فول الصويا الأخضر يغزو مائدة اللبنانيين

من اليابان إلى لبنان

فول الصويا الأخضر يغزو مائدة اللبنانيين
TT

فول الصويا الأخضر يغزو مائدة اللبنانيين

فول الصويا الأخضر يغزو مائدة اللبنانيين

لم يعد مشهد تجمع الأصدقاء حول طبق يحتوي على فول الصويا الأخضر المسلوق، والمعروف بالـ«edamame»، غريبا لدى اللبنانيين الذين باتوا يعتبرونه أفضل «سناك» يرافقهم في أحلى جلسة، فهذا الطبق المأخوذ من المطبخ الياباني يلاقي رواجا كبيرا في مقاهي ومطاعم لبنانية، تقدمه حسب رغبة الزبون ضمن لائحة الـ«starters» التي عادة ما يفتتح بها وجبة الطعام.
ففي وعاء خشبي مغطى يقدم هذا الطبق الذي تتطاير من جوانبه لهبة فول الصويا الأخضر المسلوق الموجود في داخله، والمغمس بكمشة من الملح الخشن الذي يذكرنا بمطبخ جداتنا.
ما إن يوضع هذا الطبق على المائدة حتى تتشابك الأيدي فوقه، ملهوفة للحصول على واحدة منها (قرن أخضر) لتمزجها مع قليل من صلصة الصويا، التي يفضلها البعض لطعمها اللذيذ والمرافق لها في بلدها الأم اليابان.
يعود تاريخ دخول هذا الطبق الخفيف إلى المائدة اللبنانية، لسنوات قليلة لا تتعدى الخمس، وأصبح موجودا بكثرة في الآونة الأخيرة (مثلجا) في أكياس خاصة في السوبر ماركت، بحيث صار في متناول ربة المنزل التي بإمكانها أن تحضره لأفراد عائلتها أو أصدقائها بعد سلقه في المياه المغلية لمدة 5 دقائق فقط.
وفي نبذة تاريخية سريعة عن هذا النوع من البقول، فإنه يصنف من البذور الزيتية ويستخدم في الصين واليابان منذ نحو 5 آلاف عام إنْ في إعداد الطعام أو في صناعة الأدوية. أما كلمة «صويا» فهي مشتقة من أصل إنجليزي«soy» الذي أخذ بدوره من الاسم الأساسي لها في اليابان «شويو».
حتى اليوم توجد شريحة من اللبنانيين لم تتعرف بعد إلى الـ«edamame»، فدخوله إلى لائحة الطعام اللبنانية ما زال في بداياته، ولذلك يخيل للبعض وللوهلة الأولى أنه بصدد تناول اللوبياء الخضراء المسلوقة، ولكنه يفاجأ بعدها بأنه فول الصويا الأخضر، وأنه من البقول المفيدة للصحة والتي ينصح بتناولها من قبل اختصاصيي التغذية.
طريقة تناول الـ«edamame» لذيذة في حد ذاتها، فهي لا تستلزم أي جهد من قبل متناولها؛ إذ تخرج الثمرة بسرعة من بيتها (القرن الأخضر الذي يغلفها كاللوبياء)، ما إن يضعها آكلها بين أسنانه ولو برقة.
طعمها الطازج الممزوج بالملح الخشن أو بصلصة الصويا، يجعلك لا تتوقف عن تناولها الواحدة تلو الأخرى بشهية مفتوحة.
يعتبر فول الصويا أو «edamama» غنيا بالألياف وبفيتامينات عدة، فينصح الأطباء بتناوله أكثر من 3 مرات في الأسبوع.
وأخيرا دخل فول الصويا ضمن اللائحة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية للأطعمة العشرة التي يجب تناولها يوميا، تماما كالبروكلي والشوفان والزبادي والبيض.. وغيرها.
يتكون فول الصويا من البروتين بنسبة 36 في المائة، ومن الكربوهيدرات بنسبة 30 في المائة، وهو محتوٍ جيد للمعادن كالبوتاسيوم والماغنسيوم، إضافة إلى الحديد بنسبة 87 في المائة، والزيت بنسبة 20 في المائة. وكانت دراسات حديثة نشرتها عدة مجلات متخصصة في التغذية، قد أشارت إلى دور كبير لفول الصويا في التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين وسرطان البروستاتة والقولون والثدي، كما أنه يعد عاملا للوقاية من الإصابة بهشاشة العظام المرافقة لانقطاع الطمث عند السيدات، ويخفف أيضا من حدة الهبات الساخنة المرافقة لهذه المرحلة.
«صديق الأنوثة» هو لقب فول الصويا الغني بالأحماض الأمينية الضرورية التي يحتاجها الجسم، مما يجعله شبيها في فوائده بالبروتينات الحيوانية.
ويعد فول الصويا خاليا من الكولسترول بنسبة 0 في المائة، وهو يساعد على تخفيف نسبته في حال وجوده في الدم، كما ينصح بتناوله لمرضى السكري؛ إذ إنه خال تماما من السكر. أحلى جلسة مع أطيب وجبة لفتح الشهية يمكنك أن تجدها مع فول الصويا الأخضر «edamame»، الذي هو عبارة عن قرون صغيرة لا يتجاوز طولها 7 سنتيمترات.
أما إذا تعلقت بهذه النبتة وأحببتها، فما عليك سوى زراعتها في حديقتك، حيث يمكن استنباتها في جميع أنواع الأراضي، وتعطي أكبر محصول في التربة المتوسطة الخصوبة. أما موعد زراعة الـ«edamame» ففي شهر مارس (آذار) من كل عام.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».