المقاتلون الأجانب.. الملف الرئيسي في أجندة الاجتماعات الأوروبية

الدول الأعضاء تخشى عودتهم.. واستعدت بإجراءات أمنية وقوانين تجريم الانضمام إلى «داعش»

المقاتلون الأجانب.. الملف الرئيسي في أجندة الاجتماعات الأوروبية
TT

المقاتلون الأجانب.. الملف الرئيسي في أجندة الاجتماعات الأوروبية

المقاتلون الأجانب.. الملف الرئيسي في أجندة الاجتماعات الأوروبية

ملف سفر الشباب الأوروبي إلى مناطق الصراعات وخصوصا إلى سوريا والعراق، كان حاضرا وبقوة في أجندة اجتماعات الاتحاد الأوروبي على مستويات مختلفة خلال عام 2014، ولم يقتصر الأمر على اجتماعات وزراء الداخلية المعنيين بهذا الملف، أو وزراء الخارجية وتداعيات هذا الملف على التحرك الخارجي الأوروبي أو على مستوى وزراء المال والاقتصاد لتجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية والمنظمات الناشطة في مجال تجنيد وتسفير الشباب إلى مناطق الصراعات بل أيضا في اجتماعات قادة الدول الأعضاء الذي أظهروا اهتماما ملحوظا بملف مكافحة الإرهاب، والتطورات في بؤر الصراع، وسفر الآلاف من الشبان الأوروبيين للمشاركة في تلك الصراعات، وما يشكلونه من خطر بعد عودتهم، ولكن السؤال الذي يطرح من جانب الكثير من المراقبين هنا في بروكسل عاصمة أوروبا الموحدة، هل تحرك التكتل الموحد بالشكل المطلوب للتعامل مع ملف تجنيد وتسفير الشباب الأوروبي إلى مناطق الصراعات، وفي تصريحان لـ«لشرق الأوسط» قال مارتن شولتز رئيس البرلمان الأوروبي: «الوضع على الحدود السورية وفي داخل سوريا وأيضا الوضع في العراق هو وضع غير مستقر ومحل قلق للمجتمع الدولي بما فيه الاتحاد الأوروبي ونناقش منذ فترة مسألة المقاتلين الأجانب الذين سافروا من أوروبا وعودتهم إلى الدول الأعضاء وما يشكله هذا الأمر من خطر أمني أنها مشكلة حقيقية لنا جميعا».
أشار تقرير الإرهاب لعام 2014 الذي أعدته وكالة تطبيق القانون الأوروبية «يوروبول»، إلى الارتفاع المتزايد لعدد مواطني دول الاتحاد الأوروبي، الذين يشتركون في القتال بسوريا، لافتا إلى زيادة التهديد الأمني المحتمل الذي سيمثله هؤلاء المقاتلون على الاتحاد الأوروبي حال عودتهم إلى بلادهم. وتفيد أرقام الداخلية البريطانية أن أكثر من 500 بريطاني يقاتلون في صفوف مجموعات مثل «داعش»، معربة عن خشيتها من التخطيط لاعتداءات فور عودتهم إلى المملكة المتحدة. وتقدر ألمانيا عدد رعاياها الذين انضموا إلى الجهاديين في العراق وسوريا بـ550، وقتل نحو 60 في المعارك أو في هجمات انتحارية وعاد 180 إلى ديارهم، بحسب برلين وبحسب المركز الدولي لدراسة العنف والتطرف السياسي فإن روسيا تحتل المرتبة الأولى من بين الدول الغربية في عدد مواطنيها الذين يقاتلون ضمن تنظيم داعش، وتليها في المرتبة الثانية فرنسا، وفي المرتبة الثالثة بريطانيا، وفي المرتبة الرابعة جاءت تركيا. فيما اعتقلت السلطات في دول عربية وآسيوية وأوروبية عشرات المتهمين بالتخطيط للانضمام إلى تنظيم «داعش»، مما يشير إلى أنه ما زال قادرا على جذب المقاتلين، وحتى النساء، من مختلف دول العالم، على رغم الجهود المختلفة لمواجهته، والتي تنوعت بين الحرب الإلكترونية والعسكرية والاقتصادية التي يشنها التحالف الدولي، بالإضافة إلى القوانين الرادعة التي أقرها بعض الدول في إطار تجريم الانتساب أو دعم أو الترويج لـ«داعش» بأي وسيلة.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم الداخلية البريطانية في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط»: إن «عدد البريطانيين الذين ذهبوا للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة هناك في حدود 500»، ورفضت أن تكشف عن عدد الذين عادوا من هناك. يجيء هذا وسط تنسيق أمني بين الدول الأوروبية وخطوات للتحرك المشترك في التعامل مع ملف المقاتلين في سوريا».
