تمكن أحد الصحافيين الفرنسيين من الاتصال هاتفيا بشريف كواشي، أحد المسلحين اللذين يشتبه في تورطهما بارتكاب أعنف هجوم إرهابي شهدته فرنسا منذ عقود، يوم الجمعة قبل وقت قصير من مقتله هو وشقيقه سعيد كواشي على يد الشرطة أثناء هجومها على مخبئهم في شمال شرقي باريس.
خلال المكالمة الهاتفية التي استمرت أقل من دقيقتين، أشار كواشي إلى أنه هو وشقيقه ينتميان إلى تنظيم «القاعدة في اليمن». سجل الصحافي إيغور ساهيري، الذي يعمل لدى قناة «BFMTV» التلفزيونية المكالمة الهاتفية التي أجراها مع كواشي.
وهذه ترجمة جزئية للمحادثة:
كواشي: (كلام غير مسموع) أرسلني تنظيم القاعدة إلى اليمن، أنا شريف كواشي.
ساهيري: حسنا.
كواشي: وذهبت إلى هناك وكان أنور العولقي هو الذي قام بتمويلي.
ساهيري: حسنا، وكان ذلك منذ متى، تقريبا؟
كواشي: كان ذلك قبل مقتله (كلام غير مسموع).
ساهيري: حسنا، ولذلك جئت إلى فرنسا منذ فترة ليست بالبعيدة؟
كواشي: لا، منذ فترة بعيدة (كلام غير مسموع).
ساهيري: حسنا، وكنتما أنتما الاثنان فقط، أنت وأخوك؟
كواشي: هذا الأمر ليس من شأنك.
ساهيري: هل هناك أشخاص يقفون وراءكم أم لا؟
كواشي: هذا أمر ليس من شأنك.
ساهيري: حسنا. وهل تنوي القيام بالقتل مرة أخرى أم لا؟
كواشي: قتل مَن؟
ساهيري: لا أعرف. إنه سؤال أطرحه عليك.
كواشي: هل قَتَلا مدنيين، الشخصان اللذان تبحثان عنهما؟
ساهيري: أنت قتلت الصحافيين.
كواشي: لا، ولكن هل قتلوا مدنيين، الأشخاص الذين تبحثون عنهم؟
ساهيري: شريف، هل قتلت أي شخص هذا الصباح؟
كواشي: لا، نحن لسنا قتلة. نحن ندافع عن النبي، نحن لا نقتل، نحن لا نقتل النساء، نحن لا نقتل أبرياء. نحن ندافع عن النبي (كلام) إننا يمكننا أن نقتل، هذه ليست مشكلة، ولكننا لا نقتل النساء. نحن لسنا مثلكم، لسنا مثلكم. إنكم أنتم الذين قتلتم (اسم) في سوريا، وليس نحن. لدينا ميثاق شرف في الإسلام.
ساهيري: حسنا، لقد أخذت بثأرك. وقتلت 12 شخصا.
كواشي: هذا صحيح، أحسنت القول. لقد أخذنا بثأرنا. اذهبوا. لقد قلت ذلك بنفسك.
في شريط فيديو نشره على ما يبدو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وجرى حذفه منذ ذلك الحين من موقع «يوتيوب»، أشاد التنظيم بالهجوم الذي تم على مجلة «شارلي إيبدو».
يقول الصوت في التسجيل الصوتي: «اللهم لك الحمد، كفيت نبيك المستهزئين، فلك الحمد، ونصرت عبادك المجاهدين، فلك الحمد».
من جهة اخرى أكد الرجال الثلاثة الذين أثاروا الرعب في فرنسا منذ هجوم الأربعاء على مجلة «شارلي إيبدو» وحتى احتجاز الرهائن الدامي في شرق باريس الجمعة أنهم نسقوا عملهم. وقال الأخوان كواشي إنهما ينتميان إلى تنظيم القاعدة في اليمن، في حين قال كوليبالي إنه مع تنظيم داعش.
