أحداث العام 2014: الجزائر.. الدستور مؤجل

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يؤدي اليمين الدستورية  في 28 أبريل الماضي لبدء فترة رابعة في الرئاسة (غيتي)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يؤدي اليمين الدستورية في 28 أبريل الماضي لبدء فترة رابعة في الرئاسة (غيتي)
TT

أحداث العام 2014: الجزائر.. الدستور مؤجل

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يؤدي اليمين الدستورية  في 28 أبريل الماضي لبدء فترة رابعة في الرئاسة (غيتي)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يؤدي اليمين الدستورية في 28 أبريل الماضي لبدء فترة رابعة في الرئاسة (غيتي)

* أبرز أحداث الجزائر عام 2014
* سيطر «مرض بوتفليقة» على الأحداث السياسية في الجزائر خلال عام 2014. واحتدم جدل كبير حول «من يحكم الجزائر؟» في ظل انسحاب شبه كامل للرئيس من المشهد العام. أما على الصعيد الاقتصادي، فقد شكل تراجع أسعار النفط هاجسا كبيرا كون اقتصاد البلاد يعتمد على مداخيل المحروقات بنسبة 98 في المائة.
وتتعرض «جماعة الرئيس»، كما يسميها الإعلام المحسوب على المعارضة، لضغط شديد لدفعه إلى التنحي عن الحكم بحجة أنه مريض وعاجز عن أداء مهامه المنصوص عليها دستوريا. فهو لا يعقد مجلس الوزراء إلا نادرا، ولا يخاطب الجزائريين إلا عن طريق رسائل يقرأها نيابة عنه مستشار بالرئاسة مكلف بقراءة خطب الرئيس. وتوقف خروج بوتفليقة إلى الميدان لمتابعة مشاريع التنمية التي تعهد بها خلال حملاته الانتخابية، ويؤدي هذا النشاط بدلا عنه رئيس وزرائه الذي يملك صلاحيات محدودة جدا تمنعه من اتخاذ القرارات الهامة.
في المقابل، تخوض «أحزاب الموالاة»، وهي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«تجمع أمل الجزائر» معركة حادة ضد المعارضة في موضوع «مرض الرئيس». فهي تعتبر «شرعية بوتفليقة» «خطا أحمر»، لا ينبغي الاقتراب منه. ومن يريد خلافته عليه، حسبها، أن ينتظر انتخابات الرئاسة المنتظرة عام 2019. وترفض «الموالاة» الحديث عن شيء اسمه «عجز الرئيس عن الوفاء بأعباء الرئيس»، فهو «يتابع ما يجري في البلاد» و«يصدر القرارات للحكومة» و«يستقبل الوفود الأجنبية التي تطلب رأيه وخبرته في أكبر الملفات الدولية».
وتعهد بوتفليقة الشهر الماضي، مجددا، بتعديل الدستور لكنه لم يذكر متى سيكون ولا بأي طريقة. فهل سيكتفي بتمريره على البرلمان أم سيعرضه على الاستفتاء الشعبي؟. وفي وقت كانت تترقب فيه الطبقة السياسية أن يكشف الرئيس عما يريد إدخاله من تعديلات على الدستور، اكتفى بالقول إنه لا يزال يتمسك بتعديله. والحقيقة أن بوتفليقة أظهر انزعاجه من الدستور الحالي الذي وضعه الرئيس السابق اليمين زروال، منذ وصوله إلى الحكم عام 1999. غير أنه لم يذكر أبدا تصوره لمنظومة الحكم التي يحلم بها.
وجرت في البلاد في ربيع العام انتخابات رئاسية، سبقها جدل حول رغبة بوتفليقة في الترشح لولاية رابعة. وقد «فعلها» في النهاية، لكن اللافت في هذا الاقتراع أن أبرز المترشحين فيه، وهو بوتفليقة، غاب عن حملته الانتخابية. فقد خاضها بدلا عنه قادة «أحزاب الموالاة» الذين دعوا الجزائريين إلى التجديد للرئيس، و«إلا فسيكون مصير البلاد الفوضى التي تعيشها اليوم ليبيا وسوريا»!!.
ونشأ عقب الانتخابات أكبر تكتل سياسي معارض، منذ الاستقلال، كرد فعل على استمرار بوتفليقة في الحكم، سمي «التنسيقية الوطنية للحريات والانتقال الديمقراطي»، وضم أطياف المعارضة الإسلامية والعلمانية والليبرالية. وطالبت «التنسيقية» بتفعيل المادة 88 من الدستور التي تتحدث عن إبعاد الرئيس من الحكم إذا ثبت أنه يعاني من مانع صحي مزمن وخطير. غير أن الدستور لا يوضح الجهة التي ينبغي أن تأمر «المجلس الدستوري» ليجتمع حتى يتداول في القضية. وذكرت المعارضة أن هذا «الإغفال» مقصود.
وفي الوقت الذي كان يعتقد فيه أن «جماعة الرئيس» ستضعف بفعل قوة المعارضين عدديا، أعلن أقدم حزب معارض «جبهة القوى الاشتراكية» أنه غير معني بمشروع «التنسيقية»، وأنه يطرح مبادرة سماها «إعادة بناء الإجماع الوطني». وذكر قادته أنهم لا يتصورون تغييرا في النظام من دون مشاركة النظام. عند هذا الحد اتهمت «التنسيقية» مسؤولي «القوى الاشتراكية» بالتشويش على مسعاهم وبأنهم «يعلمون لمصلحة النظام بهدف إطالة عمره»، على أساس أن السلطة منحت لحزب رجل الثورة حسين آيت أحمد مقاعد في البرلمان، كهدية في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2012. وتم تفسير مبادرة «القوى الاشتراكية» على أنها «رد جميل النظام».
