سلمان بن عبد العزيز.. رؤية ثاقبة وحنكة إدارية.. وعميد العائلة قبل الحكم

الحزم والفطنة والحضور الذهني صفات ورثها عن والده الملك المؤسس

سلمان بن عبد العزيز.. رؤية ثاقبة وحنكة إدارية.. وعميد العائلة قبل الحكم
TT

سلمان بن عبد العزيز.. رؤية ثاقبة وحنكة إدارية.. وعميد العائلة قبل الحكم

سلمان بن عبد العزيز.. رؤية ثاقبة وحنكة إدارية.. وعميد العائلة قبل الحكم

أجمع المقربون والمتابعون للملك سلمان بن عبد العزيز، على أنه يتمتع بسجايا ومزايا كثيرة وهبها الله له، بالإضافة إلى بعض الجوانب المكتسبة التي صنعها لنفسه، حيث حفلت سيرته بجوانب لافتة في مختلف المجالات الإنسانية والإدارية والثقافية.
وتجسدت في الملك سلمان صفات قيادية، حيث يُعد من القادة القلائل الذين تمرسوا في جميع فنون القيادة التي تستلهم من موروث وتراث هذه الأمة، مع مزايا وصفات خاصة كشفت عن قدراته الفذة في إدارة شؤون البلاد.
وهنا رصد لأبرز صفات الملك السابع للدولة السعودية، والنجل الـ25 للملك المؤسس:

* الحزم
من أكثر الصفات التي يتميز بها الملك سلمان بن عبد العزيز الحزم، والفراسة، والفطنة والحضور الذهني، وهي من بين الصفات التي ورثها سموه من والده المؤسس الملك عبد العزيز (رحمه الله)، وهي صفات لا تجتمع إلا بالقائد الفذ.
ومن النادر جدا أن تجد رجلا اجتمعت فيه المزايا التي اجتمعت في الملك عبد العزيز، ولكنه أمر طبيعي وفطري و«جيني»، وبديهي أن يحمل كل واحد من أبناء الملك عبد العزيز شيئا من صفات والده.
وإن كانت هذه الصفات وغيرها كثير، مما وهبه الله للملك سلمان، فإن الحزم والحكمة من السمات التي عُرف بها، يشهد بذلك كلّ من التقى به أو تعامل معه، يتضح ذلك جليا في متابعته الدقيقة لكل أمور الحكم في البلاد، وحرصه الشديد على الاستماع لأصحاب المظالم والشكاوى وتوجيه المسؤولين لمتابعة هذه الأمور وموافاته بما تم في كل منها.
يقول زين العابدين الركابي في حديثه عن الملك سلمان عندما كان أميرا للرياض: «كنت أسمع أن موظفي الإمارة يضبطون ساعاتهم على وقت مجيئه إليها، فأحببت أن أزداد استيثاقا بطريقة ميدانية مباشرة، فذهبت إلى مكتبه مبكرا قبل أن يجيء، فلما أخذ مؤشر الساعة يتجه إلى الوقت المعين، قلت: لعل شيئا قد أخّره هذه المرة، ولم يكد هذا الخاطر يجول في الذهن، حتى طلع علينا بادئا يومه المنتظم».
إن هذا الالتزام الصارم بـ«الدوام» جيئة وذهابا، وعلى نحو مطرد على مدار اليوم والأسبوع والشهر والعام، برهان عملي يومي على جعل الوقت «أولوية حضارية».. ويمكن وصفه - على الحقيقة أو المجاز - بأنه «مقاتل دون وقته»، أي أنه لا يسمح لأحد بتضييع وقته، ولا يجامل أحدا في ذلك قط، وهذا حزم لا يباشره إلا من عظمت في حسه وتفكيره وإرادته «قيمة الوقت».
أما على المستوى العائلي، فيظهر الحزم والحكمة والمودة والرحمة، في تعامله مع جميع أبناء العائلة، وهو بهذا يقتدي بوالده المؤسس - رحمه الله - فقد قال الملك سلمان في والده: «الملك عبد العزيز كان يتفقدنا في الصلاة في الفجر والظهر والعصر والمغرب وكذا العشاء.. لذلك كانت تربيته الحزم مع أبنائه في الأشياء الأساسية المتعلقة بعقيدتهم وصلاتهم، وتهذيب سلوكهم وتعاملهم مع شعبهم، وكان في الوقت نفسه يتعاطف ويتفكه معهم ويرعاهم باستمرار، ويسأل عنهم ويحنو عليهم إذا مرضوا، ورغم أن مسؤولياته لا تعطيه الوقت الكافي، إلا أنه كان يرعى أبناءه ويتفقدهم»، وهذا هو المنوال والنهج الذي سار عليه الملك سلمان.
وحين يخبرنا عن سلوك الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع أبنائه، فإنه يقتدي بأبيه في هذه الخاصية، ويطبق ما يخبر به؛ فسموه الكريم يحرص على أن يتناول أبناؤه معه الغداء في كل يوم وهذا (الاجتماع اليومي المنتظم) من أقوى الروابط الأسرية في البيت، كما يقول علماء التربية والاجتماع. ويتابع أبناءه في الدراسة والتعليم، ويقترح عليهم من باب الترشيح أن يطلعوا على كتب معينة، ولكن دون إملاء أو إلزام.

