السعودية: نحو مزيد من الحزم مع جرائم التلاعب بالقوائم المالية للشركات

خسائر شركة «موبايلي» تقود تداولات السهم إلى الإغلاق عند النسبة الدنيا

جانب من تداولات الأسهم السعودية  (رويترز)
جانب من تداولات الأسهم السعودية (رويترز)
TT

السعودية: نحو مزيد من الحزم مع جرائم التلاعب بالقوائم المالية للشركات

جانب من تداولات الأسهم السعودية  (رويترز)
جانب من تداولات الأسهم السعودية (رويترز)

في خطوة جديدة من شأنها الحد من عمليات تقديم بيانات مالية مضللة، أو القيام باحتيالات محاسبية من أجل إظهار أرقام مالية غير حقيقية، اقتربت السعودية من إقرار مجموعة من الأحكام الجزائية المتعلقة بالجرائم الجنائية التي قد تمارسها الشركات المدرجة في سوق الأسهم المحلية.
وتأتي قضية القوائم المالية لشركة «موبايلي»، التي شهدت تغيرات كبيرة بعد نحو 18 شهرا من الإعلان عنها (تم مسح بعض الأرباح المعلنة)، بوصفها إحدى أهم القضايا التي قادت اللجنة المالية في مجلس الشورى السعودي نحو تقديم جملة من مقترحات الأحكام الجزائية للجرائم الجنائية، وهي الجرائم التي قد ترتكبها الشركات المدرجة في سوق الأسهم في البلاد.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع يوم أمس أن هيئة السوق المالية السعودية أبدت ترحيبا بالأحكام الجزائية المقترحة، إلا أنها ناقشت بعض هذه الأحكام مع اللجنة المالية في مجلس الشورى، مما أعاد بلورتها ووضعها في الإطار المناسب لها، وسط تعاون ملحوظ من قبل بقية الجهات ذات العلاقة.
وفي هذا الصدد، عقدت اللجنة المالية بمجلس الشورى برئاسة الدكتور حسام بن عبد المحسن العنقري عضو المجلس رئيس اللجنة في مقر المجلس منتصف الأسبوع الحالي، اجتماعا لمناقشة مقترح الأحكام الجزائية للجرائم الجنائية المتعلقة بالشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية، بحضور مندوبين من وزارة الداخلية، ووزارة العدل، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وهيئة السوق المالية، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وأوضح الدكتور حسام العنقري أن مقترح الأحكام الجزائية للجرائم الجنائية المتعلقة بالشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية التي تشرف عليها هيئة السوق المالية تتعلق بجرائم التزوير في المستندات أو التزييف فيها أو تقديم بيانات مالية كاذبة أو مضللة، أو الإدلاء بأقوال كاذبة أو مضللة عنها، أو القيام بإتلاف وثائق من شأنه إخفاء حقائق عن تلك الشركات، أو القيام باحتيالات محاسبية من أجل إظهار أرقام مالية لتلك الشركات مغايرة للحقيقة.
وأفاد رئيس اللجنة في بيان صحافي يوم أول من أمس، بأنه جرى خلال الاجتماع مناقشة ما تضمنه المقترح من أحكام جزائية تم النص عليها في 9 مواد، وتبادل الآراء بين أعضاء اللجنة المالية ومندوبي الجهات المشاركين في الاجتماع حول تلك الأحكام الجزائية المقترحة.
وأشاد الدكتور العنقري بالجهود الكبيرة التي تقوم بها السوق المالية في الإشراف على الشركات المدرجة في السوق ومراقبتها، إلى جانب جهود الجهات الأخرى التي تتولى التحقيق في المخالفات لنظام السوق ونظام الشركات وإصدار الأحكام بشأنها.
وأكد الدكتور العنقري أهمية المقترح كونه يهدف إلى إيجاد نصوص نظامية تتضمن عقوبات جنائية رادعة وتحدد جهات الضبط والتحقيق والادعاء فيها، والجهة القضائية المختصة بالفصل فيها لتشمل المخالفين، سواء كانوا أشخاصا ذوي صفة طبيعية، أو أشخاصا ذوي صفة اعتبارية؛ مثل الشركات بجميع أنواعها، سواء كانت مدرجة في سوق الأسهم السعودية أم غير مدرجة فيها، مشيرا إلى أن اللجنة ستعكف على دراسة ما تضمنه المقترح من أحكام جزائية دراسة شاملة ووافية، ومن ثم ترفع تقريرها تمهيدا لإدراجه على جدول أعمال مجلس الشورى.
