الرباط تمنع مؤتمرا دوليا لمؤسسة ألمانية تزامنا مع زيارة وزير الخارجية الألماني

توقيف فريق صحافي أنجز برنامجا حول السخرية في الإعلام من دون ترخيص

الرباط تمنع مؤتمرا دوليا لمؤسسة ألمانية تزامنا مع زيارة وزير الخارجية الألماني
TT

الرباط تمنع مؤتمرا دوليا لمؤسسة ألمانية تزامنا مع زيارة وزير الخارجية الألماني

الرباط تمنع مؤتمرا دوليا لمؤسسة ألمانية تزامنا مع زيارة وزير الخارجية الألماني

منعت وزارة الداخلية المغربية ندوة كانت ستنظمها اليوم في الرباط مؤسسة «فريدريتش ناومان من أجل الحرية» الألمانية، وكان سيرأسها وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي، وذلك تزامنا مع زيارة رسمية قام بها فرانك فالتر شتاينماير، وزير الخارجية الألماني، للمغرب.
وتداولت عدة مواقع إخبارية مغربية، أمس، خبر منع مؤتمر دولي حول «الإعلام والحريات في المنطقة المغاربية»، إلا أن «إدارة الفندق تلقت اتصالا من سلطات ولاية الرباط تطلب منها عدم احتضان الندوة في حال عدم التوفر على ترخيص»، فأخبرت المنظمين بعدم قدرتها على احتضان الندوة. وحاولت وكالة الصحافة الفرنسية الاتصال بكل من وزارتي الداخلية والاتصال المغربيتين، لكن دون تلقي أي رد أو توضيح.
من جانبها، فضلت المؤسسة الألمانية المعنية عدم التعليق على موضوع المنع، في وقت كان يقوم فيه فرانك فالتر شتاينماير، وزير الخارجية الألماني، بزيارة رسمية إلى المغرب، بدأها منذ أول من أمس.
وبحسب يوسف الريسوني، المسؤول في «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان»، التي تعد أكبر منظمة حقوقية مغربية، فقد «تم نقل نشاط المؤتمر إلى مقر الجمعية بطلب من مؤسسة (فريدريتش ناومان)، بعدما تم منعه في أحد فنادق الرباط». وأضاف المسؤول في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية: «لا نعرف إن كان وزير الاتصال سيحضر الندوة في مقر جمعيتنا أم لا»، باعتبار أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعرضت لأكثر من 60 منعا لأنشطتها منذ يوليو (تموز) الماضي. وقد ربحت الجمعية دعوتين قضائيتين ضد كل من وزارة الداخلية ووزارة الشباب، اللتين يفترض أن تؤديا تباعا غرامتين من 9 آلاف و4500 يورو للجمعية كتعويض عن المنع.
وكان من المفترض أن يشارك في هذا المؤتمر الدولي الخاص بالمؤسسة الألمانية إعلاميون من مصر، وتونس، وفرنسا، والجزائر، والمغرب، إضافة إلى وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي.
من جهة ثانية، احتجزت السلطات المغربية فريق قناة «فرانس 24» باللغة العربية، عشية أمس، حينما كان يقوم بتصوير برنامج شهري، بحجة غياب ترخيص للتصوير، حتى قام الصحافي المسؤول بتسليمها تسجيل البرنامج، الذي كان موضوعه يدور حول السخرية في الإعلام.
وأكد جمال بودومة، رئيس التحرير في «فرانس 24» العربية ومقدم البرنامج، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «ممثلي وزارة الداخلية احتجزونا في المكان الذي كنا نقوم فيه بالتصوير، ولم يطلقوا سراحنا حتى سلمناهم تسجيلات البرنامج».
وفي المقابل نشرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية بيانا لولاية مدينة الرباط، قالت فيه إن السلطات ضبطت «طاقما صحافيا تابعا لقناة (فرانس 24)، وهو يقوم بتصوير برنامج بطريقة سرية بإحدى الفيلات بالرباط، تستغل كدار للضيافة، من دون الحصول على رخصة، ومن دون التوفر على بطاقات الاعتماد الصحافية».
وأضاف البيان أن «الطاقم الصحافي السالف الذكر رفض تقديم أي وثيقة تثبت هويته، أو أي رخصة تسمح بإنجاز البرنامج المذكور (...) كما أن ضيوف اللقاء رفضوا مغادرة الفيلا المذكورة، إلا بعد معالجة المشكل مع الطاقم الصحافي».
وأوضح بودومة أن موضوع الحلقة كان يدور «حول السخرية في الإعلام عقب الأحداث الأخيرة التي عرفتها فرنسا، وتمت استضافة كل من الفنان المغربي الساخر بزيز، ورسام الكاريكاتير خالد كدار، والصحافية سناء العاجي».
وبحسب المصدر نفسه، فقد طلب المسؤول منه بطاقة الاعتماد أو رخصة التصوير، كما أمر بتسليم التسجيلات «وهو ما رفضناه في البداية حيث بقينا محتجرين، ولم يتم إطلاق سراحنا قبل تسليم تلك التسجيلات للاطلاع على محتواها كما أخبرونا».
وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها السلطات المغربية بمنع «فرانس24» من تصوير أحد برامجها، الذي اعتادت تصويره منذ ما يقرب منذ سنتين دون حدوث مشكلات، ودون الحصول على ترخيص، حسبما أكد المصدر نفسه.
ويأتي هذا المنع في خضم أزمة الرباط وباريس، وتأجيل وزير الخارجية المغربية زيارته التي كانت مرتقبة، أمس، إلى فرنسا بسبب «عدم إحراز أي تقدم في المشاورات» الدبلوماسية لتجاوز الأزمة، حسبما أفادت الرباط.
من جانبه، فسر الإعلام المغربي تأجيل زيارة وزير الخارجية المغربي لباريس باستضافة قناة «فرانس 24» الثلاثاء الماضي الملاكم المغربي زكريا مومني، الذي كان صاحب الشكاية ضد مدير الاستخبارات المغربية، عبد اللطيف الحموشي، التي أججت الأزمة بين الرباط وباريس.
وجمد المغرب التعاون القضائي والأمني مع فرنسا منذ 20 فبراير (شباط) الماضي، وذلك حينما أقدمت الشرطة الفرنسية على استدعاء عبد اللطيف الحموشي، مدير الاستخبارات المغربية الداخلية، من مقر إقامة السفير المغربي في باريس، خلال زيارة رسمية، ليمثل أمام القضاء إثر شكاية تتهمه بالتعذيب من طرف ملاكم مغربي مقيم في فرنسا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».