* عميد العائلة ومرجعية الحكم
يُعدّ الملك سلمان بن عبد العزيز، عندما كان أميرا، أحد أهم أعمدة وأركان الحكم في المملكة العربية السعودية، وأمين سر العائلة المالكة، ورئيس مجلسها، والمستشار الخاص لملوك المملكة، وذلك لما عُرف عنه من حكمة ومعرفة وسعة اطلاعٍ وقدرة على المحاورة والاستماع، ومعرفته الدقيقة بطباع مجتمعه، ومؤسسات بلاده.
فالسنوات الكثيرة التي قضاها أميرا لمنطقة الرياض، إضافة إلى مركزه الرئيس في مفاصل الدولة وشؤون الحكم، ونظرا لمكانته لدى الملوك والأمراء والمسؤولين في الدولة، كل ذلك جعل منه مرجعية سياسية وتاريخية وإعلامية وإدارية يُعتد بها.

* الرؤية الثاقبة
حبا الله الملك سلمان برؤية ثاقبة وقـدرة تحليلية، وفراسة فطرية أهلته لاستشراف المستقبل وتوقع مآلاته ونتـــائجه، فمعرفته الواسعة بالتطورات العالمية والمستجدات السياسية، منحته تلك القدرة الاستشرافية بواقعية قوامها العقــل لا العــــاطفة، لــــــذا كـــانت القرارات السيــــاسية والتحليلات العلمية التــــي يقدمهــــا أقــرب للواقع وهذا مــــا جعلـــه «رجل كـــل المراحــل».

* الاطلاع الواسع
سعة الاطلاع وتنوع الخلفية الثقافية والمعرفية لدى الملك سلمان، إحدى السمات البارزة في شخصيته، وبفضل ثقافته واحتكاكه بالمثقفين والأدباء والمفكرين تجاوزت شهرته كمفكر المحلية إلى العالمية.
كما عُرف عنه قربه من الإعلاميين عامة، وكُتّاب الرأي خاصة، وتواصله الدائم معهم، واهتمامه بنتاجهم الفكري، ومتابعته لما يكتبون.. بفكر منفتح وقلب كبير يحمل الحب والتقدير حتى مع مَن يختلف معهم في الكتابة.

* الحنكة والدراية
يتمتع الملك سلمان بالحنكة والدراية الكافية برعاية المصالح وإنهاء المهام بكل جدارة واقتدار، فهو شخصية قيادية فذة، مشهود له ببعد النظر والحكمة كما يمتلك خلفية كبيـرة عن واقع الحياة الاجتماعية والثقافية في الداخل السعودي، من حيث أهم مرتكزين يقوم عليهما المجتمع، وهما الخلفية الدينية المتنوعة والمتعددة للوطن، والخلفية التاريخية ومكوناتها القبلية، كما يتمتع بذكاء متقد، تتضح ملامحه جلية في سرعة البديهة وقوة الذاكرة واسترجاع الماضي.