وتبنى الشقيقان شريف وسعيد كواشي (32 و34 عاما)، اللذان قتلا برصاص قوات الأمن بعد مطاردتهما منذ تنفيذهما الاعتداء على المجلة، الفكر المتطرف.
وأكد شريف في حديث مع قناة «بي إف إم تي في» قبل بضع ساعات على هجوم قوات الأمن أنه كلف بالعمل في فرنسا لحساب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وأدرج اسم الأخوين الفرنسيين وهما من أصل جزائري «منذ سنوات» على اللائحة الأميركية السوداء للإرهاب بسبب ماضيهما المضطرب.
وقال محامي شريف كواشي المولود في نوفمبر (تشرين الثاني) 1982 في باريس وتخلى عنه أهله مع شقيقه منذ كانا طفلين، إنه «كان شابا مثله مثل غيره من الشباب، يدخن ويشرب ويغازل الفتيات»، وكان معروفا لدى أجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية منذ اعتناقه الفكر المتطرف.
وشريف الملقب بأبو إحسان كان جزءا من «شبكة منطقة بيت شومو» التي تسعى لإرسال متطرفين إلى الفرع العراقي لتنظيم القاعدة الذي كان يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي.
أوقف شريف الذي تدرب على استخدام الكلاشينكوف في باريس في 2005 قبل توجهه إلى العراق وأوقف قبل أن يحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات من بينها 18 شهرا مع وقف التنفيذ.
وخلال توقيفه بين نوفمبر 2005 وأكتوبر (تشرين الأول) 2006 تعرف على جمال بقال المتطرف الذي كان يقضي عقوبة بالسجن 10 سنوات بتهمة الإعداد لاعتداء إرهابي، وتأثر به. كما تعرف في تلك الفترة على أحمدي كوليبالي مطلق النار في مونروج ومحتجز الرهائن داخل سوبر ماركت في باريس والذي قتل أيضا أول من أمس (الجمعة) بأيدي قوات الأمن.
وفي عام 2010، ورد اسمه في التحقيق في إطار خطة لمساعدة المتطرف إسماعيل آيت علي بلقاسم للهروب من السجن. وبلقاسم عضو سابق في الجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية حكم عليه في 2002 بالسجن مدى الحياة لارتكابه اعتداء في أكتوبر 1995 في باريس أوقع 30 جريحا. إلا أن القضاء لم يجد أدلة كافية لمحاكمة شريف كواشي، وحكم في القضية نفسها على أحمدي كوليبالي بالسجن 5 سنوات في 2013.
وسعيد المولود في سبتمبر (أيلول) 1980 أيضا في باريس، لم يكن معروفا على ما يبدو للاستخبارات، مع أنه قصد جامعة سلفية في اليمن قبل أن يتدرب على السلاح لدى تنظيم القاعدة.
وشارك سعيد في 2013 إلى جانب عدد من الطلاب الأجانب في الدفاع عن مركز دماج السلفي القريب من مدينة صعدة شمال اليمن عندما هاجمه الحوثيون.. وفي فرنسا كان يقيم في رانس (شمال شرق) مع زوجته وهي أم لطفل صغير السن.
واعتنق أحمدي كوليبالي، الذي أعلن انتماءه لتنظيم داعش قبل مقتله، الفكر المتطرف خلال مكوثه في السجن.
وبدأ كوليبالي (32 عاما) المولود لأبوين من أصل مالي ارتكاب الجنح في 2000. وكانت إدانته الأولى في 2001 بتهمة السرقة مع السطو وتلتها عدة إدانات. ولم يرد اسمه في ملفات التطرف الديني سوى في 2010 ضمن خطة فرار إسماعيل آيت علي بلقاسم. وخرج من السجن بعد انقضاء عقوبته بالسجن 5 سنوات في مايو (أيار) 2014.
كان كوليبالي وهو السابع بين 10 أبناء يلقب بـ«دولي» و«شقيق غرينييه» يعيش في فونتونيه أوروز الضاحية الباريسية.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ {الشرق الأوسط}