نازحو كركوك أكدوا أن مشكلتهم تتلخص في صعوبة الحصول على العمل وغلاء إيجارات البيوت

أعدادهم الكبيرة تشكل ضغطا على توفير الخدمات الصحية والتربوية

سوق وسط مدينة كركوك («الشرق الأوسط»)
سوق وسط مدينة كركوك («الشرق الأوسط»)
TT

نازحو كركوك أكدوا أن مشكلتهم تتلخص في صعوبة الحصول على العمل وغلاء إيجارات البيوت

سوق وسط مدينة كركوك («الشرق الأوسط»)
سوق وسط مدينة كركوك («الشرق الأوسط»)

يواجه النازحون الموجودون في محافظة كركوك مشكلات في الحصول على العمل والبيت جراء غلاء الإيجارات وشح العمل في المحافظة، وأعلنت كركوك أنها استقبلت آلاف العوائل النازحة من محافظات نينوى وصلاح والأنبار وكل المناطق الأخرى التي سيطر عليها تنظيم داعش بعد احتلاله الموصل في يونيو (حزيران) الماضي.
وكان محافظ كركوك نجم الدين كريم قد أطلع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم قبل يومين ببغداد على التحديات التي تواجه المحافظة، (250 كلم شمال العاصمة بغداد)، نتيجة التهديدات «الإرهابية» ونزوح أكثر من 72 ألف عراقي إليها، وعدم تلقيها أي دعم حكومي لإغاثتهم.
«الشرق الأوسط» تحدثت مع عدد من النازحين إلى كركوك وبعض المسؤولين فيها، إذ قال عادل عبد العزيز، كان موظفا في إحدى دوائر محافظة صلاح الدين بأنه ترك محافظته في يوليو (تموز) من العام الماضي هربا من تنظيم داعش الذي سيطر على كثير من أجزاء تلك المحافظة، ونزح مع عائلته المكونة من 5 أفراد إلى كركوك، ليبدأ مرحلة النزوح الصعبة والمليئة بكثير من المشكلات.
عادل بدأ يسرد قصته مع النزوح، قائلا: «النازحون في كركوك يعانون من ارتفاع إيجارات البيوت والتي كانت في البداية بحدود 500 ألف دينار للمنزل في المدينة لكنها ارتفعت مؤخرا بحيث وصلت في بعض المناطق إلى مليون دينار عراقي (800 دولار أميركي) أو أكثر، وهناك صعوبة في الحصول على البيت بسبب الأعداد الكبيرة من النازحين الذين دخلوا كركوك، بالإضافة إلى أننا تركنا بيوتنا وأملاكنا في مناطقنا، والآن على الرغم من ظروفنا الصعبة أجبرنا على استئجار البيوت، الحل الوحيد لمشكلاتنا يكمن في العودة إلى محافظاتنا وتوفير الأمن فيها».
وعن كيفية تعامل أهالي كركوك معهم، قال عادل: «أهالي كركوك والجهات الحكومية فيها يعاملوننا بشكل جيد، ويقدمون لنا يد العون، كذلك المنظمات الدولية تقدم باستمرار المواد الغذائية لنا، لكن بعض النازحين يحصلون على هذه المواد والبعض الآخر لا يحصل بسبب أوقات التوزيع التي لا تتلاءم في أكثر الأحيان مع وجود النازح في البيت، أما الوقود فالدولة وفرت لكل عائلة نازحة حصة من النفط الأبيض، وبالنسبة لنا نحن الموظفين فقد تم تنسيبنا إلى دوائر كركوك مؤقتا». وفي الشأن ذاته، قال المواطن أحمد سهيل، النازح من ناحية ينكيجة التابعة لمحافظة صلاح الدين، إن «المشكلة الوحيدة التي نواجهها هي عدم الحصول على عمل، أنا عامل كنت أحصل من خلال عملي في منطقتي يوميا على 40 ألف دينار، أما الآن فأحصل 15 ألف دينار، العمال أصبحوا كثيرين في كركوك، والعمل لا يتوفر يوميا، فنبقى لأيام ننتظر العمل في ساحات المدينة، حياتنا أصبحت صعبة جدا، لدي عائلة وأعيش في بيت واحد مع أبي وإخوتي، حيث ندفع 750 دينارا عراقيا كإيجار شهريا».
ومضى بالقول: «أهل المدينة يكنون لنا الاحترام ويساعدوننا، لم أتعرض لحد الآن لأي إهانة من الأهالي، مشكلتنا الوحيدة تتمثل بعدم الحصول على عمل، وقلة الدخل، الآن تم تحرير منطقتنا من داعش، لذا نطالب الحكومة بإعادتنا إلى منطقتنا، وإنهاء مشكلاتنا».
