أغلى مطعم في أميركا ليس أميركيا

سعر الطبق الياباني في «ماسا» يبدأ من 450 دولارا

ماسا أثناء تحضيره أحد أطباقه اليابانية في مطعمه في نيويورك
ماسا أثناء تحضيره أحد أطباقه اليابانية في مطعمه في نيويورك
TT

أغلى مطعم في أميركا ليس أميركيا

ماسا أثناء تحضيره أحد أطباقه اليابانية في مطعمه في نيويورك
ماسا أثناء تحضيره أحد أطباقه اليابانية في مطعمه في نيويورك

يقع مطعم «ماسا» في الطابق الرابع في مركز «تايم وارنر». هذا ربما أكبر مركز إعلامي في نيويورك، وفي الولايات المتحدة. ويجمع بين مجلة «تايم» وشقيقاتها، واستوديوهات وأفلام وكابلات «وارنر».
افتتح المطعم الياباني ماسا تاكاياما (ومن هنا اسم المطعم: «ماسا») في عام 2004، وهو واحد من أغلى المطاعم في العالم. وأغلى مطعم في نيويورك، وفي الولايات المتحدة.
في عام 2009 بعد نجاح مطعم نيويورك، فتح «ماسا» مطعما مماثلا في عاصمة القمار واللهو، لاس فيغاس (ولاية نيفادا).
تكلف الوجبة الواحدة في مطعم نيويورك 450 دولارا، من دون مشروبات، وضرائب، وبقشيش. وفي النهاية، يمكن أن تصل القيمة إلى 700، أو ألف دولار.
ينقسم المطعم إلى قسمين:
أولا: قاعة طعام (تقدم فيها كثير من المأكولات من طاولة متحركة، أو من فرن متحرك). وفيها 26 مائدة فقط. ولا بد من الحجز، ويجب أن يؤكد الحجز قبل شهرين.
ثانيا: بار «سوشي» (وجبة يابانية أصلية تتكون من قطعة صغيرة غير مطبوخة من سمك، أو روبيان، وقطع خضراوات صغيرة، وكمية قليلة من الأرز، ثم تلف كلها في لفافة من «سي ويدز» (ورق أعشاب البحر).
تكلف اللفافة الواحدة 50 دولارا، أو أكثر (حسب نوع الطعام في داخلها). وعادة، تتكون الوجبة من 5 أو 6 لفات. أي 300 دولار للوجبة الواحدة.
وربما يعذر الشخص ارتفاع سعر هذا «السوشي» إذا قيل له بأن خشب البار وكراسيه فقط كلفت أكثر من نصف مليون دولار. وأنه خشب من نوع «هينوكي» الذي لا يوجد في العالم غير في اليابان.
يوجد على طول خشبة البار 26 كرسيا فقط. ولكل كرسي رقم، وعلى كل كرسي معلومة عن تاريخه وأصله وفصله. ولا يجلس شخص على كرسي إلا بعد أن يحجز، ثم يؤكد الحجز قبل شهر تقريبا.
تقل فترة الحجز في «بار سوشي» عن فترة حجز شهرين بالنسبة لموائد قاعة الطعام الرئيسة. هناك، تكلف الوجبة الواحدة ألف دولار تقريبا.
لهذا، ربما يفضل الشخص كرسي الـ300 دولار على مائدة الألف دولار.
ولا يستغرب الشخص المحظوظ، الذي وجد حجزا على كرسي، إذا قيل له إنه لا توجد «منيو» (قائمة طعام)، وإن الشيف هو الذي يختار نوع «سوشي» الذي سيقدمه. ويقدر الشخص على مشاهدة طريقة تجهيز مواد «سوشي»، وطريقة إعداده. وهنا فقط، سيتكلم الشيف قليلا عما يفعل. وبسبب مشكلات في اللغة، أو لهجة اليابانيين، يجب ألا يتوقع الشخص معلومات كثيرة. بل، قدم صاحب المطعم: «ماسا»، تعليمات لطباخيه ألا يكثروا من الكلام، ولا باس إذا لم يتكلموا أبدا. وقال لمجلة «تايم»: «الصمت قوة في حد ذاته. والذي لا يصمت لا يقدر على إجادة عمله».
ويجب ألا يفاجأ الشخص إذا جاء إلى البار «ماسا» نفسه، وأعلن أنه سيجهز طبق «سوشي» خاصا بالشخص، وأنه سيستعمل مأكولات «غريبة» مثل: «ترافيلز» (كمأة) من فرنسا، ولحم بقر «كوبي» من اليابان. سيقول «ماسا» إن اللحم وصل صباح اليوم. ولم يجمد، ولا يوجد لحم مجمد في كل المطعم.
ربما هذا كل ما سيقوله «ماسا»، سيرا على تعليمات «قوة الصمت». لكنه، طبعا، في النهاية، لا بد أن يسأل عن رأي الشخص فيما أكل، ويدون ذلك، ليدرسه مع مساعديه.
وعندما يغادر الشخص المكان، ربما يهمس «ماسا» في أذنه بأنه هو الذي صمم الأطباق اللامعة التي قدم فيها «السوشي»، وهي مصنوعة من طين وفخار خاص في اليابان. وأيضا، صمم أكواب مشروب «ساكي» الياباني، وهي مصنوعة من خشب البامبو. وطبعا، أيضا، من اليابان.
في عام 2009، بعد 5 أعوام من تأسيس مطعم نيويورك، حصل «ماسا» على أكثر نجوم من «دليل ميشلين» (تصنيف المطاعم الذي تشرف عليه شركة «ميشيلين» الفرنسية لإطارات السيارات، خدمة للمسافرين. وبعد 100 عام، صار دليلا لأحسن المطاعم في كل دولة). ومنذ ذلك الوقت، أعلن «ماسا»: «نجوم أكثر، لا نجوم أقل» (إشارة إلى أن عدد نجوم «ميشيلين» صار مثل ميداليات أولمبية. وكل عام، تزيد، أو تقل).
خلال الأعوام القليلة الماضية، حصل «ماسا» على نجوم من مؤسسات أخرى: 3 نجوم (من جملة 5) من قسم الطعام في صحيفة «نيويورك تايمز». و5 نجوم (من جملة 5) من مجلة «فوربز» لرجال الأعمال، و4 نجوم (من جملة 5) من «دليل موبيل» (مثل «دليل ميشيلين»، تصدره شركة «موبيل أويل» الأميركية للتنقيب عن النفط، وتصنيعه، وبيعه).
وخلال الأعوام القليلة الماضية، ظلت مجلة «فوربز» (لرجال الأعمال)، ومجلة «ليشار» (للترفيه) تعلن أن «ماسا» هو أغلى مطعم في الولايات المتحدة، وأن «بار سوشي»، داخل المطعم، هو الأغلى من نوعه في العالم.

