العاهل الأردني: جهود مكثفة في سبيل الإفراج عن الطيار الأسير لدى «داعش»

أكد أن الحرب ضد التنظيمات الإرهابية هي حرب استباقية نخوضها دفاعا عن الدين الإسلامي

الملك عبد الله الثاني لدى لقائه شيوخ ووجهاء قبيلة بني صخر في البادية الوسطى أول من أمس (بترا)
الملك عبد الله الثاني لدى لقائه شيوخ ووجهاء قبيلة بني صخر في البادية الوسطى أول من أمس (بترا)
TT

العاهل الأردني: جهود مكثفة في سبيل الإفراج عن الطيار الأسير لدى «داعش»

الملك عبد الله الثاني لدى لقائه شيوخ ووجهاء قبيلة بني صخر في البادية الوسطى أول من أمس (بترا)
الملك عبد الله الثاني لدى لقائه شيوخ ووجهاء قبيلة بني صخر في البادية الوسطى أول من أمس (بترا)

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن ثمة جهودا مكثفة تقوم بها الجهات المختصة في سبيل تأمين الإفراج عن الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الأسير لدى تنظيم داعش، طالبا من الجميع الصبر وأن «نترك المختصين يقومون بواجبهم في هذا الموضوع».
وكان الطيار الكساسبة قد تم إسقاط طائرته خلال قيامه بطلعة جوية على أهداف تابعة لتنظيم داعش الشهر الماضي، ضمن طلعات جوية لقوات التحالف الدولي وتم أسره بعدما هبط بمظلته فوق مدينة الرقة السورية.
وقال الملك عبد الله الثاني خلال لقائه ليلة أول من أمس، في منطقة الموقر بالبادية الوسطى، شيوخ ووجهاء وأبناء قبيلة بني صخر، ضمن لقاءاته وزياراته التواصلية مع أبناء الوطن في مختلف مناطقهم، إن الأردن قادر على مواجهة مختلف التحديات وتجاوزها، مشيرا إلى التضحيات التي قدمها أبناء الوطن دفاعا عن الوطن والأمة، مؤكدا أن معاذ الكساسبة ابن لكل الأردنيين، وهو طيار مقاتل في الجيش العربي الذي قدم التضحيات على مدى التاريخ.
وقدر الملك عبد الله الثاني عاليا دور القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية في حماية الحدود وصون أمن المملكة والمواطنين، مؤكدا أن «وضعنا على الحدود مريح ونعمل على حمايتها باستمرار، مثلما أن وضعنا السياسي قوي جدا، وكثير من الدول بحاجة إلى الأردن وقوته، ودورنا أكبر من حدودنا».
وعبر الملك عبد الله الثاني، خلال الزيارة، عن إدانته الشديدة لأي إساءة للرسول العربي الهاشمي الكريم، معتبرا أن نشر رسومات مسيئة تجسد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو عمل مدان وفيه إيذاء لمشاعر المسلمين في كل مكان.
واعتبر أن الحرب ضد التنظيمات الإرهابية هي حرب استباقية «ونخوضها ضد المتطرفين دفاعا عن الدين الإسلامي الحنيف، ويجب تبني منهج شمولي لمواجهة الإرهاب والتطرف عسكريا وأمنيا وآيديولوجيا، والحرب اليوم داخل الإسلام، ويجب أن يأخذ العرب والمسلمون زمام المبادرة نصرة للإسلام ورسالته السمحة».
وحول مشاركته في مسيرة فرنسا ضد الإرهاب، تساءل الملك عبد الله الثاني: «إن لم تشارك الدول العربية والإسلامية فكيف سيكون تأثير ذلك على من يقف مع المسلمين من غير المسلمين؟».
وأضاف: «ذهبنا إلى هناك لنقف ضد التطرف والإرهاب وللوقوف إلى جانب فرنسا كصديقة للأردن، والأهم من ذلك ذهبنا حتى نقف مع 6 ملايين مسلم في فرنسا، وهم أكبر تجمع إسلامي في دولة أوروبية».
وأكد ضرورة إحداث وعي داخل العالم الإسلامي، معتبرا أن الرسوم المسيئة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليست من الحريات، وهي مرفوضة ومدانة.
ولفت إلى النقاش الذي يحدث داخل العالم الإسلامي ومع الأجانب حول الاعتدال والتطرف، قائلا: «أنا مسلم ونحن كلنا مسلمون، والمتطرفون لا يمثلون الإسلام، وواجبنا حماية سمعة الإسلام والمسلمين».
وأكد الملك عبد الله الثاني في موازاة ذلك، أهمية تكثيف التحالفات ضد التطرف وأن يكون هناك تحالف عربي إسلامي للتصدي للإرهاب يساهم فيه المجتمع الدولي.
وقال إذا أردنا أن نبني تحالفا سياسيا ضد التطرف فمن غير المسموح أن تتم الإساءة إلى أي دين، منوها بموقف بابا الفاتيكان الإيجابي الرافض للإساءة للرموز الدينية.
ولفت إلى أن ما شهدته فرنسا من أحداث أخيرا هدفت إلى زيادة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وهذا جزء من المشكلة: «وواجبنا أن نحمي صورة إسلام الاعتدال والتسامح، وهذا واجب الجميع في كل البلدان العربية والإسلامية».
