قيادي حوثي: سيتم تشكيل مجلس رئاسي من العسكريين واللجان الشعبية لإدارة البلد قريبا

اليمن يدخل مرحلة الفوضى التامة

عنصر تابع لميليشيات الحوثيين يجلس إلى جانب مدرعة تابعة للحرس الرئاسي أمام قصر الرئيس بصنعاء أمس (أ.ف.ب)
عنصر تابع لميليشيات الحوثيين يجلس إلى جانب مدرعة تابعة للحرس الرئاسي أمام قصر الرئيس بصنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

قيادي حوثي: سيتم تشكيل مجلس رئاسي من العسكريين واللجان الشعبية لإدارة البلد قريبا

عنصر تابع لميليشيات الحوثيين يجلس إلى جانب مدرعة تابعة للحرس الرئاسي أمام قصر الرئيس بصنعاء أمس (أ.ف.ب)
عنصر تابع لميليشيات الحوثيين يجلس إلى جانب مدرعة تابعة للحرس الرئاسي أمام قصر الرئيس بصنعاء أمس (أ.ف.ب)

قال القيادي في حركة الحوثيين (أنصار الله) علي العماد إنهم سيشكلون مجلسا رئاسيا بعد استقالة الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، وأكد العماد أن المجلس الرئاسي سيضم قيادات عسكرية من الجيش والأمن ومن اللجان الشعبية التابعة لجماعته، إضافة إلى أحزاب سياسية، دون أن يوضح تفاصيل ذلك، ووضعت استقالة هادي وبحاح اليمن في فراغ بالسلطة، كما يقول المراقبون، وتسببت في مأزق للحوثيين، وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذين لم يتوقعوا تقديم هادي استقالته، وكانوا يعتمدون على شرعيته لتنفيذ أهدافهم طوال الفترة الماضية.
وانتشرت عشرات المدرعات التابعة للحوثيين في شوارع العاصمة صنعاء، في حين عاد مسلحوهم إلى نقاط التفتيش التي كانوا قد انسحبوا منها سابقا، في حين شهدت مدن بجنوب ووسط البلاد، مظاهرات منددة بالانقلاب الحوثي، ومؤيدة لاستقالة هادي وبحاح، وطالب الناشطون الجنوبيون بإعلان الانفصال عن الشمال، فيما أكد قيادي جنوبي أن إعلان الانفصال جاء من صنعاء، وليس من عدن، عبر الانقلاب على شرعية المؤسسة الرئاسية والحكومة.
وكانت مصادر يمنية كشفت لـ«الشرق الأوسط» في عدد الاربعاء الماضي أن جماعة الحوثي تشهد تشاورا لتشكيل مجلس رئاسي مدته عام, وبتوافق بين جميع الأحزاب, وأن تجري إعادة صياغة الدستور واستبعاد مقترح الأقاليم الستة والعودة إلى مقترح الإقليمين.
ودخل اليمن مرحلة الفوضى التامة، أمس، مع استقالة الحكومة وما تلاها من إعلان الرئيس تقديم استقالته التي سارع البرلمان إلى رفضها. في حين لا تزال صنعاء تحت سيطرة الحوثيين بشكل كامل. وتأتي استقالة هادي بعد أن قدمت الحكومة اليمنية التي تم تشكيلها قبل أقل من 3 أشهر، استقالتها، بعد أن استولت الميليشيات الشيعية «أنصار الله» على مجمع القصر الرئاسي. وقال مسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية، رافضا كشف هويته، إن «مجلس النواب، ممثلا برئيسه يحيى الراعي، رفض استقالة الرئيس وقرر عقد جلسة طارئة صباح الجمعة».
والأربعاء، بحث رئيس الحكومة أمر استقالته، وترك مقر إقامته في وسط صنعاء، حيث حاصرته الميليشيات الشيعية، طيلة يومين.
ويبدو أن بحاح (49 عاما) وزير النفط السابق الذي تم تكليفه تشكيل الحكومة في 13 أكتوبر (تشرين الأول) يريد النأي بنفسه عن موقف رئيس البلاد بسبب التنازلات التي قدمها للميليشيات الشيعية.
ويطالب الحوثيون الذي يسيطرون على أجزاء واسعة في صنعاء منذ سبتمبر (أيلول) بمزيد من الوزن السياسي في مؤسسات الدولة، كما أنهم يعترضون على مسودة الدستور التي تقسم اليمن إلى 6 أقاليم.
ولا يزال المسلحون الشيعة منتشرين في كل أنحاء صنعاء، رغم التزامهم بالانسحاب من القطاعات الرئيسية في مقابل تنازلات سياسية من جانب الرئيس.
وتوصل الحوثيون وهادي إلى اتفاق من 9 نقاط مساء الأربعاء، يتضمن تعهد عناصر الميليشيات الانسحاب من القصر الرئاسي، وكذلك من «كل المواقع التي تشرف على مقر إقامة الرئيس».
ووعد الحوثيون أيضا بالانسحاب من منطقة سكن رئيس الوزراء في وسط المدينة، وبالإفراج عن مدير مكتب الرئيس، أحمد عوض بن مبارك، الذي خطف السبت، لكن الحوثيين لم يغادروا أماكن انتشارهم.
وقد استولت الميليشيا الشيعية التي دخلت صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول)، على القطاعات الأساسية في العاصمة، هذا الأسبوع، وأحكمت عناصرها الطوق حول الرئيس بعد المعارك مع قوات حكومية. وفي مقابل هذه الالتزامات، قدم الرئيس اليمني تنازلات مهمة، وقال بعض الخبراء إن الرئيس قدم تنازلات «تحت التهديد».
وسيكون ممكنا «إدخال تعديلات» على مشروع الدستور الذي كان ينص حتى الآن على صيغة فيدرالية تتضمن 6 أقاليم يرفضها الحوثيون.
كذلك بات يحق للحوثيين والحراك الجنوبي والفصائل السياسية الأخرى «المحرومة من تمثيل عادل في مؤسسات الدولة تعيينهم في هذه المؤسسات».
يذكر أن هادي تولى منصب الرئاسة في 25 فبراير (شباط) 2012، إثر تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وفي مناخ الأزمة الشاملة، يمكن أن تؤدي بؤرة توتر أخرى إلى موجة جديدة من أعمال العنف.
وكان زعيم الميليشيا الشيعية عبد الملك الحوثي، هدد في الرابع من يناير (كانون الثاني) بالاستيلاء على هذه المحافظة الغنية بالنفط والغاز الطبيعي، التي يطمع بها أنصاره منذ سيطرتهم على العاصمة في سبتمبر.
لكن القبائل السنية في هذه المنطقة التي ينتشر فيها تنظيم القاعدة أيضا، تؤكد باستمرار أنها ستتصدى لهم بالقوة.
وأرسلت قبائل سنية أخرى في مناطق أخرى من اليمن تعزيزات إلى مأرب التي طرح وضعها الأمني في الاتفاق المعقود مساء الأربعاء، الذي ينص على تدابير أمنية لخفض حدة التوتر فيها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.