وتحدثت صحيفة «صنداي تايمز» عن تزايد أعداد المقاتلين الأجانب في كل من سوريا والعراق، خصوصا من البريطانيين والألمان الذين قدموا إلى المنطقة للانضمام إلى القتال بجانب تنظيم «داعش».
ونسبت الصحيفة للسلطات البريطانية القول إن «نحو 500 مسلم بريطاني غادروا المملكة المتحدة إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم داعش، وإن عددا كبيرا منهم ينتشرون في بلدة منبج في ريف حلب بسوريا».
وأوضحت الصحيفة أن منبج التي يسيطر عليها تنظيم الدولة تعج بالمقاتلين الأجانب، خصوصا البريطانيين، لدرجة أنهم حولوا البلدة إلى ما يشبه لندن المصغرة.
ونسبت الصحيفة إلى عامل الإغاثة الدنماركي أحمد رشيدي قوله، إنه «قابل عشرات المقاتلين الأجانب في منبج». وأضافت أن «رشيدي سافر إلى سوريا بحثا عن توأمين بريطانيتين فرتا من مانشستر إلى منبج في سوريا وتزوجتا من مقاتلين بتنظيم داعش». وأضافت الصحيفة أن «رشيدي أفاد أنه يمكن سماع اللغتين الإنجليزية والألمانية طوال الوقت في منبج للدرجة التي قد يظن المرء أنه موجود في لندن أو برلين».
وقال خبراء في مكافحة الإرهاب لـ«الشرق الأوسط» إن «التعامل مع العائدين (من المقاتلين) تشكل أحد أهم شواغل الداخلية البريطانية»، باعتبار أن وجود قاعدة لتنظيم القاعدة على أبواب أوروبا هو مشكلة جديدة طرحها النزاع في سوريا وحيث جرى بحث التداعيات والمشكلات المترتبة في أكثر من اجتماع أمني بالتنسيق مع النظراء الأوروبيين، على سفر هؤلاء الذين يذهب البعض منهم للجهاد والبعض الآخر لتقديم مساعدات للجيش السوري الحر وآخرين للالتحاق بجماعة النصرة وغيرها، وهذا أمر مثير للقلق، لأنه بالتالي يتم استقطابهم للأيديولوجية التي تتبعها «القاعدة» والفكر المتطرف، وسيتعلمون صناعة القنابل والمتفجرات والطرق القتالية المختلفة وبعد عودتهم سيشكلون حالة عدم استقرار.
ومن وجهة نظر فوزية طلحاوي أول برلمانية بلجيكية من أصل مغربي، فإن مشكلة تسفير الشباب للقتال في سوريا أصبحت موضوعا أساسيا في الأجندة الأوروبية وهناك تنسيق مشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمواجهة هذا الأمر، وتضيف في تصريحات «الشرق الأوسط» ببروكسل، أن «اجتماعات انعقدت مؤخرا بين بلجيكا وفرنسا للتنسيق والعمل المشترك هي جزء من تحرك أوروبي، تشارك فيه دول أخرى تعاني من مسألة تسفير شبان من المسلمين الأوروبيين إلى سوريا للمشاركة في العمليات القتالية، وخصوصا أن هناك مخاوف من مرحلة ما بعد عودة هؤلاء إلى أوطانهم الأوروبية وما يمكن أن يشكل ذلك من خطر على المجتمعات الأوروبية». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال جيل دي كيرشوف المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب، هناك حلول ونعمل دائما من أجل إيجاد الحلول وتطبيقها على أرض الواقع وأولها الوقاية، ونحن نعمل بشكل وثيق مع المجتمع المدني ومع مكاتب الشرطة والعائلات والمعلمين لمواجهة المخاطر والبحث عن علامات التطرف لمواجهتها مبكرا كما نعمل أيضا لمواجهة الرسائل المتشددة على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال التواصل مع تلك الشبكات وقد بدأت مؤخرا حوارا مع أكبر الشبكات متعددة