بعث الرئيس السوري بشار الأسد أمس، رسالة تطمين إلى مقاتليه في حي جوبر في دمشق، أثناء زيارته إلى «دشم» يرابضون فيها وقطعهم العسكرية ليلة رأس السنة الجديدة، حيث تفقّد المقاتلين الحكوميين، في حين قال معارضون إن الأسد زار حي الزبلطاني القريب ولم يدخل إلى جوبر الذي تجري فيه معارك عنيفة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، مستندين إلى صور له أخذت قرب منشأة حكومية.
وجاءت الزيارة بعد ساعات على مقتل 25 جنديا من قواته في معارك في الحي، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي رأى مديره أن الأسد «ضحى بأكثر من 100 مقاتل من قواته أصيبوا في جوبر بين قتيل وجريح، لكي يلتقط بعض الصور ليلا عند أطراف الحي».
وتكتسب الزيارة أهمية بالغة بالنسبة للقوات الحكومية التي كثفت هجماتها على جوبر، وهو الحي الوحيد في دمشق الخاضع لسيطرة المعارضة، في محاولة لاستعادة السيطرة عليه، منذ مطلع سبتمبر الماضي، بعد هجمات جوية بدأت في شهر مايو (أيار) الماضي. ولم تتمكن القوات الحكومية من استعادة السيطرة على الحي بأكمله، رغم تقدمها في داخله، وفرض سيطرتها على نحو 80 في المائة منه.
وأكد عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحر أبو أحمد العاصمي لـ«الشرق الأوسط» أن الأسد «لم يزر جوبر، بحسب ما تؤكده الصور بحوزتنا المأخوذة من بعيد، بل زار حي الزبلطاني القريب من برج (8 آذار) المطل على العاصمة السورية»، معتبرا أن هذه الزيارة تأتي «بهدف رفع معنويات مقاتليه الذين فشلوا في استعادة السيطرة على الحي، وأراد أن يبعث رسالة تطمين، يؤكد بها أنه لا يزال موجودا على رأس الحكم، وسيستمر في موقعه في العام الجديد، استنادا إلى توقيت الزيارة».
وسبق هذه الزيارة، ظهور نادر للأسد في مسجد في دمشق، أدى فيه صلاة عيد الأضحى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رغم أنه كان ظهر في وقت سابق من العام الماضي في بلدة معلولا في أبريل (نيسان) الماضي، إثر استعادة القوات الحكومية السيطرة عليها. وعادة ما يقلل الأسد من زياراته الميدانية، التي اقتصرت، منذ بدء الأزمة في مارس (آذار) 2011. على زيارات تفقدية في محيط دمشق.
وقال العاصمي لـ«الشرق الأوسط» إن حي جوبر الواقع شرق العاصمة السورية، يعتبر مدخلا للغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة، و«يعد استراتيجيا بالنسبة للنظام ولنا على حد سواء كونه منطقة صامدة، كما مدينة داريا (الواقعة جنوب غربي العاصمة)، وهما العنوانان الرئيسيان للجيش السوري الحر في محيط دمشق، بعيدا عن سيطرة المتشددين». وقال إن النموذجين «سيعممان في مناطق أخرى في محيط العاصمة، لأن الموجودين فيهما هم من أهالي البلاد الثائرين، وليسوا من الغرباء، وسيفشلون أي مبادرات لن تأخذ رأيهم وتضحياتهم في الحسبان».
ويكتسب حي جوبر أهمية كبرى كونه مفتاحا إلى ساحة العباسيين في وسط دمشق. وبالتالي، يسعى النظام بإلحاح إلى إبعاد خطر المعارضة المسلحة عن العاصمة. كما أنه مفتاح استراتيجي بالنسبة إلى المعارضة، كونه يقع عند مدخل الغوطة الشرقية، معقل المعارضة السورية المحاصر من قوات النظام.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن الأسد وبمناسبة حلول العام الجديد «زار جوبر والتقى خلالها مع جنود وصف ضباط وضباط الجيش العربي السوري». وبث التلفزيون السوري في وقت لاحق شريط فيديو طويلا، ظهر فيه الرئيس السوري وهو يصافح جنودا وضباطا داخل متاريس ودشم، وعلى دبابات وآليات جند.
وكان الأسد يكرر لكل مجموعة «كل عام وأنتم بخير.. طبعا لا أحد يشعر بالعيد، كل الدنيا حرب، لكن في كل مناسبة، هناك أمل جديد». وتابع: «العيد يكون بالانتصار، لا عيد سواه». كما قال للبعض «سلموا على أهلكم»، و«أنا سعيد بتمضية العيد معكم». ونقلت «سانا» عن الأسد قوله «إذا كانت هناك مساحة من الفرح باقية في سوريا، فهي بفضل الانتصارات التي تحققونها في مواجهة الإرهاب»، و«استقبال العام هو أمل لكل الناس.. لكن أكبر أمل هو بانتصار قواتنا المسلحة وكل من قاتل إلى جانبهم في معركتنا ضد الإرهاب».
وأظهرت الصور الأسد وهو يتناول البطاطا المسلوقة والفول مع البندورة والخبز بين مجموعة من الجنود. وقال له أحد الجنود «أكبر معنويات بالنسبة لنا، أن نرى سيادتك».
وتوقف المعارضون عند بعض ما قاله الأسد في شريط الفيديو الذي بثته وكالة «سانا» الرسمية، وتحديدا تأكيده أن القوات المرابضة في الميدان «تبعد كيلومتر واحد عن العاصمة السورية». وقال مصدر عسكري معارض في الغوطة الشرقية لـ«الشرق الأوسط» إن ذلك «هو أول اعتراف واضح من النظام بأن قوات المعارضة تشكل خطرا على العاصمة السورية، وهو ما يحاول النظام تفاديه، ويشكل قلقا بالنسبة له». ورأى المصدر أن جميع أنواع الأسلحة التي استخدمها «لم تزل مخاوفهم من أن نشكل خطرا على مواقع النظام والمناطق الخاضعة لسيطرته».
واستخدمت القوات النظامية في جوبر، بحسب ناشطين، مختلف أنواع الأسلحة منذ محاولة استعادة السيطرة عليه، بينها الصواريخ المحمولة بالمظلات، في أكتوبر الماضي، وكاسحة الألغام الروسية المتطورة «يو آر 77»، إضافة إلى البراميل المتفجرة والصواريخ «جو - أرض» وقذائف المدفعية والصواريخ الضخمة، كما يقول ناشطون.
وتدور في الحي معارك تعنف حينا وتتراجع أحيانا، بين الطرفين اللذين يتقاسمان السيطرة على الحي. وقد شهدت الأشهر الأخيرة تقدما لقوات النظام فيه.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، بمقتل «ما لا يقل عن 25 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها وإصابة العشرات الآخرين بجروح أمس (الأول)، في اشتباكات مع كتائب إسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) في حي جوبر»، موضحا أن هؤلاء سقطوا خلال النهار. وأشار إلى سقوط 3 صواريخ صباح أمس، يعتقد أنها من نوع أرض - أرض، على مناطق واقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في جوبر الذي تعرض أيضا لـ8 غارات جوية نفذتها طائرات النظام.
الأسد يرفع معنويات مقاتليه بزيارتهم شرق دمشق.. ومعارضون: لم يصل إلى جوبر
«الجيش الحر» يرى الزيارة «تأكيدا على بقائه على رأس الحكم»
الأسد يرفع معنويات مقاتليه بزيارتهم شرق دمشق.. ومعارضون: لم يصل إلى جوبر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة