الحوثيون يختطفون مدير مكتب رئاسة الجمهورية ودول التعاون تدين

مصدر مقرب من الرئاسة لـ {الشرق الأوسط} : العلاقة بين هادي والحوثيين متوترة جدا.. والخلاف الأول حول مسودة الدستور

أحمد عوض بن مبارك (إ.ب.أ)
أحمد عوض بن مبارك (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يختطفون مدير مكتب رئاسة الجمهورية ودول التعاون تدين

أحمد عوض بن مبارك (إ.ب.أ)
أحمد عوض بن مبارك (إ.ب.أ)

اختطف مسلحون حوثيون في صنعاء مدير مكتب رئاسة الجمهورية، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، من أحد شوارع صنعاء، في الوقت الذي أعلن فيه قائد قوات الأمن الخاصة عن قرب استيعاب ميليشيا الحوثيين في قوام قوات الأمن. وشهدت العاصمة صنعاء وبعض المحافظات مظاهرات منددة بانتشار الميليشيات المسلحة.
واعترفت اللجان (الميليشيات) التابعة لجماعة الحوثي، بزعامة عبد الملك الحوثي، باختطافها للدكتور أحمد عوض بن مبارك، مدير مكتب رئاسة الجمهورية، واعتبرت، في بيان لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إقدامها على هذه الخطوة كان «اضطراريا لقطع الطريق أمام أي محاولة انقلاب على اتفاق السلم والشراكة»، وهددت اللجان الشعبية الرئيس هادي وحكومته بخطوات أخرى تصعيدية و«سلسلة إجراءات خاصة ستقوم بها اللجان الشعبية حتى ترعوي تلك القوى عن غيها، وتتوقف عن ممارساتها الإجرامية بحق الشعب حاضرا ومستقبلا، وعلى الرئيس هادي أن يدرك حساسية الوضع حتى لا يكون مظلة لقوى الفساد والإجرام»، حسب البيان الذي لمح إلى اعتراض الحوثيين على مسودة الدستور واعتبارهم أن صياغتها تمت بصورة أحادية وإرضاء لأطراف خارجية ومن دون توافق، حسب ما ينص عليه اتفاق السلم والشراكة، حسب قولهم.
وفي أول رد فعل خليجي، أدان الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، يوم أمس بشدة اختطاف الدكتور أحمد عوض بن مبارك، مدير مكتب رئيس الجمهورية اليمنية والأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني، في صنعاء، على يد الميليشيات الحوثية. ووصف الأمين العام، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، حادثة الاختطاف بأنها «عمل إرهابي يتنافى مع كل القيم والمبادئ الأخلاقية والإسلامية، ويتعارض مع المصلحة الوطنية العليا لليمن»، ولما للدكتور أحمد من دور وطني محمود ومخلص في العملية السياسية السلمية في اليمن.
ودعا أمين عام المجلس كل القوى السياسية اليمنية إلى الالتزام بنبذ العنف، والعمل على تنفيذ المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، مع ضرورة مواصلة العملية السياسية بما يؤدي إلى إقرار الدستور الجديد وإجراء انتخابات حرة نزيهة تحقق للشعب اليمني تطلعاته وآماله.
وأكد الدكتور عبد اللطيف الزياني أنه على المجتمع الدولي دعم العملية السياسية في اليمن، والنظر في تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالوضع في اليمن، وتحمل مسؤولياته تجاه أي فئة أو جماعة يمنية تعرقل مسيرة العملية السياسية في الجمهورية اليمنية.
وأعرب الحوثيون في بيانهم عن رفضهم لموضوع قيام الدولة الاتحادية من ستة أقاليم كما تنص عليه مخرجات الحوار الوطني التي أعلنوا الالتزام بها، بصورة تبدو الأمور معها ضبابية ومتناقضة، والتأكيد على أن «قوى نافذة داخل الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار الوطني سعت إلى تمرير مسودة للدستور ارتكبت فيها مخالفات عدة منها: أنها دون توافق كل القوى السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة، ومخالفة لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ومتبنية رؤية أحادية للدستور إرضاء للخارج ضمن مشروع يهدف إلى تفكيك البلاد إلى كانتونات متقاتلة».
وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن إحدى نقاط التفتيش التي يتمركز فيها مسلحون من ميليشيا الحوثيين في منطقة فج عطان بجنوب صنعاء، قرب دار الرئاسة، استوقفت سيارة بن مبارك قبل أن يتم اقتياده إلى جهة غير معلومة. والدكتور بن مبارك كان أمينا عاما لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انعقد العام المنصرم في اليمن وخرج بعدد من المخرجات، أهمها قيام دولة اتحادية في اليمن وصياغة دستور جديد للبلاد، وتشير مصادر سياسية يمنية إلى أن اختطاف بن مبارك جاء أثناء ذهابه إلى اجتماع رئاسي كان مقررا أن يناقش مسودة الدستور. وفي الوقت الذي سلمت فيه لجنة صياغة الدستور مسودته إلى هيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، فقد انسحب ممثلو الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق علي عبد الله صالح من اجتماع الهيئة احتجاجا على تسلمها للمسودة.