* التواضع والترفع
يؤكد كثيرون ممن التقوا به، أن من أهم مزاياه دقة الملاحظة، والذاكرة القوية، والعلاقة الودية مع كل من عمل في معيته، وأنه منظم في وقته، ويملك مقدرة عجيبة للتعامل مع الناس على اختلاف مستوياتهم وثقافاتهم، يتضح ذلك من حرص سموه على مناقشة أصحاب المشكلات والمطالب الذين يلتقيهم في مجالسه الأسبوعية أو في المناسبات العامة، حيث يحرص على الإصغاء لمقدم الشكوى وتدوين الملاحظات مما يسمع، ودائما ما يؤكد أنه مسؤول ويعمل بحدود واجبه وإمكانياته، وأنه لا يُشكر على عمل يقوم به (وإن كان الشكر واجبا)، ويؤكد أن «الشكر لله أولا، والشكر لي يأتي في كل عمل صالح وخير في هذه البلاد».

* قوة الذاكرة
وهي موهبة لا غنى عنها لأي زعيم موفق، وهي موهبة متممة لموهبة الذكاء. إنك لتعجب من قوة ذاكرة الملك سلمان بن عبد العزيز، حين يحدثك عن أمور وأشياء وكأنه يقرأ من كتاب أو كأن أمامه فيلما تسجيليا يشاهده في التلفاز، وانبثاق الشيء من معدنه لا يُستغرب، فقوة الذاكرة موهبة من مواهب أبيه امتدت إليه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
نعم، إنك لتعجب من قوة ذاكرته تجاه الكتب والمراجع قديمها وحديثها، وتجاه أسماء القبائل وأفخاذها ورجالها، وتجاه أسماء العلماء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين والإداريين، تجاه الأحداث السياسية الداخلية والخارجية، وتجاه التاريخ البعيد والقريب. ويضيف الركابي بقوله: كنت أحاوره يوما عن الأنساب، فغرف دون عناء من مخزون الذاكرة ورد قبائل عربية إلى جذورها الموغلة في التاريخ القديم.

* الذكاء المتّقد
يقول زين العابدين الركابي في كتابه عن الملك سلمان: «إذا تحدّثت معه في موضوعٍ ما، فلا تكاد تنطق بالعبارة الأولى، حتى يدرك ما تريد ويستفيض فيه، وكأنه قد أعد العدة له من قبل، سواء أكان الموضوع سياسيا أم اجتماعيا أم إعلاميا أم ثقافيا.. فأول الكلام لدى المصغي الذكي قدح لذهنه ومفتاح يستدعي مخزونه المكنون؛ فالسرعة الفائقة في الجواب أو التعليق تختصر المقدمات وتختزل الوقت وتقطع حبال التكرار ومسلسل الحشو الذي يضيع الوقت ويهدر الطاقة الذهنية دون نفع».

* الانضباط والتنظيم
الانضباطية في العمل وتقديره الفائق للوقت، من السمات التي يتمتع بها الملك سلمان، فهو حريص جدا على الالتزام بأوقات العمل، والجد والتفاني والإخلاص في الأداء، والكل يشهد له بذلك، حيث يصل إلى مكتبه في العمل غالبا قبل موظفيه.
ورغم وجود كثيرين يتمتعون بقدرات إدارية وخبرات نظرية وتنظيمية، فإن قلة من هؤلاء يتمتعون، كما هو، بالقيادة الحقة، والقدرة الفائقة على اتخاذ القرار بالتوقيت الملائم والمكان والمناسبة اللازمين لنجاح القرار. ولذا تجاوزت شهرته المستويين المحلي والإقليمي إلى العالمي فكان يُستقبل استقبال رؤساء الدول، متجاوزين البرتوكولات الرسمية، تقديرا لأهمية الرجل.

