السبسي يؤدي اليمين الدستورية ويتعهد بأن يكون رئيسا لكل التونسيين

قال إن أمن تونس وتنميتها سيكونان مسؤوليته الأولى

الباجي قائد السبسي أثناء تأديته اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب في تونس أمس (أ.ب)
الباجي قائد السبسي أثناء تأديته اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب في تونس أمس (أ.ب)
TT

السبسي يؤدي اليمين الدستورية ويتعهد بأن يكون رئيسا لكل التونسيين

الباجي قائد السبسي أثناء تأديته اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب في تونس أمس (أ.ب)
الباجي قائد السبسي أثناء تأديته اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب في تونس أمس (أ.ب)

أدى الباجي قائد السبسي (88 سنة) اليمين الدستورية، أمس، أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان) ليصبح أول رئيس يفوز في انتخابات ديمقراطية في تاريخ تونس بعد 4 سنوات على الثورة التي أطلقت «الربيع العربي».
وأقسم قائد السبسي على الحفاظ على استقلال تونس وحماية سيادتها ووحدتها وعلى احترام الدستور والسهر على حماية مصالحها.
وقال قائد السبسي بعد ذلك في خطاب قصير: «بصفتي رئيسا للدولة أتعهد بأن أكون رئيسا لكل التونسيين والتونسيات.. وأن أكون ضامنا للوحدة الوطنية». وأكد أنه «لا مستقبل لتونس من دون توافق بين الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني». وأضاف: «لا مستقبل لتونس من دون مصالحة وطنية». وأشار إلى أن أمن تونس وتنميتها سيكونان مسؤوليته الأولى. ودعا الحكومة والإدارة وجميع هياكل الدولة إلى العمل سويا على تحقيق أهداف الثورة، وفي مقدمتها: التشغيل، ومقاومة الإرهاب، والعدالة الاجتماعية، والتنمية العادلة بين مختلف جهات تونس. كما تعهد السبسي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأجنبية والعمل على إحياء التعاون بين دول المغرب العربي والدول العربية والأفريقية والمتوسطية، وشدد السبسي على احترام الآجال المصادق عليها في بعث الهيئات الدستورية التي نص عليها دستور يناير (كانون الثاني) 2014.
وفاز قائد السبسي، مؤسس ورئيس حزب نداء تونس المعارض للإسلاميين، في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بحصوله على 55.68 في المائة من الأصوات على منافسه الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي (69 سنة) الذي حصل على 44.32 في المائة من أصوات الناخبين.
والتقى الرجلان في وقت متأخر من صباح أمس في القصر الرئاسي في قرطاج ليستلم قائد السبسي رسميا منصبه. وتعانق الرجلان أمام كاميرات التلفزيون. وبعدها غادر المرزوقي القصر الرئاسي. وبهذا أصبح قائد السبسي أول رئيس منتخب بشكل حر وديمقراطي في تاريخ تونس منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.
وبعد انتخابات «المجلس الوطني التأسيسي» التي أجريت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وفازت فيها حركة النهضة الإسلامية، انتخب المجلس المرزوقي رئيسا «مؤقتا» للبلاد.
وكان قائد السبسي وزيرا للداخلية والدفاع والخارجية في عهد بورقيبة، ثم رئيسا للبرلمان من 1990 إلى 1991 في عهد الرئيس زين العابدين بن علي.
ويتطلع إليه أنصاره باعتباره الوحيد القادر على التصدي للإسلاميين، في حين يتهمه معارضون بأنه يسعى لإعادة رموز الحكم السابق، وبأنه لا يمثل تطلعات الشباب الذين قاموا بالثورة. وفي 2012، أسس قائد السبسي حزب «نداء تونس» (يمين الوسط) بهدف «خلق التوازن» على حد تعبيره، مع حركة النهضة الإسلامية التي فازت بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 وحكمت تونس حتى مطلع 2014.
ويضم هذا الحزب يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب «التجمع» الحاكم في عهد الرئيس المخلوع بن علي.
وفاز الحزب بالانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 أكتوبر الماضي، وحصل على 86 من إجمالي 217 مقعدا في البرلمان بينما حلت حركة النهضة الثانية (69 مقعدا).
ولا يملك الحزب بمفرده «الأغلبية المطلقة» (109 مقاعد) التي تؤهله لتشكيل الحكومة وحده لذلك يتعين عليه الدخول في تحالفات مع أحزاب أخرى ممثلة في البرلمان.
ومن المنتظر تنظيم حفل تنصيب رسمي للرئيس التونسي الجديد يوم 14 يناير الحالي بحضور رؤساء دول شقيقة وصديقة.
وانتظمت جلسة البرلمان بحضور مهدي جمعة، رئيس الحكومة المؤقتة، وشفيق رصرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلى جانب عدد من الشخصيات الأخرى من ضمنها الرؤساء والأمناء العموم للأحزاب الممثلة في البرلمان.
ووجه محمد الناصر، رئيس البرلمان، الشكر إلى جمعة وصرصار، ونوه بمجهوداتهما في «إيصال تونس إلى بر الأمان في كنف الحياد والاستقلالية»، على حد تعبيره.
ودعا السبسي خلال الجلسة البرلمانية رئيس الحكومة التونسية الحالية، مهدي جمعة، إلى مواصلة مهامه إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وكلف قائد السبسي، أمس، الناصر، وهو أيضا رئيس الهيئة التأسيسية لحركة نداء تونس ونائب رئيس الحزب، بتقديم مرشح لرئاسة الحكومة خلفا لجمعة.
ووفق نص الدستور التونسي الجديد، فإن لدى رئيس الجمهورية الجديد مدة أسبوع واحد لدعوة شخصية من الحزب الفائز بأغلبية المقاعد البرلمانية، وهو حركة نداء تونس الحزب الذي كان يرأسه، لتشكيل حكومة تخلف حكومة جمعة.
وقدم الرئيس التونسي الجديد استقالته، أمس، من رئاسة حركة نداء تونس للتفرغ لمهامه الرئاسية. ولا يخول الدستور التونسي الجديد الجمع بين رئاسة أحد الأحزاب السياسية ورئاسة الجمهورية.
وإثر مغادرته لمجلس نواب الشعب مباشرة، توجه رئيس الجمهورية المنتخب إلى القصر الرئاسي بقرطاج لتسلم السلطة من الرئيس المرزوقي. واستعرضت تشكيلة شرفية من الجيوش الـ3، أدت له التحية على أنغام النشيد الوطني، قبل أن ينتظم موكب رسمي تولى خلاله الرئيس الجديد تسلم السلطة من الرئيس المنتهية ولايته في أجواء احتفالية طغت عليها الزغاريد وأصوات حوافر الخيول التي رافقت وصوله إلى القصر الرئاسي.
وتصافح الرئيسان في مدخل القصر وألقى المرزوقي التحية على الحاضرين وهو يرتدي برنسا قبل أن يستقل سيارة رئاسية أقلته إلى مقر إقامته في مدينة سوسة (140 كلم جنوب العاصمة التونسية).
وفي السياق نفسه، ذكر موقع رئيس الجمهورية المنتهية ولايته أن المرزوقي «تنازل عن كل الهدايا التي تلقاها خلال زياراته وتنقلاته في الداخل والخارج لفائدة الدولة التونسية».
ونشر المرزوقي رسالة، على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» موجهة إلى كاتب الدولة (وزير دولة) لدى وزير الاقتصاد المكلف بأملاك الدولة والشؤون العقارية، تضمنت تنازلا عن الهدايا. وقال المرزوقي في رسالته: «تلقيت عددا من الهدايا الثمينة من رؤساء وملوك الدول الصديقة والشقيقة أثناء الزيارات التي أديتها إلى بلدانهم أو استقبال وفود منها، وهي منقولات من مختلف الأنواع أهديت إلى شخصيا وإلى أفراد عائلتي». وأضاف المرزوقي: «أتنازل عن جميع المنقولات الواردة في القائمة الجاري ضبطها حاليا بالتنسيق مع مصالحكم التي سيتم توجيهها إليكم حال الانتهاء من إعدادها لفائدة الدولة التونسية».
وغادر الرئيس المرزوقي رسميا، اليوم، قصر قرطاج الرئاسي بعد قرابة 3 سنوات قضاها في الحكم إثر انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011.
ووفق أحكام قانون 27 سبتمبر (أيلول) 2005 المتعلق بالمنافع المخولة لرؤساء الجمهورية بعد انتهاء مهامهم، وبانتهاء مهام المرزوقي، فإنه سيتمتع بأجرة مدى الحياة تعادل المنحة المخوّلة لرئيس الجمهورية المباشر (30 ألف دينار شهريا نحو 18 ألف دولار) وبالامتيازات العينية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية المباشر، وخصوصا محل سكنى مؤثث والأعوان المكلّفون بخدماته ومصاريف صيانته، والمصاريف المتعلقة بالهاتف، والتدفئة، واستهلاك الماء والغاز والكهرباء، إلى جانب وسائل النقل والأعوان المكلفين بالقيادة.
كما يتمتع الرئيس المنتهية ولايته بالعناية الصحية الموجهة إليه وإلى قرينته وإلى أبنائه حتى بلوغهم سن الـ25، ويعهد للإدارة العامة المكلّفة بأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، مواصلة ضمان أمنه بعد انتهاء مهامه وكذلك أمن قرينته وأبنائه.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».