من جهة أخرى، أغلق مؤشر سوق الأسهم السعودية على ارتفاعات محدودة بلغ حجمها نحو 27 نقطة، يوم أمس، لينهي بذلك المؤشر العام تداولاته عند مستويات 8421 نقطة، وسط سيولة نقدية متراجعة بلغ حجمها نحو 5.9 مليار ريال (1.5 مليار دولار)، فيما شمل الارتفاع أسهم 102 شركة مدرجة.
وتأتي هذه الارتفاعات على خلفية تراجع متوسط شهده مؤشر السوق أول من أمس، نتيجة لخسائر النفط الأخيرة التي بلغت نسبتها نحو 4 في المائة، إضافة إلى تأزم الأوضاع في المنطقة، خصوصا ما يحدث حاليا في اليمن، وسط طموحات المستثمرين بأن يحاول مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال تعاملات الأسبوع المقبل العودة مجددا فوق مستويات 8500 نقطة.
من جهة أخرى، تراجع سهم شركة «موبايلي» ثاني مقدم لخدمات الهاتف الجوال في السعودية، تراجعا بالنسبة القصوى خلال تعاملاته يوم أمس، لينهي تعاملاته عند 42.70 ريال (11.3 دولار)، وسط عروض بلا طلبات، جاء ذلك عقب تسجيل الشركة خسائر فصلية عن الربع الرابع من عام 2014 بقيمة 2.2 مليار ريال (586 مليون دولار). وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أعلنت فيه هيئة السوق المالية السعودية، قبل نحو أسبوعين، إيقاع عقوبات مالية وقانونية على 4 أشخاص قدموا توصياتهم على بعض أسهم الشركات المدرجة في السوق المالية المحلية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الجوالة، مقابل مبالغ مالية حصلوا عليها من المشتركين الأفراد.
كما تأتي هذه العقوبات التي أعلنتها هيئة السوق المالية السعودية امتدادا لعقوبات أخرى مماثلة جرى الإعلان عنها سلفا، مما يوحي بأن هيئة السوق ما زالت تلاحق مروجي توصيات الأسهم الذين يطالبون بمبالغ مالية مقابل هذه الخدمة مستخدمين بذلك حسابات خاصة في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أو هواتفهم الجوالة. وتبلغ الغرامات المالية التي جرى إيقاعها على المخالفين الأربعة حينها، نحو 80 ألف ريال (21.3 ألف دولار)، بينما شملت قائمة الأسماء التي جرت معاقبتها 3 رجال، وامرأة واحدة، يأتي ذلك في وقت شهدت فيه سوق الأسهم السعودية خلال الفترة الماضية موجة حادة من التذبذبات بين الارتفاع والانخفاض.
كما تأتي هذه المستجدات في الوقت الذي تسعى فيه السعودية نحو ضبط مستويات الشفافية والإفصاح في سوقها المالية، حيث أكدت هيئة السوق في البلاد - أخيرا - أن التداول بناء على معلومات داخلية في الشركات المدرجة في السوق المالية، يعد عملا محظورا، وفقا لنظام السوق المالية واللوائح التنفيذية الصادرة عن الهيئة.
وتقضي المادة 50 من نظام السوق المالية السعودية بأنه يحظر على أي شخص يحصل بحكم علاقة عائلية أو علاقة عمل أو علاقة تعاقدية على معلومات داخلية، أن يتداول بطريق مباشر أو غير مباشر الورقة المالية التي تتعلق بها هذه المعلومات، أو أن يفصح عن هذه المعلومات لشخص آخر، توقعا منه أن يقوم ذلك الشخص الآخر بتداول تلك الورقة المالية.
وقالت هيئة السوق في بيان صحافي حينها: «يقصد بالمعلومات الداخلية المعلومات التي يحصل عليها الشخص المطلع، التي لا تكون متوافرة لعموم الجمهور، ولم يجر الإعلان عنها، ويدرك الشخص العادي بالنظر إلى طبيعة ومحتوى تلك المعلومات، أن إعلانها وتوافرها سيؤثر تأثيرا جوهريا في سعر الورقة المالية أو قيمتها التي تتعلق بها هذه المعلومات، ويعلم الشخص المطلع أنها غير متوافرة عموما، وأنها لو توافرت لأثرت في سعر الورقة المالية أو قيمتها تأثيرا جوهريا»، مؤكدة أن الأنظمة تنص على أنه يحظر على أي شخص شراء أو بيع ورقة مالية بناء على معلومات حصل عليها من شخص مطلع.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.