* سلمان بن عبد العزيز.. رجل فكر
الملك سلمان هو رجل فكر بالدرجة الأولى؛ لأنه يفكر في كل شأن يهمه أو يتعامل معه، وقد يقال: إن كل إنسان يفكر؛ إذ إن التفكير من خصائص هذا الكائن البشري، وهذا صحيح، ولكننا نقصد النوع الآخر من التفكير؛ فهو رجل متابع للحركة الفكرية في الوطن العربي والعالم الإسلامي والعالم الإنساني، فلا تكاد مدرسة أو اتجاه فكري له وزنه واعتباره في عالمنا هذا، ولا سيما العالم العربي والإسلامي، إلا لهذا الرجل معرفة به، في هذه الصورة أو تلك.
كما يتسم بالتفكير الخلاق الهادف المتصف بالرؤية السليمة الواضحة، كما أن لديه نزوعا قويا إلى التنوير، وهو صاحب نظرية الإبداع «في ظل لا إله إلا الله»، وهو صاحب رؤية فكرية عميقة تتعلق بالمصطلحات والمفاهيم، كرفضه تعميم مصطلح القرون الوسطى المظلمة على عصور التاريخ العربي والإسلامي.

* الاعتدال والوسطية
الاعتدال والوسطية منهج دولة وحكم، وهو منهج الملك سلمان في التعامل مع الآراء والأفكار، وهو يكرس جهده في التأكيد على ميزة هذا الجانب الذي يظهر حقيقة الدولة والمجتمع السعودي، وفي ذلك يؤكد على أن «نهج هذه الدولة منذ أن تأسست ونهج هذا الشعب (غلا من غلا وفرط من فرط)، فالأكثرية الغالبة في هذه البلاد هم أمة الوسط - والحمد لله».
وفي مناسبات تكريمية لحفظة القرآن الكريم، كان الملك سلمان بن عبد العزيز، يحرص على تأكيد البعد الوسطي للإسلام، وفي رسالة واضحة لهم، قال: «نحن - أيها الأخوة - أمة وسط، هكذا أرادنا الله - عز وجل - وأراد المسلمين جميعا أن يكونوا كذلك؛ لذلك أنا أعتقد وأجزم بأن الدعوة الإصلاحية مستمرة حتى هذا اليوم، وأيامنا المقبلة - إن شاء الله».
وفي مناسبة جمعته بقيادات «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، أكد على أهمية هذه الشعيرة، وأوضح آلية ممارستها بقوله: «لكن قبل تغيير المنكر هو الأمر بالمعروف، ممكن الإنسان إذا ناصحته وإذا تكلمت معه، ربما يكفيك عن أن تستعمل يدك، والأمر الثاني (ومن لم يستطع، فبلسانه) انصح وناصح، تكلم ولا تغلظ، رغب الإنسان ولا ترهبه، رغّبه في الخير وعمل الخير».

* قوة الإيمان
إن الإيمان هو مفتاح شخصية الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وهذه حقيقة عبّر عنها بوضوح ويقين ابنه الملك سلمان نفسه حين قال: «إن أهم خصلة في الملك عبد العزيز هي إيمانه بالله قبل كل شيء»، ولم يكن الملك سلمان يعبّر عن هذه الحقيقة تعبيرا نظريا، وإنما يسير في خطى والده في الاستناد إلى الركن الركين والحصن الحصين وهو الإيمان بالله جل جلاله.

* نبذ العنصرية والفئوية
لقد قدر للملك سلمان التعرف إلى حالة التنوع الإيجابية التي يتكون منها المجتمع السعودي الواحد، وظل يرى أن الدولة والقانون - التي تستند إلى الكتاب والسنة - أبعد ما تكون عن الممارسات الفئوية والعنصرية، وظل - على الدوام - حريصا على أن تكون أبوابه مفتوحة لكل مواطن، ولكل صاحب حاجة أو سائل، ولهذا فهو يعي أهمية العدالة والتوازن في القانون والتنمية، وبهذا الصدد يقول الملك سلمان «إن هذه الدولة قامت على أسس ثابتة من الكتاب والسنة، قامت وجمعت في دولتها الأولى والثانية والثالثة مواطنيها، ووحدت هذه البلاد على أسس كريمة، وليس على العنصرية والفئوية»، ويضيف: «لقد قامت هذه الدولة بمجهود أبنائها من كل القبائل، من كل الأقاليم، والحمد لله، فنحن إخوة متحابون ومتعاونون على البر والتقوى، لا يفرقنا مفرق».

