مخاوف من تدهور الأوضاع في أكبر المخيمات الفلسطينية بلبنان

مخيم عين الحلوة يتحفز على وقع مواجهات «رومية»

صبي سوري يطل من مدخل خيمته المغطاة بالثلوج في مخيم دير ذنون للاجئين بوادي البقاع اللبناني (أ.ب)
صبي سوري يطل من مدخل خيمته المغطاة بالثلوج في مخيم دير ذنون للاجئين بوادي البقاع اللبناني (أ.ب)
TT

مخاوف من تدهور الأوضاع في أكبر المخيمات الفلسطينية بلبنان

صبي سوري يطل من مدخل خيمته المغطاة بالثلوج في مخيم دير ذنون للاجئين بوادي البقاع اللبناني (أ.ب)
صبي سوري يطل من مدخل خيمته المغطاة بالثلوج في مخيم دير ذنون للاجئين بوادي البقاع اللبناني (أ.ب)

اضطرب الوضع الأمني في لبنان تلقائيا بعد التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مساء السبت الماضي منطقة جبل محسن العلوية شمال البلاد، مما دفع الجيش والقوى الأمنية لاتخاذ إجراءات مكثفة في المناطق التي تشهد عادة ارتدادات معينة وعلى رأسها مدينة صيدا ومخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوب البلاد.
ونفذ الجيش إجراءات مشددة في محيط المراكز الرسمية، الأمنية والقضائية في صيدا وبالتحديد مقابل السراي الحكومي وقصر العدل، فيما استنفرت قواه على مداخل مخيم عين الحلوة، فارضة تدابير مشددة من خلال التدقيق بالهويات وتفتيش السيارات.
وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب لـ«الشرق الأوسط»، إن «العملية الأمنية التي شهدها سجن رومية شرق البلاد، انعكست مباشرة على الوضع في عين الحلوة»، مؤكدا أنه يتم اتخاذ التدابير اللازمة لاحتواء أي ردات فعل وللإبقاء على الهدوء الذي يشهده المخيم منذ أشهر طويلة.
وعمد عدد من أهالي موقوفي رومية إلى قطع الطريق في الشارع الفوقاني داخل مخيم عين الحلوة بعد تبلغهم بإصابة 3 من أبنائهم خلال العملية الأمنية، وهو ما نفاه المشنوق في وقت لاحق.
وأفادت وسائل إعلام لبنانية عن ظهور بعض الملثمين والمسلحين في شوارع المخيم. وقال أمين سر القوى الإسلامية، أمير الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب في تصريح له إنه «على أثر المداهمة التي قامت بها القوة الأمنية اللبنانية لمبنى (ب) في سجن رومية، وردتنا معلومات من أهل بعض الإخوة الموقوفين في سجن رومية، قمنا بالاتصال بالنائب بهية الحريري وذهب وفد من الأهالي وشرحوا لها ما وردهم من معلومات، وما زلنا نتابع الأمور بهذا الخصوص».
وشددت مصادر ميدانية في «عين الحلوة» على أن الاحتجاجات اقتصرت على منطقة التعمير في عين الحلوة، حيث تتمركز القوى الإسلامية، فتم قطع الطريق وإشعال الإطارات، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «أما باقي أنحاء المخيم فبقيت هادئة تماما».
وأكدت المصادر أن «الوضع داخل المخيم أكثر أمانا نتيجة التوافق بين مختلف القوى السياسية على وجوب تجنيب عين الحلوة الخضات التي يشهدها لبنان، وهو ما نجحنا به فعليا في الآونة الأخيرة».
وقد نجحت الخطة الأمنية التي تفرضها القوى الفلسطينية داخل المخيم بوضع حد للإشكالات الأمنية المستمرة التي كان يشهدها المخيم، حيث لا وجود للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، تماما كما في المخيمات الفلسطينية الأخرى. إلا أن العملية الأمنية التي تم تنفيذها يوم أمس في مبنى الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية أعادت تحريك خلايا نائمة داخل المخيم الذي يضم جماعات متطرفة يرجح أن تكون تتواصل مع جبهة النصرة و«داعش».
وهددت الجبهة في بيان لها نشره حساب «مراسل القلمون» على موقع «تويتر»، من قيامها بتفجيرات جديدة ردا على قتال «حزب الله» في سوريا، متوجهة للنصيرية وحزب إيران وحلفائهم، قائلة: «إننا والله لن ندخر جهدا لضربكم في عقر دياركم وستدفعون ثمن جرائمكم المستمرة التي ترتكبونها بحق أهل السنة واعتداءاتكم على مقدساتهم في أرض الشام، وسنغزوكم أينما كنتم، فانتظروا إنا معكم منتظرون».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.