الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل يراوح مكانه

نفي كردي لعدم تسديد ما يعادل 31 مليار دولار للمركز

الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل يراوح مكانه
TT

الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل يراوح مكانه

الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل يراوح مكانه

في الوقت الذي ألقت فيه أزمة السيولة المالية التي يعاني منها العراق الآن بسبب انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية على مجمل الحراك السياسي في البلاد، فإن اللجنة التي تم تشكيلها بين حكومتي بغداد وأربيل لمتابعة تنفيذ الاتفاق النفطي الذي أبرمه الطرفان العام الماضي لم تعلن التوصل إلى أي نتيجة حتى الآن.
وفيما اتهم أعضاء في اللجنة المالية للبرلمان العراقي ينتمون إلى كتلة التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر داخل البرلمان) حكومة إقليم كردستان بعدم تسديد نحو 36 تريليون دينار عراقي (نحو 31 مليار دولار أميركي) إلى المركز من مجمل مبيعات النفط طوال السنوات الماضية خلال فترة الخلاف مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي فإن كتلة التحالف الكردستاني نفت ذلك. وقال نائب رئيس الكتلة في البرلمان عبد العزيز حسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «النواب الذين تحدثوا عن هذا الأمر ليسوا معنيين به وليسوا مطلعين على ما يجري بين الطرفين».
وأضاف حسن، أن «هناك لجنة مشكلة بين حكومتي المركز في بغداد والإقليم في أربيل لحسم الخلافات بين الطرفين بما في ذلك مسألة مبيعات النفط وحصة كل طرف منها بما ينسجم مع الدستور العراقي باعتبار أن النفط ملك للشعب العراقي». وأوضح حسن أنه «بعد أن تم إبرام الاتفاق النفطي بين المركز والإقليم والذي باركه الجميع وعد نقلة نوعية في العلاقة بين الجانبين، بالإضافة إلى ما يمثله من أهمية في هذه المرحلة التي تشهد فيها البلاد ضائقة مالية بسبب انهيار أسعار النقط وما باتت تسببه من مشكلات على الموازنة المالية للبلاد فقد تم تشكيل لجنة حكومية رفيعة المستوى لمتابعة تنفيذ الاتفاق ولحسم المسائل العالقة ومن جملتها مبيعات إقليم كردستان للنفط»، نافيا أن «تكون حكومة الإقليم تمتنع عن تسديد المبالغ المترتبة على تلك المبيعات النفطية»، مبينا أن «المبالغ المترتبة على تلك المبيعات لا بد من إيجاد آلية لتسويتها لأن هناك مستحقات لبغداد على الإقليم يجب دفعها وبالمقابل هناك مستحقات للإقليم على بغداد يجب دفعها وهذه كلها هي محل بحث في اللجنة التي لم تعلن نتائج عملها حتى اللحظة».
وعد حسن، أن «التصريحات التي يدلي بها البعض هنا وهناك دون أن يكونوا طرفا في الموضوع لا تخدم الأجواء الإيجابية التي نتطلع إليها اليوم».
في السياق نفسه، أعلنت عضو اللجنة المالية البرلمانية عن التحالف الكردستاني نجيبة نجيب في تصريح، أن «هناك مستحقات للإقليم على الحكومة المركزية لم تسددها تبلغ 45 تريليون دينار عراقي (نحو 41 مليار دولار أميركي)»، مطالبة بـ«عدم إطلاق التهم جزافا على كردستان، لأن هناك اتفاقا بين بغداد وأربيل وتمت تسوية المشكلات، فما داعي هذا الكلام وإثارة المشكلات من جديد». وأوضحت أن «ائتلاف دولة القانون فقط هو من يرفض الاتفاقات مع كردستان ويتهم أربيل باتهامات غير صحيحة، أما باقي مكونات التحالف الوطني فلا تعترض على الإقليم».
وكان وزير النفط عادل عبد المهدي أعلن عن الاتفاق الذي ينص على أن تقوم الحكومة الاتحادية بتحويل مبلغ 500 مليون دولار لحكومة إقليم كردستان التي تقوم بدورها بوضع 150 ألف برميل من النفط الخام يوميا تحت تصرف الحكومة الاتحادية.
على صعيد متصل، قرر مجلس الوزراء العراقي تخفيض سعر برميل النفط من 60 دولارا أميركيا إلى 55 دولارا لكي يتم تمرير الموازنة العامة. وقال بيان رسمي لمجلس الوزراء خلال جلسته أمس عن «موافقة المجلس على تخفيض سعر برميل النفط المصدر المحتسب في مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة لعام 2015، إلى 55 دولارا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».