* من هو «ماسا»؟

* اسمه بالكامل: ماسا تاكاياما. ولد في اليابان عام 1950، في عائلة تصيد السمك، وتصنع «سوشي». في الصباح الباكر، قبل المدرسة، يساعد والده ووالدته في تقطيع السمك. وفي الظهر، بعد المدرسة، يستقل دراجة، ويوزع أطباق «سوشي» على زبائن والده في منازلهم.
بعد أن أكمل المدرسة الثانوية، صار طباخا متفرغا (في وقت لاحق قال لصحيفة «نيويورك تايمز» إنه كان يريد أن يكون جراحا، ثم تبسم، وقال: «وجدت تحديا أكبر في جراحة السمك عن جراحة الناس»).
كان في المدرسة الثانوية يجرب أنواع «سوشي» على زملائه التلاميذ، وأيضا على أفراد عائلته. عندما بلغ عمره 20 عاما، صار طباخا ماهرا في مطعم «سوشيكو» في حي الملاهي الراقي، حي «جنزا» في طوكيو. وعندما بلغ عمره 30 عاما، انتقل إلى لوس أنجليس، وأسس فرعا لمطعم «سوشيكو». ومنذ ذلك الوقت، عام 1980، اشتهر المطعم بأنه الأغلى في الولايات المتحدة. (كانت قيمة الوجبة في ذلك الوقت 110 دولارات).
وفي عام 2005، أعلن استقلاله من مطاعم «سوشيكو»، وانتقل إلى نيويورك، وأسس «ماسا».
ولا بد أن يسترعي «أغلى مطعم في أميركا» الانتباه. ظهر في مسلسلات تلفزيونية كثيرة: عندما يريد رجل أعمال عقد صفقة تجارية، ويريد أن يسحر شريكه، يدعوه إلى «ماسا». وعندما يريد شخص مفأجاة حبيبته بطلب يدها، يجمع ثروة العمر، ويأخذها إلى «ماسا». وعندما يثري لص من مال نهبه، يحتفل بما فعل، ويذهب إلى «ماسا».
آخر أخبار «ماسا» الرجل:
قالت صحيفة «نيويورك بوست» إنه اشترى منزلا قريبا من المطعم بـ5 ملايين دولار. وتندر للصحيفة: «الوجبات هنا مجانا. لا يدفع ضيفي 300 دولار للسوشي، أو ألف دولار للوجبة الكاملة».
وآخر أخباره أيضا: طلق زوجته اليابانية، وتزوج أميركية، وصار يلعب رياضة «غولف».
The Shops at Columbus Circle، 10 Columbus Circle، New York، NY 10019. United States



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».