وفي السياق ذاته، قال مصدر مقرب من الرئاسة اليمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن العلاقة بين الرئيس عبد ربه منصور هادي والحوثيين باتت متوترة للغاية. واتهم المصدر الحوثيين بـ«التنصل من كل الاتفاقات والتفاهمات، بما فيها اتفاق السلم والشراكة الذي وقعوه مع كل الأطراف السياسية في الساحة والذي يقضي بسحب الميليشيات من المدن وتسليم السلاح الثقيل للدولة». واعتبر المصدر «اللغة التي استخدمها صالح الصماد، مستشار الرئيس هادي الذي كان يمثل الحوثيين قبل استقالته، بأنها حملت نبرة تهديد للرئاسة اليمنية من قبل الجماعة بأنها سوف تتصرف وفقا لمصالحها في حال لم يتم تنفيذ مطالبها بصورة رسمية وبقرارات رئاسية صادرة». وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن أحد أبرز أسباب الخلافات بين الحوثيين ومؤسسة الرئاسة هو مسودة الدستور التي أنجزتها، مؤخرا، لجنة خاصة عكفت على إعدادها منعزلة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ودانت الولايات المتحدة عملية اختطاف بن مبارك، ودعت السفارة الأميركية في صنعاء في بيان لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى «إطلاق سراحه فورا وعودته إلى أسرته سالما»، واعتبرته من «الشخصيات البارزة خلال ثورة 2011»، و«مسؤولا متفانيا أظهر وطنيته في خدمة بلده». واعتبرت سفارة واشنطن «تكتيكات الترهيب مثل اختطاف بن مبارك لا مكان لها في المجتمعات الديمقراطية والمتحضرة، كما أن محاولات إسكات الأصوات اليمنية التي تتحدث نيابة عن البلد لن تمنع تقدم اليمن نحو السلم والاستقرار».
على صعيد آخر، كشف اللواء عبد الرزاق المروني، قائد قوات الأمن الخاصة التابعة لوزارة الداخلية (الأمن المركزي سابقا) عن خطة لاستيعاب ميليشيا الحوثيين المنتشرة في العاصمة صنعاء، في قوام قوات الأمن الخاصة. وجاءت تصريحات المسؤول الأمني اليمني المحسوب على الحوثيين بعد أيام من تعيينه بقرار جمهوري قائدا لقوات الأمن الخاصة بطلب من الحوثيين أنفسهم، هو وعدد من القيادات العسكرية المحسوبة على الجماعة وعلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وأكد المروني أن المسلحين، الذين قال إنهم أسهموا في حفظ الأمن والاستقرار في صنعاء وبقية المحافظات منذ 21 سبتمبر (أيلول) الماضي وحتى اليوم، سوف يتم استيعابهم بشكل نظامي في قوام أجهزة الأمن.
وتشهد المدن اليمنية مظاهرات رافضة لدمج الميليشيات في جهاز الأمن والجيش، وشهدت العاصمة صنعاء ومحافظتا تعز وإب مسيرات ومظاهرات رافضة لدمج الميليشيات. وخرجت، أمس، مسيرة حاشدة في صنعاء انطلقت من «ساحة التغيير» بجوار الجامعة الجديدة وحتى وزارة الدفاع، ورفع المتظاهرون شعارات ترفض دمج الميليشيات في قوام قوات الجيش والأمن. وفي محافظة تعز بجنوب صنعاء، نظمت حركة «رفض» و«شباب الدولة المدنية» وقفة احتجاجية للآلاف من أنصارها، وذلك للمطالبة بـ«استعادة الدولة» و«إخراج الميليشيات من المدن»، وطالبوا بتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الموقع بين الأطراف السياسية والحوثيين واستكمال صياغة الدستور الجديد والاستفتاء عليه وتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والإعلان صراحة عمن يقف وراء عرقلة تنفيذ تلك المخرجات. وفي محافظة إب المجاورة خرج الآلاف في مظاهرة تطالب بـ«رحيل الميليشيات» و«بسط هيبة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار». ويعتقد الكثير من الأوساط والمراقبين أن تحركات الحوثيين ومحاولتهم السيطرة وبسط النفوذ، ترتبط بالعلاقة الوثيقة التي تربطهم بإيران، حيث يرى المراقبون أن إيران باتت حاضرة وبقوة في المشهد اليمني وعلى اطلاع كامل، عبر الحوثيين، على مختلف الملفات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية.
من ناحية ثانية، حظرت اللجنة الأمنية في محافظة حضرموت اليمنية حركة الدراجات النارية، واتخذت اللجنة الأمنية في محافظة حضرموت اليمنية قرارا بحظر حركة الدراجات النارية في مدينة المكلا عاصمة المحافظة وبقية مدن المحافظة، وذلك بعد تزايد عمليات الاغتيالات والسطو المسلح الذي تستخدم فيه الدراجات النارية. وأقرت اللجنة بالبدء في تطبيق قرار الحظر اعتبارا من صباح اليوم (الأحد). وجاء قرار اللجنة الأمنية في حضرموت بحظر الدراجات النارية بعد قرارات مماثلة في العاصمة صنعاء وعدن وأبين، ويعتقد أن بقية المحافظات التي تشهد عمليات اغتيالات متواصلة سوف تتخذ نفس الإجراءات. ودعت «أمنية حضرموت» أصحاب الدراجات النارية للالتزام بهذه التعليمات «كونها تصب في مصلحة تأمين حياة المواطنين وفي إطار إجراءات وقائية قانونية لمنع وقوع أي جرائم قتل قد ترتكب باستخدام هذه الدراجات»، مؤكدة أن الأجهزة الأمنية سوف تتخذ إجراءات صارمة ضد كل من يخالف هذه التعليمات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.