الجنسيات ومنها «تويتر» و«فيسبوك» و«يوتيوب». وخصوصا بعد أن لاحظنا أن «داعش» ناشط جدا على تلك الشبكات ونحن نريد أن نمنع نشر تلك الرسائل وأيضا نعمل مع شركات الطيران للانضمام إلينا في العمل المشترك من خلال توفير الأدوات والموارد اللازمة لكي نصل إلى أقصى درجة من المنع للأشخاص الذين يرغبون في السفر للقتال مع تلك الجماعات وتوقيفهم عند الضرورة وأيضا مراقبتهم أو اعتقالهم بعد العودة من هناك، وأعتقد أن أعدادا من هؤلاء ليسوا بمجرمين ولكن هم بحاجة إلى معالجة نفسية خاصة وتعامل مختلف ويجري ذلك بالتزامن مع رصد كل التهديدات ونعمل بجدية كبيرة للتعامل مع كل هذه الأمور، وأضاف أن «البعض من الناس قد يرى أن الأمور لا تسير على ما يرام وخصوصا في أعقاب حادث إطلاق الرصاص في المتحف اليهودي ببروكسل في 24 مايو (أيار) الماضي وأسفر عن مقتل 4 أشخاص ومشتبه في الحادث شخص مسلم، فرنسي الجنسية عائد من سوريا»، ويسمى مهدي نيموشي والبعض الآخر يرى ما نقوم به من توقيف واعتقال لأشخاص متورطين في الإرهاب ومنها ما حدث في بريطانيا وإسبانيا وأيضا في بلجيكا وفرنسا وأيضا إعطاء أهمية كبيرة لمواجهة الأمر على الإنترنت وهي مسألة غاية في الأهمية، إذن هناك نظام للعمل يسير بشكل جيد ولكن لم يصل إلى درجة 100 في المائة لأنه ما زال هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود في هذا الصدد. وعلى مدى العقدين الأخيرين، انطلقت تحذيرات من عدة عواصم أوروبية من سفر الشباب من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى مناطق الصراعات في الخارج للمشاركة في العمليات القتالية تأثرا بالفكر المتشدد الذي يدعو إلى الجهاد المسلح وكان التركيز في ذلك الوقت على السفر إلى أفغانستان والصومال وباكستان والشيشان وبعد ذلك اليمن ثم أخيرا سوريا والعراق.. وفي ظل تزايد في أعداد الراغبين في السفر للقتال في الخارج تضمنت التقارير الأمنية التي طرحتها أجهزة الاستخبارات أمام المؤسسات التشريعية في عدة دول أوروبية ومنها بلجيكا وهولندا على سبيل المثال، تحذيرات من تنامي الفكر المتشدد وتأثيراته على الشباب صغار السن ودفعهم للسفر إلى الخارج تحت راية الجهاد، للمشاركة في أعمال قتالية، وأثبتت التحقيقات التي أجريت مع جماعات متشددة في هولندا وبلجيكا مثلا خلال العقد الماضي أن عناصر من صغار السن سبق ضبطها على الحدود الصومالية والشيشانية ودول أخرى وجرى إعادتها إلى أوروبا من حيث أتت.
وهناك حكومات اتخذت إجراءات وصفت بالبطيئة نوعا ما لمواجهة الأمر، وهناك عواصم أخرى لم تتحرك بل إن البعض منها اعترف بأنه تساهل في هذا الأمر لدرجة أنه كان يشجع على سفرهم إلى الخارج، وقال رئيس قسم مكافحة الإرهاب بولاية بافاريا الألمانية إن «أجهزة الأمن في ألمانيا شجعت الإسلاميين المتشددين على مدى سنوات ماضية على مغادرة البلاد للمشاركة في الأعمال القتالية في سوريا وأفغانستان». وقال لودفيج شيرجهوفر في تصريح لقناة «في دي آر» الألمانية إن «السلطات الأمنية اتخذت هذا الإجراء لحماية شعبنا». وأوضح شيرجهوفر أن الفكرة كانت تقوم على أساس إخراج الأشخاص الذين كانوا يمثلون خطرا على ألمانيا من ناحية احتمال تنفيذهم هجمات.
