نشطاء سودانيون يسعون لجمع مليون توقيع لوقف الحرب

«سودانيون ضد الحرب»: الاقتتال لم يحل مشاكل البلاد ومزق نسيجها.. فلنوقفه

نشطاء سودانيون يسعون لجمع مليون توقيع لوقف الحرب
TT

نشطاء سودانيون يسعون لجمع مليون توقيع لوقف الحرب

نشطاء سودانيون يسعون لجمع مليون توقيع لوقف الحرب

ينشط سودانيون داخل البلاد، وفي أنحاء العالم المختلفة، في حملة لجمع توقيعات لإجبار المتحاربين في البلاد لوقف الحرب، وجمعت الحملة غير المسبوقة في أقل من 3 أيام قرابة ألف توقيع، ويسعى منظمو الحملة لجمع مليون توقيع خلال شهر.
وبدأت الحملة بمجموعة صغيرة داخل موقع التواصل الاجتماعي «واتس آب»، واتسعت رويدا في مواقع التواصل الأخرى «فيسبوك»، «تويتر»، «مدونات»، ثم انتقلت لموقع التصويتات الشهير «آفاز». ودعت الحملة التي تطلق على نفسها «سودانيون ضد الحرب»، السودانيين بمختلف انتماءاتهم السياسية للتوقيع من أجل وقف الحرب، ولممارسة ضغوط شعبية على المتحاربين من الأطراف كافة.
ووصف منظمو الحملة صور القتلى من الجيش والحركات المسلحة أو الحروب القبلية، بـ«المؤلمة»، وقالوا إن القتلى فقدوا حياتهم وتركوا أحزانا وجروحا غائرة، وأن أعدادا كبيرة من المفقودين لا يعلم أحد عنهم شيئا يُعدون طعنة في خاصرة الوطن.
وأوضحت ديباجة الحملة على موقع التصويتات «آفاز» أن الحرب التي اندلعت في البلاد منذ أكثر من 60 عاما، تتواصل، وأضافت: «إلى الآن كلما لاح ضوء لتتوقف تبدأ من جديد».
وتعهد منظمو الحملة بصفتهم مواطنين سودانيين محبين لبلادهم، برفض استمرار الحرب، وقالوا: «من أجل أسرنا وجيراننا وأصدقائنا ومعارفنا، ومن أجل مستقبل مزدهر وآمن لأبنائنا وأبناء وطننا جميعا، لتتوقف الحرب، يكفي ما سببته من آلام للناس في هذا البلد».
وأضافت الديباجة: «لا أحد مستفيد، ثكلى وأيتام وأرامل ودموع لا تنتهي، المرجو من أطراف الصراع ولأجل المواطنين العُزّل، وقف إطلاق النار من أجل حياة الأجيال القادمة». وأبدى موقعو الحملة رفضهم لاستمرار الحرب، واعتبروا التوقيع إسهاما في إرساء قيم العدالة والوعي بالحقوق، كحق الحياة وحق العيش الكريم ومبادئ الإنسانية، ودعوا لنبذ الاقتتال والتفرقة وللسعي الدؤوب لقبول الآخر والتعايش معه.
ورفعت الحملة شعارات من قبيل: «توقيعك من أجل إيقاف الحرب ‏يعني‬ وعيك بالتعايش السلمي، ويعني مدى اهتمامك بحقن الدماء، ويعني وقف الإبادة الجماعية، ويعني إحلال البديل الديمقراطي وتحقيق السلام الاجتماعي». وقالت ميرم تاجا، واحدة من مبتدري حملة التوقيعات، إن الحملة لا تستثني أحدا، وتهدف لتحقيق إجماع بين كافة السودانيين، وتوحيدهم على رفض الحرب، وطالبت تاجا في حديثها الهاتفي لـ«الشرق الأوسط»، شرائح المجتمع (أمهات، آباء، مهنيين، محاربين) بالانضمام للحملة.
وقتل في الحرب بين القوات الحكومية وحركات متمردة مسلحة في دارفور التي اندلعت عام 2003. وحسب إحصائيات أممية، قبل زهاء 5 سنوات، 300 ألف مدني، وأُحرقت آلاف القرى، ونزح قرابة مليونين خارج البلاد، فيما يعيش آخرون في معسكرات بائسة حول المدن، وتصر الخرطوم على أن أعداد القتلى لم تتجاوز 10 آلاف. ولا توجد إحصائية دقيقة حول أعداد الذين قُتلوا أو شُرّدوا منذ تلك الإحصائية حتى الآن، رغم أن القتال لم يتوقف، بل اتسع، واتخذ أبعادا أخرى، واستشرت الحروب القبلية.
واندلع نزاع آخر في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بين الحركة الشعبية لتحرير السودان المكونة من مقاتلين انحازوا لجنوب السودان في الحرب الأهلية التي انتهت بانفصال جنوب السودان، والقوات الحكومية منذ عام 2011. وخلف منذ ذلك الوقت آلاف القتلى ومئات الآلاف من النازحين.
ولم تفلح قوات حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد)، ولا مذكرات القبض الصادرة ضد مسؤولين حكوميين بجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي، وعلى رأسهم رئيس البلاد عمر البشير، في إيقاف الحرب.
ووقع محاربو دارفور أكثر من اتفاقية وقف إطلاق النار مع القوات الحكومية، وأشهرها اتفاقيتا «أبوجا» ووثيقة سلام «الدوحة»، بيد أن الاتفاقات تفشل في وقف القتل قبل جفاف حبر كتابتها.
وفشلت الوساطة الأفريقية في إقناع طرفي الحرب في المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق»؛ الحركة الشعبية والقوات الحكومية، بتوقيع اتفاقية سلام توقف القتال بين المحاربين، والقصف الجوي الذي يتعرض له المدنيين.
وذكرت تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة أن القوات الحكومية تشن غارات جوية تستهدف عمدا أو عشوائيا المدنيين الموالين فعليا أو ظنيا للحركات المسلحة. وأوضح التقرير الذي صدر قبل يومين أن قرابة 3.5 ألف قرية في دارفور تم تدميرها الـ5 أشهر الماضية، وتشريد قرابة نصف مليون شخص حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوشا».
وتشن القوات الحكومية المدعومة بقوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن حملات موسعة أطلقت عليها «الصيف الحاسم» ضد الحركات المسلحة، في كل من دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وتقول إنها ستحسم التمرد المسلح خلال صيف هذا العام، لكن من غير المرجح أن يحقق أحد الطرفين انتصارا حاسما بما ينهي الاقتتال.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».