تضامن لبناني مع فرنسا في مواجهة الإرهاب والتطرف

نصر الله: الجماعات التكفيرية بتصرفاتها أساءت إلى رسول الله أكثر من نشر الرسوم المسيئة

تضامن لبناني مع فرنسا في مواجهة الإرهاب والتطرف
TT

تضامن لبناني مع فرنسا في مواجهة الإرهاب والتطرف

تضامن لبناني مع فرنسا في مواجهة الإرهاب والتطرف

أجمع اللبنانيون على إدانة الاعتداء الدامي الذي استهدف صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية وأدّى إلى مقتل 12 شخصا، كما أجمعوا على شجب أعمال العنف التي تلت الحادثة، ولفت ما أعلنه أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله عن أن الجماعات التكفيرية بتصرفاتها أساءت إلى رسول الله أكثر من نشر الرسوم المسيئة له.
ووجه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري رسالة إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مستنكرا بشدة «الاعتداء الإرهابي» على صحيفة «شارلي إيبدو»، ومعربا عن تضامنه مع الشعب الفرنسي في مواجهة الإرهاب والتطرف.
وكانت صحيفة «المستقبل» التي تمتلكها عائلة الحريري، وفي عددها الصادر يوم أمس (الجمعة)، تضامنت وبشكل كلي مع مجلة «شارلي إيبدو»، فكتبت بخط كبير أسود على صفحتها الأولى: «أنا شارلي» باللغة الفرنسية. وعلى 3 أعمدة كتبت: «لأنه الإرهاب الذي يشوه الإسلام، دين الاعتدال والرحمة، ويضرب الألوف من العرب والمسلمين قبل أي أحد آخر، لأنه الإرهاب الذي لا يستهدف الصحيفة الفرنسية فحسب، بل يطال مبدأ حرية التعبير على مستوى كل العالم، قررت هيئة التحرير في جريدة المستقبل أن تخصص هذا العدد لتقول بالخط العريض Je suis Charlie (أنا شارلي)».
واعتبر نصر الله، في إطلالة له عبر الشاشة، خلال احتفال بمناسبة عيد المولد النبوي وأسبوع الوحدة الإسلامية وأسبوع «كفالة اليتيم» واليوم السنوي لجمعية «الإمداد»، أن «الجماعات التكفيرية بتصرفاتها أساءت إلى رسول الله وإلى الأنبياء أكثر من نشر رسوم مسيئة للرسول»، منبها إلى أن «هذه الجماعات باتت تشكل خطرا على الإسلام وعلى القرآن كدين ورسالة».
ولفت نصر الله إلى أن «من تأثيرات ممارسات هذه الجماعات التكفيرية على الإسلام أنها تصل إلى كل بيت وعلى مستوى العالم كله، وحجم هذه الإساءة كبير وخطير، ولم يحصل مثله عبر التاريخ»، ودعا كل المذاهب الإسلامية إلى «مواجهة إساءات الجماعات التكفيرية والعمل على عزلها ومحاصرتها والعمل على إنهائها».
وأبرق رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان إلى الرئيس الفرنسي معزيا بضحايا مجلة «شارلي إيبدو»، ومعتبرا أنه «ليس للإرهاب مكان وزمان ولا دين أو مذهب، ومكافحة الأعمال الإرهابية باتت أولوية تتطلب جهدا دوليا للحد من أخطارها، وصولا إلى القضاء عليها نهائيا». وللغاية عينها، زار سليمان السفارة الفرنسية، والتقى السفير باتريس باولي لتقديم واجب التعزية بضحايا «العمل الإرهابي».
بدوره، أجرى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل اتصالا هاتفيا بوزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، قدم خلاله تعازيه الحارة وتعازي الدولة اللبنانية بضحايا «الجريمة الإرهابية» التي استهدفت مقر صحيفة «شارلي إيبدو» في باريس، كما أكد على «تضامن لبنان الكامل مع فرنسا، حيث مر بلحظات مأساوية مشابهة نتيجة الأعمال الإرهابية والاعتداءات التي طالت الجسم الإعلامي فيه».
وشدد باسيل على «وقوف لبنان إلى جانب فرنسا في الحرب المشتركة على الإرهاب التي هي حرب يخوضها البلدان معا وسوف يربحانها معا»، كما هنأه على «السرعة التي تم فيها اكتشاف الإرهابيين، وعلى تصريحات المسؤولين الفرنسيين التي تظهر مجددا أن فرنسا هي ضامنة لحقوق الإنسان، وعلى الوحدة التي أظهرها الشعب الفرنسي في تحركاته العفوية تعبيرا عن تمسك فرنسا بقيم الحرية».
وزار وفد من «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون السفير الفرنسي في بيروت لتقديم واجب التعازي. وأكد الوفد إدانته «الشديدة والمطلقة للاعتداء السافر والجبان الذي طال حرية الصحافة والتعبير، وهي من أهم القيم الإنسانية التي يتشارك فيها الشعبان اللبناني والفرنسي».
وأعلن الوفد باسم التكتل تضامنه «الكامل مع فرنسا في مأساتها»، وتمنى «أن تتجاوز تلك المحنة بمزيد من الوحدة الوطنية والمحافظة على قيم ومبادئ المواطنة الرائدة فيها، وأن تنتصر فرنسا (الحرية والمساواة والأخوة) على قوى الإرهاب والظلامية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.