اتفاق بين النظام والمعارضة في الوعر بحمص يدخل المواد الغذائية بعد حصار

10 أيام يختبر فيها الطرفان نواياهما قبل تسوية شاملة

اتفاق بين النظام والمعارضة في الوعر بحمص يدخل المواد الغذائية بعد حصار
TT

اتفاق بين النظام والمعارضة في الوعر بحمص يدخل المواد الغذائية بعد حصار

اتفاق بين النظام والمعارضة في الوعر بحمص يدخل المواد الغذائية بعد حصار

دخل اتفاق لوقف النار بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقوات المعارضة، في حي الوعر في حمص (وسط البلد)، حيز التنفيذ أمس، وسط مخاوف المعارضة من أن يخرقه عناصر «الدفاع الوطني» الذين يقاتلون إلى جانب القوات الحكومية في آخر أحياء مدينة حمص الخاضعة لسيطرة المعارضة. وقال عضو الائتلاف الوطني السوري عبد الإله الفهد، الذي يتحدر من حمص، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق دخل حيز التنفيذ مساء الأربعاء، ويستمر لمدة عشرة أيام «كفترة اختبارية»، يؤسس عليها للتوصل إلى اتفاق شامل، يقضي بفتح ممر آمن آخر لإدخال المواد الغذائية شرق الحي، والسماح للسكان بالدخول والخروج، ريثما يتوصل الطرفان إلى تسوية شاملة، تلحظ أوضاع المطلوبين للسلطات الأمنية في داخل الحي.
وقال الفهد إن «هناك أوراقا بمثابة مسودة للاتفاق كتبت منذ 4 أشهر بوجود ممثل النظام اللواء ديب زيتون (وهو ضابط في المخابرات المركزية مفوض من النظام السوري بالتفاوض)، وكانت الأمور متقدمة، إلا أن الشبيحة قصفوا الوعر، مما أعاد الأمور إلى المربع الأول وخلق حالة من عدم الثقة». وأشار إلى أن وفد المعارضة «يتألف من عدة أطراف، بينهم وجهاء وعسكريون، وشخصيات تمثل جمعيات خيرية». ونفى الفهد وجود ضباط إيرانيين في عداد فريق النظام المفاوض في حمص.
ويعدّ حي الوعر المحاصر آخر أحياء مدينة حمص الخاضعة لسيطرة المعارضة، منذ يونيو (حزيران) الماضي، حين توصل النظام والمعارضة إلى اتفاق قضى بخروج مسلحي المعارضة من أحياء حمص القديمة باتجاه مناطق الريف الشمالي لمحافظة حمص، واستعادة القوات الحكومية السيطرة على الحي. ويقول ناشطون إن الحي الذي يعاني منذ 10 أيام من نقص في الغذاء تصله المواد الإغاثية من المدخل الغربي فقط، ويتحكم عناصر الدفاع الوطني بهذا المدخل، ويفرضون رسوما على السلع التي يُنوى إدخالها.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأن فريقا من الأمم المتحدة دخل أمس إلى حي الوعر بمدينة حمص، مصحوبا بكمية من المواد الإغاثية والغذائية إلى الحي، كبادرة حسن نية، بعد اجتماع لجنتين من فصائل موجودة في حي الوعر مع النظام، اتفقتا على وقف إطلاق النار في الحي.
وأوضح الفهد أن البنود الأولية المطروحة في الاتفاق تتناول مطالب «فتح مدخل آخر لحي الوعر من الجهة الشرقية، والسماح بدخول وخروج الناس المحاصرين فيه، وإدخال المواد الإغاثية والمواد الطبية، والسماح بإجلاء المرضى، فيما تبقى قضية المطلوبين للقوى الأمنية السورية معلقة حتى بلوغ تسوية شاملة والتوقيع على الاتفاق». وإذ شدد على أنه «لم يتناول الطرفان إخراج المقاتلين من الحي، على غرار اتفاق حمص القديمة»، أكد أن النظام «يدفع باتجاه تسليم الأسلحة الثقيلة، على غرار اتفاقات عقدت في محيط دمشق، وما زالت هذه القضية بين أخذ وردّ».
ويقيم في حي الوعر نحو 190 ألف شخص، ودخلت إليه 28 شاحنة محملة بالمواد الإغاثية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ووزعت على 12 ألف عائلة في الحي. وجاءت المساعدات آنذاك بعد تحرك من قبل المعارضة باتجاه المجتمع الدولي.
وكان حي الوعر مشمولا بالاتفاق الذي وقعه النظام السوري في مؤتمر جنيف 2، والتزم لمدة شهرين بعد استعادته السيطرة على أحياء حمص القديمة بالسماح بإدخال مواد إغاثية إليه.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».