا ومغايرا، فملامح الدولة اليمنية بدأت تتلاشى وحلت الميليشيات الحوثية المسلحة مكان أجهزة الأمن والشرطة وسيطرت على الجيش الذي بات يحمل أسلحة ألصقت عليها شعارات طائفية ومذهبية وسياسية، للمرة الأولى في تاريخه، وهي شعارات «الصرخة»، كما يطلق عليها، والتي تدعو بالموت لأميركا وإسرائيل، فالمواطن اليمني يجد المسلحين الحوثيين، هذه الأيام، في كل مكان، في الوزارات والمؤسسات ونقاط التفتيش في الشوارع وفي البنوك وفي قوات الأمن والجيش، حيث جرى تعيين عدد من القادة العسكريين في أجهزة الأمن والمخابرات، وفرضهم بالقوة، واستبعاد آخرين وخطفهم ونفيهم إلى خارج اليمن، كما حدث مع اللواء يحيى المراني، وكيل جهاز الأمن السياسي (المخابرات) للشؤون الداخلية.
ويقول مسؤول في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الإدارة الحكومية وللأمور اليومية لم يعد، فعليا، فيها القرار للموظفين التكنوقراط أو للمسؤولين الحكوميين، سواء الوزراء قبل استقالة الحكومة، أو الأقل منصبا كالوكلاء ومديري العموم وغيرهم، فالحوثيون يتخذون القرارات تحت تسمية اللجان الشعبية ويرغمون المسؤولين على التوقيع وإصدار القرارات لتأخذ طابعها الرسمي، ويرجع المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، استقالة الحكومة إلى «هذه الممارسات التي لم نعهدها من قبل في اليمن والتي تنتقص من الحقوق القانونية والإنسانية لمنتسبي القطاع العام وتسلبهم صلاحياتهم وإراداتهم وتحولهم إلى مجرد عبيد لدى الحكام الجدد»، ولا يغفل المسؤول اليمني الذي يعمل في وزارة خدمية، أن يشير إلى أن «الطواقم الإدارية في عهد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح تلعب دورا كبيرا في تسهيل مهمة الحوثيين السيطرة على مفاصل الدولة، فلديهم الخبرة والدراية الكافية بالشؤون المالية والإدارية، على العكس من الميليشيا الذين هم أميون وفي أحسن الحالات أنصاف أميين»، ويؤكد المسؤول اليمني أن «ما يتعرض له اليمن، حاليا، ليس وليد الصدفة أو اللحظة، وإنما جرى التخطيط له لفترة طويلة وتحديد هوية الأشخاص الذين سيساعدون في وضع قوائم بأسماء المسؤولين ومن لديهم الوثائق وغيرهم، لأن القادمين من صعدة (الحوثيين)، لا دراية لهم بالأمور المالية أو الإدارية أو بهيكلية المؤسسات الحكومية»، كما يؤكد أن «المخطط جرى تنفيذه بنفس الطريقة والوتيرة في المؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات المدنية وفي وقت متزامن».
ويرى مراقبون أنه وبعد ردود الفعل التي اتخذتها بعض القبائل وسكان المناطق النفطية كمأرب وشبوة وحضرموت، بإعلانها عدم التزامها بأي تعليمات تصل من صنعاء، المحتلة من وجهة نظرهم، إضافة إلى المحافظات الساحلية ذات الإيرادات المالية العالية من الموانئ والضرائب وغيرهما، سوف يتوقف جزء كبير من المال الذي يضخ إلى الخزينة العامة للدولة، وبالتالي سوف تصبح وزارة المالية غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه مستحقات ومرتبات الموظفين خلال، ربما الشهر المقبل (فبراير /شباط) أو الأشهر القليلة التي تليه.
وفي الشارع يعيش المواطن اليمني تائها وحائرا بين بنية دولة تحولت في عشية وضحاها إلى صورة قديمة أعادت اليمن إلى الوراء أكثر من نصف قرن من الزمن، لكن الهاجس الأهم بالنسبة للمواطن اليمني، كما تحدث الكثير لـ«الشرق الأوسط»، هو الجانب الأمني، فالقتل والاغتيالات والنهب والسرقات والسلب والاختطافات على أشدها هذه الأيام، ويقول هذا المواطن إنه «لا توجد دولة تحميك، فهناك ميليشيا قبلية متخلفة، مسلحة، لا تؤمن سوى بـ(السيد) تتحكم بالأمور وفي قضايا الناس اليومية».
ويوجز المراقبون الوضع في اليمن في أن «الدولة والحكومة اغتصبت واختطفت من قبل الحوثيين»، حسب تعبيرهم، وأن «الشعب، وتحديدا الأجيال الجديدة من الفتيان والفتيات، باتوا يعانون حالة صدمة وذهول، فنظرتهم إلى المستقبل أصبحت تشاؤمية، فقد تبخرت أحلامهم وعادوا إلى زمن كانوا يسمعون عنه في قصص وحكايات أجدادهم وجداتهم»، كما يؤكد المراقبون والمحللون السياسيون أن اليمن بات في قبضة الحوثيين وصالح وأعوانه، وأن هناك «مخططا لإدخال اليمن في أتون تقسيم نفسي واجتماعي ومذهبي وطائفي، بدلا عن التقسيم الإداري الذي نص عليه مشروع الدستور الجديد بأن يكون اليمن دولة اتحادية فيدرالية من 6 أقاليم بحكومات محلية وحكومة مركزية».
ويتحدث لـ«الشرق الأوسط» مسؤول في إحدى المؤسسات الإعلامية الرسمية بحالة من الألم لما آل إليه الوضع في الإعلام الرسمي اليمني «الذي بات في قبضة الحوثيين وهم من يضعون السياسة الإعلامية ويديرونها ويأمرون وينهون ويعزلون من لا يثقون به ويعينون من يرونه أهلا للثقة وسينفذ ما يطلب منه، إلى درجة أن بعض أخبار الحكومة تحذف من بعض وسائل الإعلام»، ويؤكد المسؤول الإعلامي أن «الإعلام سلاح خطير استطاع الحوثيون السيطرة عليه منذ ما بعد اجتياح العاصمة فورا وجرى إبعاده عن تبني المواقف الرسمية من الأحداث في الساحة اليمنية وتمرير مواقفهم بالطريقة التي يرونها مناسبة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.