هجوم بسيارة مفخخة في مقديشو كان يستهدف وفدا تركيا يمهد لزيارة إردوغان إلى الصومال

حركة الشباب تعلن مسؤوليتها

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأثيوبي هايلي مريام ديساليغنه يستعرضان حرس الشرف في العاصمة أديس أبابا أمس (ا.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأثيوبي هايلي مريام ديساليغنه يستعرضان حرس الشرف في العاصمة أديس أبابا أمس (ا.ف.ب)
TT

هجوم بسيارة مفخخة في مقديشو كان يستهدف وفدا تركيا يمهد لزيارة إردوغان إلى الصومال

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأثيوبي هايلي مريام ديساليغنه يستعرضان حرس الشرف في العاصمة أديس أبابا أمس (ا.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأثيوبي هايلي مريام ديساليغنه يستعرضان حرس الشرف في العاصمة أديس أبابا أمس (ا.ف.ب)

استهدف هجوم انتحاري بواسطة سيارة مفخخة فندقا يقيم فيه وفد تركي يتألف من دبلوماسيين ومسؤولين أمنيين وصل إلى العاصمة الصومالية مقديشو قبل يومين تمهيدا لزيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي من المقرر أن يزور مقديشو اليوم (الجمعة).
ووقع الهجوم مساء أمس عندما انفجرت سيارة مفخخة يقودها انتحاري عند مدخل فندق «إس واي إل»، حيث يقيم الوفد التركي التمهيدي، الذي وصل إلى مقديشو لإعداد الترتيبات الأمنية للتحضير لزيارة إردوغان. وأكدت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم يصب أي من أعضاء الوفد التركي بأذى جراء هذا الهجوم. وأضافت المصادر ذاتها، أن أعضاء الوفد التركي في مكان آمن داخل الفندق، وأن السيارة المفخخة انفجرت خارج الفندق. وتشير مصادر أولية إلى أن الانفجار أسفر عن 5 قتلى علي الأقل وإصابة آخرين بجروح معظمهم في صفوف القوات التي كانت تحرس الفندق الذي تعرض للهجوم؛ في حين لم تعرف بعد الحصيلة النهائية لضحايا هذا الهجوم جراء تكتم السلطات الحكومية، التي قالت: إنها لا نزال نتحرى تفاصيل الخسائر البشرية.
ويقع فندق «إس واي إل» المستهدف على مقربة من مجمع قصر الرئاسة الصومالية (فيلا صوماليا)، وهو المجمع الذي تحيط به إجراءات أمنية مشددة ويؤوي مكاتب الرئاسة ومكاتب رئيس الوزراء ومقر مجلس الوزراء ومكاتب رئيس البرلمان. وعادة ما يرتاده الزوار الأجانب والوفود الرسمية في هذا الفندق، وكان هذا الفندق قد استضاف قبل أيام اجتماعا لوزراء خارجية لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) في مقديشو.
ووقع هذا الهجوم رغم الإجراءات الأمنية المشددة اتخذتها السلطات الصومالية عشية زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مقديشو، حيث تم إغلاق معظم الشوارع الرئيسية في العاصمة، إضافة إلى تعليق جميع رحلات مطار مقديشو الدولي اليوم (الجمعة). وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي تشهدها العاصمة مقديشو استعدادا لزيارة إردوغان، فإن هذا التشديد في الإجراءات الأمنية لم يمنع حركة الشباب من تنفيذ هذا الهجوم.
وعلى الرغم من أن هذا الهجوم يأتي في إطار سلسلة من الهجمات الدامية التي تنفذها حركة الشباب المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة؛ فإن هذا الهجوم الأخير والتوقيت الذي حدث فيه يحملان الكثير من الدلالات، حيث تزامن الهجوم قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس التركي، كما أنه استهدف وفدا تركيا وصل إلى البلاد للتحضيرات لزيارة إردوغان. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الهجوم يؤكد مدى قدرة حركة الشباب على اختراق الإجراءات الأمنية المتشددة في المناطق الحساسة المحيطة بالقصر الرئاسي، رغم تشديد الإجراءات الأمنية في مقديشو.
وصرح مصدر في الرئاسة الصومالية بأن إردوغان سيصل إلى مقديشو اليوم (الجمعة) رغم هذا الهجوم والمخاوف الأمنية التي تشهدها المدينة. وقال المتحدث باسم الرئاسة الصومالية داود أويس، إن «الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، سيصل غدا الجمعة (اليوم) إلى مطار مقديشو الدولي، وسيستقبله هناك الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة».
وقد أعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عن هذا الهجوم الذي استهدف الفندق الذي يقيم فيه أعضاء الوفد التركي للتمهيد لزيارة الرئيس إردوغان. وقال الشيخ عبد العزيز أبو مصعب، المتحدث باسم العمليات العسكرية لحركة الشباب، إن الحركة هاجمت الفندق وقتلت عددا من أفراد عناصر الشرطة الصومالية هناك.
ولم يشر المتحدث باسم العمليات العسكرية لحركة الشباب إلى ما ذا كان الهدف من هذا الهجوم على أعضاء الوفد التركي في الفندق أم لا. ويأتي هذا الانفجار في الوقت الذي أغلقت قوات الأمن غالبية الطرق الرئيسية في العاصمة بما في ذلك الطرق التي تربط مطار مقديشو الدولي بالقصر الرئاسي، ولذلك فإن هناك الكثير من التساؤلات بشأن كيفية تمكن المهاجم الانتحاري من التسلل والوصول إلى فندق «إس واي إل» الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة، والذي يقع داخل منطقة شديدة التحصين لتأمين القصر الرئاسي. وتسلط الهجمات النوعية المتزايدة التي تنفذها حركة الشباب في مقديشو الخطر الكبير الذي تشكله الحركة. فقد توعدت حركة الشباب منذ طردها من العاصمة مقديشو والكثير من المدن والبلدات الرئيسية والاستراتيجية بوسط وجنوب البلاد بتغيير تكتيكاتها واستراتيجيتها الحربية وتنفيذ عمليات نوعية ضد الأهداف الحكومية ومقرات القوات والبعثات الأجنبية في البلاد.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.