مصادر لـ «الشرق الأوسط»: القوات الجوية مطوقة.. ومصير هادي مجهول والوزراء محاصرون

ميليشيات الحوثيين تفرق مظاهرات في صنعاء وتعتدي على طالبات

متظاهرون يمنيون خرجوا في صنعاء أمس حاملين شعارات داعية لرحيل الحوثيين (أ.ب)
متظاهرون يمنيون خرجوا في صنعاء أمس حاملين شعارات داعية لرحيل الحوثيين (أ.ب)
TT

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: القوات الجوية مطوقة.. ومصير هادي مجهول والوزراء محاصرون

متظاهرون يمنيون خرجوا في صنعاء أمس حاملين شعارات داعية لرحيل الحوثيين (أ.ب)
متظاهرون يمنيون خرجوا في صنعاء أمس حاملين شعارات داعية لرحيل الحوثيين (أ.ب)

يواصل الحوثيون في اليمن الاستيلاء على ما تبقى من وحدات القوات المسلحة والأمن، كما يواصلون احتجاز عدد من الوزراء والمسؤولين ومنع آخرين من السفر، في الوقت الذي لا يعرف فيه مصير الرئيس عبد ربه منصور هادي، هذا في حين يستخدم المسلحون القوة لقمع المظاهرات المتواصلة والرافضة لاغتصاب الحوثيين للحكم.
وفي الوقت الذي تستمر فيه ميليشيات الحوثيين في حصارها منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، فإن مصيره بات مجهولا بعد أن توقفت الاجتماعات التي كان يعقدها في منزله مع كبار المسؤولين في الدولة عشية إعلانه استقالته من منصبه، وأعلنت فصائل متعددة في «الحراك الجنوبي» أنها تحمل الحوثيين مسؤولية الحفاظ على حياة هادي ورئيس وزرائه وكل المسؤولين الجنوبيين في صنعاء، وأعلنت مصادر مقربة من عدد من الوزراء في الحكومة المستقيلة، أمس، أنهم يخضعون للإقامة الجبرية في منازلهم، وقال سياسي يمني بارز لـ«الشرق الأوسط»، رفض الكشف عن هويته، إن «الحوثيين من خلال هذه التصرفات والإجراءات يسعون إلى منع الوزراء والمسؤولين من مغادرة اليمن ومن فضح حقيقة تصرفاتهم ومطالبهم التي تقدموا بها والتي اضطرت الرئيس والحكومة إلى تقديم استقالاتهم»، وأشار السياسي اليمني إلى أن «الحوثيين استخدموا مفردات تهديد حقيرة بحق الوزراء والمسؤولين، بصورة عكست رغبتهم الجامحة في السيطرة على الحكم ليس إلا».
وقالت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن المسلحين الحوثيين حاصروا، أمس، مقر قيادة القوات الجوية في الجيش اليمني الواقعة في شمال العاصمة صنعاء ومنعوا قائد القوات الجوية من الدخول إلى مقر القيادة لمباشرة مهامه، وذلك في سياق مسلسل الحوثيين الذي ينفذونه منذ اجتياح العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث عمدوا إلى السيطرة على المعسكرات والألوية العسكرية، بالتعاون مع القادة العسكريين الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، كما يطرح كثير من القوى في الساحة اليمنية. واستولى المسلحون الحوثيون على ترسانة كبيرة من الأسلحة خلال الأشهر الماضية من المعسكرات التي سيطروا عليها، التي كان آخرها ألوية الحماية الرئاسية التي سلمت طواعية للحوثيين، وأيضا منظومة الصواريخ الاستراتيجية والمهمة في الترسانة العسكرية اليمنية.
إلى ذلك، واصلت ميليشيات الحوثيين، ولليوم الثالث على التوالي، قمع المظاهرات الشعبية المنددة بانقلابهم على السلطة الشرعية في صنعاء، وفرق المسلحون الحوثيون في العاصمة صنعاء، بالقوة أمس، مظاهرة لطلاب وطالبات جامعة صنعاء، كبرى الجامعات اليمنية. وقد انطلقت المظاهرة للتنديد بما يسمى انقلاب الحوثيين على نظام الحكم واحتلالهم العاصمة واحتجاز رموز الدولة السياسيين وحصارهم منزل الرئيس المستقيل وفرض مطالبهم السياسية بالقوة المسلحة. وقال شهود عيان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من الطلاب المتظاهرين أصيبوا بإصابات مختلفة، فيما اعتقل آخرون، وإن المسلحين لم يستثنوا من الضرب الطالبات في مجتمع محافظ لا يتم المساس فيه بالمرأة بتلك الطريقة. وأكدت مصادر محلية أن المسلحين من أتباع «أنصار الله» الحوثيين أطلقوا النار في الهواء واستخدموا العصي في تفريق الطلاب المتظاهرين.