وتحدث الملك عبد الله الثاني عن جهود مساعي السلام في المنطقة، حيث أكد أن تحقيق السلام وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يشكل مدخلا لحل جميع قضايا المنطقة، وأن بقاءها دون حل سيزيد من حدة التطرف الذي ستكون مواجهته أصعب.
وجدد الملك عبد الله الثاني التأكيد على «الاستمرار في بذل كل جهد ممكن من أجل الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس انطلاقا من الوصاية الهاشمية عليها، وهذا واجب وشرف ونحن مستمرون في هذا الاتجاه».
وتحدث خلال الزيارة عن تطورات الأوضاع على الساحتين العراقية والسورية، مجددا موقف الأردن الداعي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. وقال الملك: «نحن نعمل ليل نهار من أجل أن نطور الوضع الاقتصادي في الأردن»، معربا عن تفاؤله بأن يكون المستقبل أفضل، مشددا على «أن تحسين الظروف المعيشية هو على رأس الأولويات، وندرك جميعا التحديات الاقتصادية التي تواجهنا، ومشكلة الفقر والبطالة ستبقى التحدي الأكبر».
ووجه العاهل الأردني الديوان الملكي بتبني مجموعة من المبادرات ذات الأولوية للمجتمع المحلي، ومنها: دعم إقامة عدد من المشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والتعليم المهني والتقني، ودعم بعض الجمعيات ذات المشاريع الإنتاجية، مشيرا إلى أهمية تشكيل لجنة من أبناء البادية الوسطى للتواصل مع الديوان الملكي لبحث أولويات المنطقة.
ودعا إلى وضع تصورات ومبادرات للتطوير، يطرحها أبناء البادية تفضي إلى وضع برامج تساهم في توفير فرص العمل للشباب والشابات، وتركز على التعليم المهني والتقني وتوائم بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
وعبر رئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز، باسم قبيلة بني صخر، عن تقديره للجهود التي يبذلها الملك من أجل تطوير وتحسين المملكة في شتى الميادين.
وقال الفايز إن الأردن يمثل صمام الأمان للمنطقة العربية: «وأنتم يا جلالة الملك تمثلون صمام الأمان للأردن والأردنيين»، مؤكدا أن حرص جلالة الملك على الالتقاء بأبناء الوطن وتلمس احتياجاتهم إنما هي قيمة أصيلة كرسها الهاشميون.
وأشار إلى أن التحديات الداخلية التي تحيط بالوطن جراء ما يشهد الإقليم من صراعات واضطرابات تتطلب تعزيز النسيج الداخلي وتفويت الفرصة على كل متربص وحاقد يريد أن ينال من هذا الوطن.
ولفت إلى أنه رغم القتل والدمار في الكثير من الدول العربية من حولنا، فإن الأردن «أصبح عنوانا لدولة القانون والمساواة وتكافؤ الفرص عبر عملية إصلاح شاملة من أجل النماء والبناء والتحديث».
وبخصوص الحرب على الإرهاب، قال الفايز: «إن الحرب على الإرهاب هي حربنا، وإن علينا جميعا التصدي لهذه الآفة الخطيرة، والرد على هذه الظاهرة يأتي من خلال إعلاء قيم الدين الإسلامي الذي هو دين التسامح والرحمة».
وأشار إلى ضرورة إحداث تنمية شاملة في مناطق البادية الوسطى ومعاملتها معاملة المحافظات، لإحداث التنمية الشاملة.
من جانبه قال النائب جمال حديثة الخريشا، إن أبناء بني صخر يؤكدون انتماءهم الثابت للوطن وولاءهم للقيادة، وهو نهج الأجداد والآباء عبر التاريخ.
وأشار إلى أن أبناء بني صخر، منذ تأسيس الدولة، قدموا التضحيات الجسام، وكانوا في طليعة من شاركوا في معارك الوطن، وقدموا الشهداء في كل معاركه.
من جهته، قال العين الدكتور محمد الزهير، إننا في هذا اليوم «نؤمن بنبل القيادة الهاشمية وشرعيتها، والوفاء لها ممتد وموصول».
وبين أن الملك هو أول من حذر مما يحدث اليوم في المنطقة وما تشهده من تطرف وإرهاب، لافتا إلى دور الملك في المحافل الدولية في الدفاع عن الإسلام وعظمته.
بدوره، قال متعب الزبن (من كبار الضباط المتقاعدين): «إن أولويتنا الأولى تأمين الأمن ودرء المخاطر عن الوطن»، وهي جهود مباركة تقوم بها الأجهزة الأمنية.
وثمن مواقف الملك في المحافل الدولية ضد الإرهاب، وقال: «ونحن معكم»، معتبرا أن زيارة الملك لأبناء بني صخر هي «عامل أساسي في تقوية الجبهة الداخلية». وقال النائب السابق مجحم الخريشا إن أبناء قبيلة بني صخر يقفون مع جلالة الملك في خطواته التي يقوم بها من أجل تطوير وتحسين ومنعة الأردن، مضيفا: «إننا نرى ونشاهد جهودكم في المحافل الدولية لرفع مكانة الأردن الدولية لنقدر عاليا هذه الجهود».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».