إعادة توزيع السجناء في سجن رومية وأجهزة تشويش على الاتصالات

أهالي العسكريين يتخوفون من انعكاس العملية على حياة أبنائهم

إعادة توزيع السجناء في سجن رومية وأجهزة تشويش على الاتصالات
TT

إعادة توزيع السجناء في سجن رومية وأجهزة تشويش على الاتصالات

إعادة توزيع السجناء في سجن رومية وأجهزة تشويش على الاتصالات

أعاد أهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش وجبهة النصرة خيمة اعتصامهم إلى وسط بيروت وتحديدا على مقربة من مقر رئاسة الحكومة مهددين بتصعيد تحركاتهم على وقع تحذير الجبهة من أن أبناءهم سيدفعون ثمن العملية العسكرية التي نفذتها القوى الأمنية في سجن رومية أول من أمس.
وكانت مداهمة سجن رومية حيث يسجن ما يعرف بـ«المتشددين» قد نفذت بعد معلومات عبر رصد اتصالات بعض السجناء بشأن التفجير المزدوج الذي وقع في منطقة جبل محسن في طرابلس شمال لبنان، السبت الماضي.
ويوم أمس، تفقد المشنوق السجن، وقد استكملت العملية الأمنية عبر زيادة الإجراءات في محيطه وإعادة توزيع السجناء بطريقة دقيقة تمنع إمكانية التواصل فيما بينهم ووضع أجهزة تشويش الاتصالات.
وفيما من المتوقع أن تنعكس «عملية رومية» إيجابا على الوضع الأمني اللبناني بعدما ثبت أن بعض العمليات والتفجيرات كانت تدار من داخل السجن، قلل المسؤولون اللبنانيون من تهديد خاطفي العسكريين. إذ وبعدما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق إن «أي مكروه لن يصيب العسكريين على اعتبار أنه لم يتم التعرض لأي مسجون وقد نقلوا فقط من مبنى إلى آخر، رأى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أنه لا خوف على العسكريين والتصعيد ينسف المفاوضات».
وفي هذا الإطار، أشار الناطق باسم لجنة أهالي العسكريين، حسن يوسف إلى أن الأهالي يعيشون حالة من القلق والخوف بعد تهديد النصرة بقتل أبنائهم، بينما وللأسف لم يعمد أحد من المسؤولين على التخفيف عنهم أو طمأنتهم، وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أعطينا الحكومة اللبنانية 48 ساعة قبل تصعيد تحركاتنا. وقال «بعد زيارة الشيخ حمزة حمص لابنه المخطوف لدى جبهة النصرة، الأسبوع الماضي، كنا قد اطمأننا أنه لم يعد هناك خوف على حياتهم أو أي تهديد بالقتل، لكن بعد ما حصل يوم الاثنين، إثر استفزاز الدولة اللبنانية للخاطفين بمداهمة سجن رومية، عاد الخطر على حياة أبنائنا». وقال: «أولادنا يذبحون بالسكاكين تحت الثلج ولم يأت أحد من السياسيين ليعلن موقفا». في المقابل، استبعد مصدر في «8 آذار»، تصفية العسكريين، على اعتبار أن هذا الملف ورقة قوة بأيدي الخاطفين الذين يبتزون الدولة من خلالها. واعتبر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ما حصل سيؤثر إيجابا على القضية، وأن «عملية رومية» كانت بمثابة رسالة قاسية وقوية من الدولة بأنها لا تخضع للابتزاز وتمتلك قرارها السياسي. مضيفا «لا أعتقد أن هناك حلا للملف في المدى المنظور، لأنهم يريدون الاحتفاظ بالورقة وإذا قتلوهم يخسرون الورقة».
والتقى أمس، وفد من أهالي العسكريين المخطوفين شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، متمنيا «أن يمد يده معهم نحو النائب وليد جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري والحكومة، وفق ما أعلن بعد اللقاء».
وتوجه الأهالي إلى الحكومة بالقول: «نأمل أن تكونوا قد نظرتم إلى الصورة التي أرسلتها جبهة النصرة بالأمس، ويكفي أنه مر علينا 6 أشهر من العذاب لنا ولأولادنا، وطالما أصبحتم يدا واحدة نأمل أن تجتمعوا على ملف أبنائنا لإعادتهم في أقرب وقت وفرصة، لأننا لم نعد نحتمل العذاب ولن نقبل أن نفجع بأي ولد من أولادنا». وأضافوا «ننتظر خبرا من الحكومة بعدما لبينا طلب الرئيس تمام سلام بالابتعاد عن الإعلام، ولكننا رأينا بالأمس أن البعد أدى إلى توجيه السلاح نحو رؤوس أولادنا، ونحن ننتظر جوابا من الحكومة وفي حال لم نأخذه سنقوم بتصعيد لن نتكلم عنه الآن». وكان 4 عسكريين قتلوا على يد «داعش» و«النصرة» منذ اختطاف العسكريين في شهر أغسطس (آب) الماضي، في معركة عرسال بين المسلحين والتنظيمين، فيما لا يزال 27 عنصرا محتجزين. ويتولى مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم إضافة إلى نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي، المفاوضات للإفراج عنهم، بعد انسحاب الموفد القطري من المهمة.
وفي حين رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر «تويتر»، أن عملية سجن رومية تثبت وتؤكد أن دولة لبنان قوية على الرغم من كل الصعاب وعلى أمل بترسيخ سلطتها في شتى المجالات، قال الوزير السابق سليم جريصاتي بعد اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح»، «خير أن تأتي الخطة الأمنية في سجن رومية متأخرة، من ألا تأتي أبدا»، معربا عن تقديره «لوزير الداخلية الذي استفاد بالتوقيت المناسب».
من جهته، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أن العملية كانت ضرورية للبلد ورسالة مهمة على الصعد كافة، وكانت القوى الأمنية كانت تتحضر لها منذ زمن ولكنها انتظرت أمورا عدة منها: التجهيزات اللازمة والضرورية والظرف السياسي المناسب، مشيرا إلى أن «المناخ السياسي ساعد على تنفيذها، خصوصا بعد التفجير الإرهابي الذي ضرب جبل محسن مساء السبت الفائت والإدانة الشعبية العارمة التي تجلت في كل طرابلس». وقال في حديث لـ«المركزية» «عملية رومية كانت تتراكم منذ عام 2009، وكانت هناك أسباب كثيرة أخرتها، منها: المخاطر الأمنية، التحضير للعملية، التجهيزات الأمنية، والعملية كانت ضرورية لأن أمن البلد على المحك».
وأبدى تخوفه من عودة مسلسل الانتحاريين إلى كل لبنان، «لأننا نعالج دائما النتائج وليس المسببات، فطالما لا معالجة لموضوع السلاح غير الشرعي وتدخل (حزب الله) في سوريا سنبقى معرضين لخضات أمنية، فكل ما يضعف الدولة يوصلنا إلى ما نحن عليه الآن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.