«جيش الإسلام» يطلق على دمشق صواريخ بدائية.. والنظام يرد بالبراميل المتفجرة

مصادر إعلامية موالية: أكثر من 150 قذيفة سقطت فوق مدينة دوما

سكان منطقة دوما بريف دمشق عانوا من إلقاء مزيد من البراميل المتفجرة أمس (إ.ف.ب)
سكان منطقة دوما بريف دمشق عانوا من إلقاء مزيد من البراميل المتفجرة أمس (إ.ف.ب)
TT

«جيش الإسلام» يطلق على دمشق صواريخ بدائية.. والنظام يرد بالبراميل المتفجرة

سكان منطقة دوما بريف دمشق عانوا من إلقاء مزيد من البراميل المتفجرة أمس (إ.ف.ب)
سكان منطقة دوما بريف دمشق عانوا من إلقاء مزيد من البراميل المتفجرة أمس (إ.ف.ب)

بعد أكثر من شهر على انحسار سقوط القذائف على العاصمة دمشق، شنت المعارضة المسلحة المتمركزة في ريف دمشق هجوما غير مسبوق بقذائف الـ«هاون» والـ«كاتيوشيا» بدائية الصنع، على أنحاء متفرقة من المدينة شملت غالبية أحيائها، وخلال ساعات قليلة من بعد ظهر الأحد أطلقت أكثر من 50 صاروخا.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «قتل 7 أشخاص، هم 5 مدنيين وعسكريان كانا في الطريق، وأصيب عشرات آخرون بجروح في قصف على أحياء عدة في دمشق منذ صباح اليوم (أمس)».
وجاء هذا القصف بعد يومين من تهديدات زعيم «جيش الإسلام» المعارض زهران علوش بقصف العاصمة بأكثر من ألف صاروخ «هاون» و«كاتيوشا»، اعتبارا من صباح أمس الأحد، مع تحذير للمدنيين بالتزام المنازل والحذر من التجول. وترافقت تلك التهديدات التي أطلقها علوش عبر حسابه بموقع «تويتر» مع عاصفة من الشائعات بثت الذعر بين سكان دمشق.
ومع أن صباح أمس الأحد بدا يوما عاديا لم يسجل فيه سقوط قذائف، إلا أن الكثير من الأهالي لم يرسلوا أبناءهم إلى المدارس، كما امتنع البعض عن الذهاب إلى العمل وسط المدينة. ورغم أن الأسواق التجارية فتحت أبوابها، فإن الحركة كانت بطيئة إلى حد ما.
في الوقت نفسه، تابع طيران قوات النظام شن غاراته على بلدات‫الغوطة الشرقية (‏حمورية وبيت سوى وكفر بطنا وعربين) قتل جراءها شخصان وأصيب العشرات، كما قتل 4 آخرون في بلدة مضايا بينهم طفلان جراء القصف الجوي بالبراميل المتفجرة على الأحياء السكنية. وقامت قوات النظام بتفجير نفق كانت تحفره في بيت سحم بعد اكتشافه من قبل مقاتلي المعارضة، وأسفر التفجير عن إصابات في صفوف مقاتلي المعارضة، فيما أصيب 5 آخرون وقتل عنصر من الجيش الحر في بيت سحم جراء انفجار حافلة كانت تقلهم إلى موقع قتالي.
ومع انتصاف نهار أمس بدأت الصواريخ تمطر العاصمة، وراحت سيارات الإسعاف تجوب الشوارع لنقل المصابين، حيث سقطت قذيفة هاون على مكتب شركة تجارية في ساحة عرنوس أدت إلى إصابة 3 من موظفيها بينهم امرأة، واشتدت بعدها كثافة سقوط القذائف مع حلول موعد انصراف المدارس والموظفين. وخلال أقل من ساعتين سجل سقوط نحو 50 قذيفة «هاون» وصاروخ «كاتيوشا»، 5 منها سقطت في حي المالكي بمحيط القصر الجمهوري، ومثلها في حي المهاجرين، و3 في حي البرامكة بمنطقة الجمارك، وقذيفتان عند وزارة التعاليم العالي في المزة، واثنتان في محيط المدينة الجامعية في المزة، وأكثر من 10 على أحياء «مزة 86» والشيخ سعد والسومرية. كما سقطت قذائف في ساحة المحافظة و«شارع 29» وعين الكرش وشارع العابد وحي المزرعة وسط دمشق. وفي شرق دمشق تساقطت أكثر من 10 قذائف على حي العباسيين بعضها أصاب حاجزا لقوات النظام قريبا من الزبلطاني، أسفرت عن جرح عدد من جنود النظام. كما سقطت 3 قذائف في محيط محطة وقود بساحة العباسيين أدت إلى إشعال حريق كبير ومقتل شخص وجرح العشرات من المدنيين.
من جانبها، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر عسكري، تأكيده أن «وحدات من الجيش السوري تستهدف مصادر إطلاق القذائف على الأحياء السكنية في دمشق»، فيما ذكرت مصادر إعلامية موالية للنظام أن أكثر من 150 قذيفة سقطت فوق مدينة دوما في رد قاس على مصدر القذائف التي تسقط على دمشق. كما أكد مصدر في الجيش السوري أن «مدفعية الجيش السوري قصفت مواقع ومقرات التنظيمات المسلحة في الغوطة»، لافتا إلى أن «الجيش استهدف بالطيران الحربي والمدفعية مواقع (جيش الإسلام) في دوما ومحيط جوبر».
وكان زهران علوش زعيم تنظيم «جيش الإسلام» المتمركز في مدينة دوما بالغوطة الشرقية قد أعلن ليلة السبت - الأحد عبر حسابه على موقع «تويتر» أن «النظام يجهز لاستغلال ضربات (جيش الإسلام) الصاروخية وسيستهدف مدارس أطفال ومساجد وكنائس في قلب العاصمة دمشق». وأكد أن «(جيش الإسلام) وخلال ضرباته لن يستهدف تجمعات للمدنيين، أو المساجد، أو الكنائس، رافعا بذلك مسؤولية (جيش الإسلام) عن استهداف أي موقع مدني»، مختتما ما أعلنه بتحذير لأهالي العاصمة دمشق من ألاعيب النظام وإجرامه.
وسبق هذا الإعلان، إعلان من قائد «جيش الإسلام» مساء الجمعة بنيته استهداف مواقع لجيش النظام بمئات الصواريخ في العاصمة دمشق، ردا على ما سماه «القصف الهمجي لقوات النظام على الغوطة الشرقية».
ويعد الهجوم الصاروخي الذي تعرضت له دمشق هو الثاني من نوعه خلال أشهر؛ إذ سبق لـ«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» أن شن عملية مماثلة في أغسطس (آب) الماضي، بعد إطلاق تهديد بإطلاق أكثر من مائة صاروخ «كاتيوشا» محلية الصنع على أهداف عسكرية وأمنية للنظام داخل العاصمة، وهي التجمع الرئاسي بحي المالكي والمربع الأمني في حي كفرسوسة والتجمع الأمني العسكري بحي «المزة 86»، وذلك ردا على مجزرة ارتكبتها قوات النظام في دوما راح ضحيتها أكثر من 30 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، ثالث أيام عيد الفطر، واستمرت العملية 5 أيام بمعدل 20 صاروخا كل يوم.
ويأتي هجوم «جيش الإسلام» ردا على مقتل أكثر من 30 مدنيا في بلدة حمورية جراء إلقاء طائرات النظام براميل متفجرة على السوق التجارية وسط منطقة سكنية الأسبوع الماضي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.