وتشهد صنعاء وعدد من المحافظات مظاهرات متواصلة تندد بما يسمى إسقاط الشرعية الدستورية وبحكم الميليشيات الحوثية المحسوبة على إيران، وتداول نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي معلومات تظهر مدى ضيق الحوثيين بالرأي الآخر الرافض لأسلوبهم في الوصول إلى الحكم.
وإزاء تطورات الأوضاع الخاصة بقمع المتظاهرين واتخاذ إجراءات ضد الوزراء المستقيلين، قال سعيد شمسان، الناطق باسم حزب التجمع اليمني للإصلاح، الإسلامي، إن حزبه «يدعو لاجتماع عاجل لـ(المشترك) لتحديد موقف واضح من كل ما يجري وإعلانه إلى الرأي العام». وأدان شمسان، في تصريح صحافي نقله موقع حزبه «التعامل الهمجي لمسلحي الحوثي مع وزراء الحكومة المستقيلة ومحاصرتهم في منازلهم ومنعهم من الخروج، وكذا قمع الحوثيين لاحتجاجات طلاب جامعة صنعاء، وكل الانتهاكات بحق حقوق الإنسان»، مجددا رفض «(الإصلاح) للعنف واستخدام القوة ضد الخصوم أو الاستقواء بالسلاح في فرض المطالب».
وكانت عدد من المنظمات الحقوقية بينت في تقاريرها السنوية للعام الماضي 2014، أن الحوثيين تصدروا قائمة الجهات التي تنتهك حقوق الإنسان، وقالت منظمة «صحافيات بلا قيود» الحقوقية إن اليمن شهد العام الماضي أكثر من 150 حالة انتهاك «تعرض لها الصحافيون والإعلاميون تنوعت بين القتل والاعتداء بالضرب واقتحام المؤسسات الإعلامية واعتقال الصحافيين والتهديد بالقتل والضرب والحرمان من الحقوق والفصل التعسفي وغيرها من الانتهاكات»، وأشار تقرير للمنظمة إلى أن جماعة الحوثي دخلت على خط الجهات المنتهكة بعد 21 سبتمبر الماضي «بعد احتلال العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات من قبل جماعة الحوثي»، وإلى أن المرحلة التي دخل فيها اليمن بعد ذلك التاريخ «تمثلت في قمع الحريات الإعلامية والصحافية ومعاقبة كل من يعارض جماعة الحوثي التي باتت اليوم تسيطر على وسائل الإعلام الرسمية، وقامت بقمع كل الآراء المعارضة لها، وتتعامل مع الصحافيين والوسائل الإعلامية المعارضة لتصرفاتها بالقمع والإسكات، في انتهاك صارخ لحرية الرأي والتعبير».
وفي تطورات أمنية أخرى، هز انفجار عنيف، أمس، منطقة حزيز ودار سلم بجنوب العاصمة صنعاء، وقالت مصادر أمنية إن الانفجار نتج عن انفجار عبوة ناسفة زرعت في إحدى السيارات قرب إحدى الأسواق الشعبية، وأظهرت المعلومات الأولية إصابة 4 أشخاص في الانفجار، أحدهم في حال خطرة.
إلى ذلك، نجا المقدم عصام الغيلي، قائد شرطة الدوريات وأمن الطرقات (النجدة) في محافظة ذمار المتاخمة للعاصمة صنعاء من جهة الجنوب، أمس، من محاولة اغتيال على يد مسلحين اثنين كانا يستقلان دراجة نارية، أطلقا عليه النار قبل أن يلوذا بالفرار.
وباتت الدراجات النارية إحدى أهم الوسائل التي تستخدم في الاغتيالات المتواصلة منذ سنوات في اليمن، والتي حصدت أرواح مئات الضباط، حتى الآن، دون أن تتمكن السلطات من السيطرة على الموقف، رغم حظرها تحرك الدراجات في كثير من المحافظات اليمنية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.