* الالتزام بالقرآن الكريم
التزم الملك سلمان نهج والده في الصلة بالقرآن، والحق أن والده هو الذي رباه وكل إخوانه على الصلة بالقرآن. نشرت جريدة أم القرى في عددها بتاريخ 3 أغسطس (آب) 1945م العدد 1066 وقائع حفل ختم الملك سلمان بن عبد العزيز للقرآن الكريم الذي أقامته مدرسة الأمراء، وقد رعى الحفل ولي العهد آنذاك (الأمير سعود بن عبد العزيز)، وسلم الملك سلمان جائزته، بعد أن تلا آخر حزب من (الختمة)، وخطب في هذا الحفل القرآني الأمراء عبد الرحمن ومتعب وطلال ومشاري وبدر وتركي ونايف احتفاء بأخيهم سلمان.
واليوم جائزة تحمل اسمه لتحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات، وهي جائزة على مستوى المملكة العربية السعودية تحفز الأجيال على حفظ كتاب الله وفهم معانيه.
والملك سلمان صاحب صلة يومية متجددة بالقرآن الكريم فهو لا يترك ورده القرآني في حضر ولا سفر، فإذا جاء رمضان تعاظم الورد وطال، فهو يتم القرآن في رمضان 3 مرات وفي كل شهر من العام مرة، فتلك 14 مرة أو ختمة في العام.

* التنوع الثقافي
خاصية «الشغف بالمعرفة» و«الحرص على التنوع الثقافي»، تطبع حياة الملك سلمان في مقامه وتنقلاته وسفره، يقول الركابي: إنه «صديق الكتاب» وقد جرى بيننا حوار حول مستقبل الكتاب في عصر الفضائيات والإنترنت فقال: «دون تقليل من مكانة وقيمة الفضائيات والإنترنت وما يبتكر بعد ذلك من وسائل فإنني أومن بأن (الكتاب) سيظل حامل المعرفة الرصينة والثقافة الراقية، فالكلمة المكتوبة كانت سجل الحضارة والإنسانية، ولا تزال كذلك وستظل كذلك».
والملك سلمان هو صديق الكتاب ليس من حيث التقرير أو التقدير النظري المجرد، بل هو صديق حميم للكتاب من حيث «الوفاء التطبيقي». صديق للكتاب بـ«القراءة الكثيرة»، فالقراءة عنده «برنامج دائم مفتوح» لا مجرد هواية استثنائية، وهو صديق الكتاب «بالقراءة المتنوعة» في الدين بحقوله وفروعه المتعددة وفي التاريخ القديم منه والحديث وفي الحضارة والسياسة والثقافة والفكر والأنساب والاقتصاد والاجتماع، وهو صديق الكتاب في «السفر»، كما هو صديقه في المقام، فهو يصطفي من الكتب ما يقرأه في سفره وترحاله، وربما أخر قراءة بعض الكتب حتى يجد لقراءتها وقتا في سفره، وهو صديق الكتاب بـ«الحرص البالغ على انتقائه واقتنائه»، والدليل على هذا، الحرص في الانتقاء والاقتناء. إن في بيته مكتبة خاصة ضخمة تضم أكثر من 60 ألف مجلد وأكثر من 18 ألف عنوان تنمو باطراد، لا نقول كل عام، بل كل يوم.