مخيم ناحية ليلان (20 كلم جنوب شرقي كركوك) واحد من المخيمات التي أنشأتها محافظة كركوك لإيواء النازحين، وهو يتكون من نحو 1500 خيمة، حيث تعمل منظمة الغذاء العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة بالتنسيق مع الحكومة المحلية في أربيل وزارة الهجرة والمهجرين الاتحادية من أجل توفير المستلزمات الدولية للعوائل النازحة في المخيم. وتعمل وزارة الهجرة والمهجرين الاتحادية حاليا وبالتنسيق مع الجهات المعنية في كركوك، على إنشاء 3 مخيمات أخرى لإيواء النازحين الذين وصلت أعدادهم إلى الآلاف في المحافظة.
وقال ستار نوروز، المتحدث الرسمي لوزارة الهجرة والمهجرين الاتحادية «بلغ عدد العوائل النازحة المسجلة في محافظة كركوك لحد الآن 72 ألف عائلة، تسلمت 35 ألف عائلة منها منحة المليون دينار المخصصة من قبل وزارة الهجرة، وسيشهد الأسبوع القادم شمول 5 آلاف عائلة أخرى بهذه المنحة بعد وصول السيولة المالية إلى كركوك، أما بالنسبة للمخيمات فهناك مخيمات افتتحت بالتنسيق بين وزارة الهجرة والمحافظة وأخرى بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتشمل مخيم (ليلان) الذي يضم 1600 عائلة ومخيم (يحيى أوا) الذي يضم أكثر من 500 عائلة، ونحن بصدد إنشاء مخيمين إضافيين في ناحية ليلان، لإيواء العوائل التي قدمت في الآونة الأخيرة، ولدينا فكرة لإنشاء مخيم آخر على طريق أربيل يتسع لنحو 400 خيمة»، مؤكدا بالقول إن «الوزارة وزعت سلة غذائية على العوائل النازحة، وهناك تنسيق مع شركة المنتجات النفطية في كركوك، لتوزيع النفط الأبيض على النازحين بواقع برميل نفط لكل عائلة، وبدأت العوائل بتسلم هذه الحصة المخصصة لهم».
آزاد جباري، عضو مجلس محافظة كركوك عن قائمة التآخي الكردية، ومسؤول ملف النازحين في المحافظ، قال إن «أعداد النازحين الذين دخلوا كركوك كبيرة جدا، والأمم المتحدة لم تنفذ واجباتها تجاه النازحين في المحافظة بالشكل المطلوب، وهذا أثقل كاهل الحكومة المحلية، في المقابل لم تسلم الحكومة الاتحادية لكركوك منذ بدء النزوح سوى 8 مليارات دينار للنازحين، هناك الحاجة إلى إنشاء 4 مخيمات أخرى في المحافظة، نحن طالبنا من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتوفير كرفانات للنازحين بدلا من الخيام».
وتابع جباري: «وجود هذا العدد الهائل من النازحين يشكل ضغطا كبيرا على مجالات التربية والتعليم والخدمات والصحة من أدوية وأجهزة طبية»، مشيرا إلى أن «المأساة كبيرة لا يمكن وصفها، الآن منظمة الغذاء العالمي بدأت توزع الغذاء على النازحين، فيما تم تنسيب الموظفين منهم إلى دوائر كركوك مؤقتا لحين عودتهم إلى مناطقهم، لكن ليست هناك أي مشكلات بين مواطني كركوك والنازحين، مواطني كركوك يقدمون لهم وباستمرار المساعدات»، وكشف جباري خلال حديثه إلى أن المحافظة «تخشى من أن يتسبب بعض النازحين بمشكلات أمنية في كركوك».
بدوره قال عباس نصر الدين مدير منظمة تنمية وتطوير الشباب في العراق، العاملة في مجال توفير الخدمات لمخيمات كركوك، إن «أوضاع النازحين الذين يعيشون في هياكل الأبنية سيئة وهم يعانون من سوء الأوضاع المعيشية، بسبب الشتاء والبرد، كذلك المساعدات الإنسانية قليلة ولا تسد حاجتهم، بالإضافة إلى أن هناك أعدادا من النازحين وأطفالهم بدأوا يتسولون في شوارع كركوك، ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة بالقرب من تقاطع الطرق والإشارات المرورية في المدينة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».