وأضاف المسؤول الألماني: «عندما يتبنى شخص أفكارا أصولية ويريد مغادرة ألمانيا كنا نسعى إلى تسهيل مغادرته أو نعجل بذلك من خلال الإجراءات الخاصة بقانون الأجانب». واستند شيرجهوفر في ذلك إلى وثيقة سرية لوزارة الداخلية الألمانية عام 2009 تنظم دخول وخروج الإسلاميين المستعدين لارتكاب أعمال العنف، وقال: إن «هذه الوثيقة جعلت من الممكن السماح لأفراد هذه المجموعات بمغادرة ألمانيا أو منعهم من المغادرة». وأوضح شيرجهوفر لوكالة الأنباء الألمانية «من أجل حماية أبناء شعبنا كان يجري السماح للأشخاص الذين يشكلون خطورة بشن هجمات إرهابية بالمغادرة السريعة وفق هذه الوثيقة». غير أن ايرنه ميهاليتش من حزب الخضر المعارض قالت: «هذا الأمر يعادل تصدير الإرهاب». وعلى الرغم من أن ألمانيا لم تشهد وقوع تفجيرات إسلامية أو غير ذلك من الهجمات، فإن عشرات من شبابها المتطرف من ذوي الأصول العربية والتركية قتلوا خلال العمل مع تنظيمي القاعدة وداعش. وبالنسبة لبلجيكا التي شهدت قبل أيام انتهاء جلسات الاستماع في قضية تسفير شباب إلى سوريا والعراق للقتال هناك، سيصدر الحكم فيها منتصف يناير (كانون الثاني) 2015، وتتضمن لائحة المتهمين 46 شخصا يحاكم منهم 37 شخصا غيابيا لوجودهم في مناطق الصراعات. ويعتبر ملف تسفير الشباب من الموضوعات التي تثير القلق والجدل في البلاد منذ فترة واتخذت الحكومة عدة خطوات في إطار مواجهة الفكر المتشدد ومنع تسفير المزيد من الشباب إلى الخارج. ويقول ديديه رايندرس وزير خارجية بلجيكا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» اتخذنا خطوات كثيرة في هذا الصدد ولكن علينا أن نقوم بالمزيد وخصوصا فيما يتعلق بالتعاون مع دول أخرى في مجال تبادل المعلومات الأمنية وأيضا تبادل طرق التعامل مع نشر الفكر المتشدد وهذه مهمة غاية الصعوبة وهذه المهمة لن تتحقق في غضون شهور أو أعوام قليلة وإنما للأجيال القادمة ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين هنا، تحولت بلجيكا إلى خزان لتفريخ الجهاديين، هذا البلد الأوروبي الذي يبلغ عدد سكانه 11 مليون نسمة، سافر منه إلى سوريا والعراق للمشاركة في القتال هناك ما يزيد على 350 شابا ويعتبر هو العدد الأكبر أوروبيا مقارنة بعدد السكان وتفوقت بذلك على دول أخرى كبرى مثل فرنسا التي سافر منها 900 مقاتل ولكن عدد سكانها يفوق 64 مليون نسمة أي ما يزيد على 5 أضعاف سكان بلجيكا بينما عدد المقاتلين يشكل مرتين ونصف العدد الذي سافر من بلجيكا، بينما سافر من بريطانيا 550 مقاتلا وعدد السكان يفوق 63 مليون نسمة ومن ألمانيا سافر ما يقرب من 400 شخص من بلد يضم ما يزيد على 80 مليون نسمة.
ويري بعض المراقبين أنه بالنسبة لبلجيكا بدا هذا الملف يحتل عنوانا رئيسيا في الكثير من المؤتمرات والندوات وأيضا تصريحات المسؤولين الحكوميين وغيرهم بل وداخل المحاكم البلجيكية في قضية ينظر فيها القضاء من نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي وتضم لائحة المتهمين 46 شخصا في ملف يتعلق بتجنيد وتسفير الشباب إلى سوريا والعراق ومعظمهم على صلة بجماعة تعرف باسم «الشريعة في بلجيكا» وكان باحث جامعي في بلجيكا سافر إلى سوريا والتقى بعدد من المقاتلين البلجيكيين وحاول أن يعرف الأسباب وراء هذه المخاطرة، وقال الباحث الجامعي منتصر الدعمه المقيم في بروكسل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يرى أن هناك عدة جهات تتحمل المسؤولية في اختيار هؤلاء الشبان للطريق الخطأ - من وجهة نظره» - وأشار إلى الحكومة والأئمة وأولياء الأمور وقال: «ذهبت إلى سوريا والتقيت مع الشبان البلجيكيين وتحدثت معهم وقالوا لي أنهم غير مرتاحين في بلجيكا لأسباب عدة منها، أنهم يتعرضون لمضايقات في المدارس بسبب الأصل والعرق، ويعانون من التمييز العنصري ومشكلات اجتماعية أخرى، تعزلهم عن المجتمع»، ويضيف الباحث الجامعي بالقول: «في نفس الوقت يشاهدون ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط من أحداث ويصلون إلى نتيجة مفادها أن المعاناة في كل مكان وبالتالي وفي لحظة الغضب وفي أوقات الفراغ، يتأثرون بالفكر المتشدد ويختارون الاختيار الخطأ، ويسافرون إلى أماكن الصراع سواء في اليمن أو العراق أو سوريا». وخلال الشهور الماضية كان ملف تجنيد وتسفير الشباب للقتال في الخارج، مصدرا للقلق المتزايد في دول التكتل الأوروبي وخصوصا أنه قبل عام كانت الأرقام الأوروبية تشير إلى وجود 600 شخص أوروبي يشاركون في العلميات القتالية في سوريا وحاليا يتحدث المنسق الأوروبي المكلف بشؤون مكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف عن وجود ما يقرب من 3 آلاف شخص يقاتلون في سوريا والعراق.