سياسيا ظل حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني» يتخبط في أزمته الداخلية. ويواجه أمينه لعام عمار سعداني معارضة شديدة يخوضها ضده القيادي ووزير التجهيز سابقا عبد الرحمن بلعياط، الذي يسعى إلى الإطاحة به قبل موعد المؤتمر العاشر الذي يرتقب انعقاده خلال الثلاثي الأول من العام الجديد. وفاجأ سعداني الطبقة السياسية بتصريحات مفادها أن الحزب الذي سيفوز بالأغلبية، في انتخابات البرلمان المنتظرة عام 2017 هو من سيشكل الحكومة وهو من يقودها. وقال إن الدستور الذي سيخضع للتعديل قريبا، سيتضمن ذلك في مادة صريحة.
وهاجم سعداني الحكومة قائلا إنها «تفرط في سيطرتها على المجالس المحلية المنتخبة، ما يحول دون اتخاذ المبادرات ويمنع الاستجابة لحاجيات المواطنين بالبلديات والولايات». وعدت تصريحات سعداني ضد الحكومة غريبة، فالرجل معروف بولائه الشديد لرأس السلطة التنفيذية بوتفليقة، ومن غير عادته الهجوم على الطاقم الحكومي. وفهم من كلامه أنه تلقى ضوءا أخضر من أعلى سلطة في البلاد، للتمهيد للوضع الجديد الذي سيفرزه الدستور المرتقب صدوره.
وفي خطوة مفاجئة، أعلن بوتفليقة في أغسطس (آب) إنهاء مهام عبد العزيز بلخادم، بصفته وزيرا للدولة مستشارا خاصا لدى الرئيس، وهو فوق ذلك رجل ثقة بالنسبة إليه وبلا منازع. وأعطى الرئيس بوتفليقة أوامر لأمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يرأسه شرفيا، بإبعاد بلخادم من كل هياكل الحزب الذي قاده لمدة 10 سنوات. ولم يذكر بوتفليقة أسباب تنحية بلخادم، لكن مقربين منه قالوا إن حضوره تجمعا للمعارضة، كان قاتلا بالنسبة لمستقبله السياسي. فقد شارك في لقاء سياسي كبير من تنظيم حزب «جبهة التغيير» الإسلامي المعارض، تناول إشكالية «تغيير النظام»، ألقى فيه رؤساء حكومات سابقون يعارضون بشدة بوتفليقة، خطابا يدعو إلى رحيل الرئيس عن الحكم، وانتقدوا «سياساته التسلطية» و«حكمه الفردي»، هم سيد أحمد غزالي وعلي بن فليس وأحمد بن بيتور.
على الصعيد الدبلوماسي، استمرت حدة النزاع مع المغرب على خلفية قضية الصحراء الغربية وأخذت شكل ملاسنات شديدة بين مسؤولي البلدين، وكان أخطرها بمناسبة حادثة إطلاق نار بالحدود أدت إلى إصابة رعية مغربي بجروح. وعجزت الجزائر عن جمع أطراف الأزمة الليبية للحوار فوق أرضها، بسبب تحفظ بعض الأحزاب حيال حضور رموز من النظام السابق. أما الوساطة التي أجرتها طيلة العام بين طرفي الصراع المالي، فقد تم تعليقها مؤخرا بسبب عدم توصلهما لاتفاق سلام ينهي الاضطرابات في شمال البلاد الذي يسيطر الجهاديون على جزء منه.
اقتصاديا، حملت نهاية العام خبرا غير سار للجزائريين. فانهيار أسعار النفط يعد بالنسبة إليهم مسألة حياة أو موت، لأن 40 مليون جزائري يحصلون على غذائهم ودوائهم وكل الأجهزة اللازمة لاقتصادهم الهش، من بيع النفط والغاز. وقال محافظ بنك الجزائر محمد لكساسي بوضوح، إن احتياطي العملة الصعبة (نحو 200 مليار دولار) لن يصمد أكثر من 35 شهرا بسبب ارتفاع فاتورة الاستيراد التي فاقت 50 مليار دولار العام الماضي.
ورغم كل المشاكل السياسية والاقتصادية والفساد الذي ينخر قطاعات كثيرة في الدولة، فقد عاش الجزائريون عام 2014 أجواء فرح عارمة بفضل النتائج الإيجابية التي سجلها منتخبهم لكرة القدم، في مونديال البرازيل. فقد تأهلت الجزائر، ممثل العرب في التجمع الكروي الأكبر في العالم، إلى الدور ثمن النهائي وأسال أشبال المدرب البوسني (سابقا) وحيد حاليلوزيتش العرق البارد للنسر الألماني وانهزموا أمامه في مباراة بطولية، بهدفين لهدف واحد. ويستعد «الخضر» تحت إشراف المدرب الجديد، الفرنسي كريستيان غوركوف، لخوض غمار كأس أفريقيا للأمم الشهر المقبل، حاملين آمال جماهير الكرة العريضة بالعودة بالكأس من غينيا الاستوائية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.