تحالف بين القوى السياسية والقبائل لمواجهة الحوثيين في مأرب

تعيينات لمحسوبين على صالح والحوثيين في قوات الأمن.. وإحالة 12 متهما بالإرهاب إلى المحاكمة

تحالف بين القوى السياسية والقبائل لمواجهة الحوثيين في مأرب
TT

تحالف بين القوى السياسية والقبائل لمواجهة الحوثيين في مأرب

تحالف بين القوى السياسية والقبائل لمواجهة الحوثيين في مأرب

ارتفعت حدة التوتر في محافظة مأرب بين الأحزاب والقبائل من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، بعدما أكدته مصادر مختلفة من استعداد الحوثيين لاجتياح المحافظة والسيطرة عليها، وفي صنعاء صدرت قرارات بتعيينات لقيادات عسكرية محسوبة على الحوثي وعلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وبدأت، أمس، لجنة رئاسية برئاسة وزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي، وعضوية وزيري الداخلية والإدارة المحلية وممثل عن مكتب رئاسة الجمهورية، زيارة إلى مأرب في ضوء قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي بتشكيل اللجنة لحل مشكلتي مأرب والجوف في ضوء اتفاق السلم والشراكة، وقال الشيخ سلطان العرادة، محافظ مأرب لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة «تزور مأرب في إطار اتفاق السلم والشراكة وبناء على توجيهات الأخ رئيس الجمهورية وحكومة الكفاءات، وذلك لتنفيذ وثيقة السلم والشراكة والمخرجات المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وهذا ما نحن عليه ولا خلاف على ذلك». وأردف أن اللجنة «جاءت لتطمئن على هذه الأوضاع وتضع اللمسات الأولى ولتطمئن الناس في المحافظة وتطمئن القوات المسلحة والأمن والشعب اليمني والعالم بأن الأمور في وضعها الطبيعي بإذن الله».
من جهتها، قالت مصادر قبلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة باشرت مهامها بلقاءات مع فروع الأحزاب السياسية والزعامات القبلية للوقوف أمام التهديدات التي أطلقها المجلس السياسي لـ«أنصار الله» الحوثيين باجتياح مأرب بحجة وجود المئات من عناصر تنظيم القاعدة.
وجاءت تهديدات الحوثيين في رسالة وجهت إلى الرئيس هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح ولمجلسي النواب والشورى، في الوقت الذي أعلنت قبائل مأرب أنها ترابط على أراضيها لحمايتها وحماية المنشآت النفطية وأبراج الكهرباء وغيرها من المصالح الحيوية، وأن لديها الضوء الأخضر من الرئيس هادي للقيام بذلك.
وفي وقت لاحق، أصدرت أحزاب «اللقاء المشترك» وشركاؤها وحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه في مأرب، بيانا تناول التطورات الحالية، وقال البيان، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «يطل علينا ممثل الحوثيين صالح الصماد بكيل الشتائم والاتهامات لقبائل المحافظة فإننا ندين ونستنكر اتهامات صالح الصماد لقبائل مأرب وليس هو الأول فقد سبقه سيده الذي اعتبر قبائل مأرب مجرمين وقتلة وكأن لسان حالهم يقول: (رمتني بدائها وانسلت). إننا نطالبه وسيده بالاعتذار لقبائل مأرب الأبية.. وفي هذا الظرف الحساس والدقيق يخطط عش الدبابير الذي يسمى المجلس السياسي التابع للميليشيات الحوثية لجر المحافظة لتصبح مثل مثيلاتها من المحافظات التي كانت تنعم بالأمن والاستقرار فحولتها الميليشيات الحوثية وجرتها إلى الاحتراب المناطقي والطائفي فأصبحت مسرحا للفوضى والدمار». وأردف البيان: «إن القوى والأحزاب السياسية في محافظة مأرب تعلن وقوفها إلى جانب قبائل المحافظة في نخلا والسحيل وفي بني جبر ومراد معلنين أن مصيرنا مصيرهم وأننا لا يمكن بأي حال من الأحوال السماح بدخول أي ميليشيات تعبث بأمن واستقرار محافظتنا.. النصر لقبائل مأرب الأبية.. الهزيمة للغزاة المعتدين.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».
ومنذ أسابيع وقبائل مأرب تحشد مقاتليها في عدد من المناطق بكامل عدتهم وعتادهم استعدادا لمحاولة الحوثيين اجتياح المحافظة والسيطرة عليها، حيث يحتشد آلاف المقاتلين في عدد من المناطق وقدر عددهم، حتى اللحظة، بأكثر من 15 ألف مقاتل، وقال مصدر قبلي لـ«الشرق الأوسط»، إن رجال القبائل لديهم الأسلحة الآلية الرشاشة والمعدلات والبوازيك، وبحسب قرار الرئيس هادي، فإن اللجنة الرئاسية سوف تعمل على حل مشكلات محافظتي مأرب والجوف في ضوء اتفاق السلم والشراكة الموقع بين القوى السياسية والحوثيين.
من ناحية ثانية، أصدر رئيس الوزراء اليمني، خالد محفوظ بحاح، قرارا بتعيينات في قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقا)، وتضمنت شخصين محسوبين على النظام السابق والحوثيين، حيث نص القرار المثير للجدل، على تعيين العميد الركن علي يحيى قرقر (مقرب من الرئيس السابق علي عبد الله صالح)، رئيسا لأركان قوات الأمن الخاصة، والعقيد ناصر محسن الشوذبي (محسوب على الحوثيين)، رئيسا لعمليات قوات الأمن الخاصة، في هذه الأثناء، قالت مصادر محلية، إن الحوثيين مارسوا ضغوطا على وزارة المالية لإيقاف مرتبات مناضلي الثورة اليمنية وبينهم «أبو الأحرار» محمد محمود الزبيري والرئيس الراحل إبراهيم الحمدي وغيرهما، ولم تشر المصادر إلى الدوافع الكامنة وراء مثل هذه الضغوط التي مارسها الحوثيون على الوزارة.
في موضوع آخر، أحالت نيابة أمن الدولة والإرهاب الجزائية المتخصصة في العاصمة صنعاء، أمس، ملفات خمس قضايا يتهم فيها 12 عنصرا من تنظيم القاعدة، إلى محكمة أمن الدولة والإرهاب المحكمة الجزائية المتخصصة للبدء بمحاكمتهم بتهم تتعلق بـ«استهداف المنشآت الحيوية ومنتسبي الجيش والأمن خلال الفترة 2011 - 2014». وحسب مصدر قضائي لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) فإن «المحالين للمحاكمة جميعهم محبوسون، ومن بينهم المتهم الأول في قضية اختطاف نائب القنصل السعودي في عدن عبد الله الخالدي بتاريخ 28 مارس (آذار) 2012»، ويتضمن قرار الاتهام الذي وجهته النيابة إلى المتهمين «قيامهم خلال الفترة من 2011 - 2014م بالاشتراك في عصابة مسلحة تتبع تنظيم القاعدة للقيام بأعمال إجرامية تستهدف المنشآت والمقار الحكومية وضباط وجنود القوات المسلحة والأمن واختطاف أجانب ودبلوماسيين وكبار رجالات الدولة في عدة محافظات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».