* انفتاح على المجتمع
عُرف عن الملك سلمان بن عبد العزيز، انفتاحه على المجتمع السعودي، وتفاعله مع أبناء الوطن، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، حتى أصبح مضرب المثل ونموذجا يُحتذي به في تقدير الناس لدى الأسرة الحاكمة ولدى المسؤولين.
خلاصة القول: إن جوانب التميـز والريادة في شخصية الملك سلمان بن عبد العزيز، أكثـر من أن تُعدّ أو تُحصى، تتقدمها هذه الخيرية المطبوعة غير المصطنعة أو المتكلفة في شخصيته؛ فهو شخصية جبلت على فعل الخير.
يقول الركابي في كتابه المعنون «سلمان بن عبد العزيز.. الجانب الآخر»: «إذا حاورتَ الأمير سلمان في شؤون الوطن العربي وأحوال العالم الإسلامي والأوضاع الدولية، وجدتَ عنده آخر الأنباء والمعلومات الجديدة في الأحداث وهذه الخاصية التي يحملها والده نفسه هي ثمرة (علوّ الهمة) في الاطلاع على أحوال الإقليم والعالم».
ويضيف الركابي: «من تجربتي عرفت أنه (حاضر المعلومة) دوما.. ما طرقت معه موضوعا فوجدته يحتاج إلى تذكير بمعلومة ما وهو يردد باستمرار: (عندي خبر). ويمكن أن يقولها أو يزعمها كل أحد، بيد أن الفرق هو أنك تجد الخبر أو المعلومة عنده على الحقيقة لا على المجاز أو التخمين أو الظن. ففي الشأن الداخلي: أهله اطلاعه الواسع المتجدد لأن يكون مرجعا يوميا حيا لتفاصيل ما يجري في السعودية من أحداث وما تشهده من علاقات وإنجازات اقتصادية واجتماعية ودبلوماسية وثقافية وإعلامية وعمرانية».
وفي الشأن العربي الإسلامي، يحدثك عن الحقبة المنصرمة؛ عن الخمسين سنة الماضية، وكأنه يقرأ من كتاب، وقد رصد الوقائع بشخصياتها ورموزها وتواريخها رصد المؤرخ المحقق والمثقف الذي يحمل هموم أمته، والسياسي المسؤول والشاهد الأمين والمحلل الذي يجمع بين رصد الحالة، وتحليلها بعقلانية صارمة. وفي الشأن الدولي أو العالمي، يتحدث بعمقٍ وإسهابٍ عن أوروبا وأميركا واليابان والصين وروسيا والبلقان وعن بقية دول العالم، وكأنه متخصص بهذه «الملفات» بفكر منفتح على العالم ورؤية واقعية وأمانة تنصف الآخرين وأمانة تعتز بما عند الذات من مبادئ وقيم وانتماء حضاري عربي وإسلامي.
والملك سلمان، شغوف بالتاريخ إلى درجة «العشق»؛ سواء التاريخ السعودي والعربي والإسلامي والإنساني العام، ويقرأ الكثير في كل حقل، بيد أنه يولي التاريخ اهتماما خاصا. ولاقتناعه الراسخ بأهمية التاريخ وضرورة الاستفادة منه - بإحياء واقعه وعبره - رصد جائزة ومنحة للدراسات التاريخية، وهي جوائز متعددة في حقيقة الأمر: جائزة المقالة العلمية (في التاريخ)، وجائزة أفضل رسالة دكتوراه ومنحة الدراسات والبحوث.

* الوفاء
حين يُذكر الوفاء، نجد سلمان بن عبد العزيز ملكا بإنسانيته وبفعله وتطبيقه، وشواهد ذلك لا تكاد تحصى، فمنها ما ظهر للجميع، ومنها ما سيبقى حبيس خصوصيته، فوفاء الملك سلمان خصلة فطرية وسلوك خلقي جبل عليه وميز شخصية وهبها الله له، وحق للباحثين دراسة وفاء سلمان وتدريسه للأجيال ليقتدى به ويكون نبراسا لأبناء الإنسانية جمعاء.



فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، مستجدات الأوضاع السورية.

جاء ذلك في اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية السعودي من المبعوث الأممي إلى سوريا، الأربعاء.

وزير الخارجية السعودي ونظيرته الإسواتينية عقب التوقيع على اتفاقية التعاون في الرياض الأربعاء (واس)

ولاحقاً، وقّع الأمير فيصل بن فرحان وفوليلي شاكانتو وزيرة خارجية إسواتيني على اتفاقية عامة للتعاون بين حكومتي البلدين، عقب مباحثات أجراها الجانبان في العاصمة الرياض، تناولت سبل تنمية التعاون المشترك في مختلف المجالات.

واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في وقت لاحق شاكانتو، يرافقها الأمير لينداني ابن ملك إسواتيني عضو البرلمان، في ديوان وزارة الخارجية السعودي، حيث جرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين.