قلق في تل أبيب من نتائج الانتخابات اليونانية

رئيس الحكومة المرتقب يرى في إسرائيل قاتلة أطفال.. ووزير الدفاع شارك في أسطول الحرية

قلق في تل أبيب من نتائج الانتخابات اليونانية
TT

قلق في تل أبيب من نتائج الانتخابات اليونانية

قلق في تل أبيب من نتائج الانتخابات اليونانية

يسود القلق في المؤسسة السياسية والعسكرية في إسرائيل، من نتائج الانتخابات اليونانية، التي أسفرت عن فوز حزب معروف بتقربه من الدول العربية ومناصرته للحق الفلسطيني. ويستذكر الإسرائيليون تصريحات لرئيس الحزب ومرشحه لرئاسة الحكومة، أليكسيس تسيبراس، الذي اعتبر إسرائيل قاتلة أطفال، والرجل الثاني المرشح لوزارة الدفاع، ثيودوروس دريتسز، كان قد شارك في أسطول الحرية لفك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.
ومع أن إسرائيل سارعت لتهنئة تسيبراس، حال فوز حزبه، بشكل رسمي، والمتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، عمانوئيل نحشون، قال إن إسرائيل تتوقع استمرار التعاون المثمر مع الحكومة اليونانية الجديدة، والحفاظ على منظومة العلاقات الخاصة بين اليونان وإسرائيل، إلا أنه في الأبحاث الداخلية تعبر إسرائيل بمختلف قياداتها السياسية والعسكرية والأمنية، عن قلقها من المساس بعلاقاتها مع اليونان، وخاصة في المجال الأمني. فالمعروف أن اليونان حلت محل تركيا في العلاقات مع إسرائيل، وفتحت سماءها أمام سلاح الجو الإسرائيلي لتدريباته ويجري الجيشان الإسرائيلي واليوناني مناورات مشتركة، ثنائية وكذلك مع الولايات المتحدة وغيرها من دول حلف شمال الأطلسي. كما ساعدت اليونان إسرائيل في السابق على عرقلة وصول أساطيل الحرية إلى قطاع غزة.
ويقول سفير إسرائيل السابق في اليونان أرييه مكيل إن «اليونان مشغولة حاليا في مواجهة الاتحاد الأوروبي، ولكنني أتوقع في المدى البعيد فتورا في العلاقات التي تعتبر اليوم حميمة جدا». ويضيف «توجد لإسرائيل أسباب لا يستهان بها للقلق على علاقاتها مع اليونان، حيث إن حزب اليسار الراديكالي (سيريزا)، نظم أثناء الحرب الأخيرة على قطاع غزة عدة مظاهرات ضد إسرائيل، كما أن زعيم الحزب، أليكسيس تسيبراس، صرح في حينه بأن (إسرائيل تقتل أطفالا في فلسطين، وهذا أمر غير مقبول، وعلى العالم أن يتوحد وأن يعبر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني)».
ويضيف مكيل، وهو أيضا باحث في معهد الأبحاث بيغين - السادات في جامعة بار إيلان، أن العلاقات الإسرائيلية - اليونانية شهدت في السنوات الـ4 الماضية ازدهارا لا سابق له، اتخذ طابعا استراتيجيا عميقا جدا، ولذلك فإنه لا يتوقع انهيار هذه العلاقات بدفعة واحدة، خصوصا في هذه الفترة التي سيكون الهم الأساسي فيها للحكومة اليونانية، مواجهة الاتحاد الأوروبي وتمويل المصروفات الحكومية الكبيرة والتي ستزيد كثيرا إذا نفذ تسيبراس وعوده في إلغاء سياسة التقشف. ومع ذلك يقول ميكل ستصاب العلاقات بالفتور شيئا فشيئا وسيخفض التعاون العسكري، وربما التنسيق بين المخابرات في البلدين حول مكافحة الإرهاب.
ويقول السفير السابق «إسرائيل تستخدم المجال الجوي اليوناني لتدريبات سلاح الجو على مدار السنة وأشك في أن يستمر هذا بسهولة. واليونان منعت أساطيل الحرية ضد إسرائيل قبل انطلاقها واحتجزت السفن في موانئها، وأوقفت السفن التي انطلقت من دول أخرى، أما اليوم فمن المتوقع أن يجري تعيين أحد المشاركين في أساطيل الحرية في منصب وزير الدفاع، هو ثيودوروس دريتسز، أحد المسؤولين في الحزب، والذي كان على متن إحدى السفن ضمن أساطيل الحرية التي كانت تنوي التوجه إلى قطاع غزة لكسر الحصار المفروض عليها. وتعيينه في منصب وزير الدفاع هو أكثر ما يثير مخاوف إسرائيل، خصوصا في مجال التعاون في عرقلة أساطيل الحرية. وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي تخشى إسرائيل أن يؤدي انتصار اليسار إلى وضع حد للمبادرة التي طرحها وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، للتحالف الاستراتيجي بين إسرائيل ودول البلقان، الذي تشكل اليونان المحور المركزي فيه».
ويضيف مكيل أنه ورغم أن تركيبة التحالف الذي يقوده حزب تسيبراس، التي تتألف من 14 مجموعة صغيرة توحدت قبل سنوات معدودة وتجد فيها آراء ومواقف متعددة، فإنها بالنتيجة أقرب إلى الجانب الفلسطيني منه إلى الإسرائيلي. وليس هنالك شك في أن الحزب اليساري اليوناني سيكون انتقاديا لإسرائيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».