وعلى هامش اجتماعات وزارية أوروبية في لوكسمبورغ قال دي كيرشوف: «علينا أن نستعد لعودة عدد كبير من المقاتلين الأجانب إلى أوروبا من سوريا والعراق، تأثرا بالقصف الجوي لطائرات التحالف الدولي ضد عناصر (داعش)» وأكد شركاء التحالف الدولي التزامهم بالعمل معا في إطار استراتيجية مشتركة ومتعددة الأوجه وطويلة الأجل لهزيمة «داعش»، وشددوا على ضرورة أن تتركز جهود التحالف الدولي على عدة أوجه وهي دعم العمليات العسكرية وبناء القدرات والتدريب، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب، وقطع وصول التمويل عن «داعش»، ومعالجة الإغاثة الإنسانية المرتبطة بالأزمة، وكشف الطبيعة الحقيقية لتنظيم داعش وشهدت بروكسل في مطلع ديسمبر (كانون الأول) اجتماعا هو الأول من نوعه على المستوى الوزاري للدول المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش»، واتفق المشاركون في اجتماع بروكسل الذي انعقد داخل مقر الناتو، على استمرار الجهود من خلال المساهمات وفقا للقدرات والأولويات والقرارات الوطنية وأثنى البيان الختامي على الدور القيادي الذي اتخذه شركاء للتحالف ومنها الكويت التي استضافت مؤتمرا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حول مكافحة «داعش» والبحرين التي استضافت بشأن مكافحة تمويل الإرهاب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والمغرب التي استضافت منتصف ديسمبر القادم الاجتماع الأول لفريق العمل المكلف ببحث ملف المقاتلين الأجانب في إطار المؤتمر العالمي لمكافحة الإرهاب.
وأشار البيان إلى، أن الحملة العالمية لمكافحة «داعش» بدأت تؤتي ثمارها، وجرى وقف زحف «داعش» عبر سوريا وإلى العراق، كما أن القوات العراقية وقوات حكومة إقليم كردستان وبدعم من الضربات الجوية للتحالف أخذت تستعيد أراضي في العراق. وأكدوا على أن الحملة ضد «داعش» سوف تستغرق وقتا طويلا وتتطلب استجابة مستدامة وموحدة ومنسقة. وأكد المشاركون على الالتزام الطويل في هذا الجهد كما أكدوا الالتزام الراسخ بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي 2170 و2178 وخصوصا المتعلقة بمكافحة تدفق المقاتلين الأجانب الإرهابيين ووقف تمويل «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى، وفضح الفكر العنيف الذي تتبناه «داعش» في جميع أنحاء العالم. وأشار البيان إلى أن المنظمات الإقليمية يمكن أن تلعب دورا مهما في دعم تنفيذ تلك الأهداف. وأشاد البيان الختامي بقرار الجامعة العربية في 7 سبتمبر الماضي، وبيان جدة بالمملكة العربية السعودية 11 سبتمبر الماضي، وبيان باريس في منتصف الشهر نفسه، وأكد الجميع على ضرورة استمرار الدعم الدولي للعراق بناء على طلب من الحكومة العراقية للأمم المتحدة لمواجهة داعش، وكذلك المساعدات الثنائية للعراق في مجال تقديم المعدات والتدريبات لمساعدتها على حربها ضد «داعش». وأشاروا إلى الانزعاج الشديد للانتهاكات الممنهجة واسعة النطاق لحقوق الإنسان التي ترتكب من طرف عناصر «داعش» ومنها جرائم ضد الأقليات الدينية والعرقية والفئات الضعيفة، ولاحظ الجميع استخدام «داعش» للعنف الجنسي والقائم على نوع الجنس. وأخيرا قرر المشاركون مواصلة التنسيق ورصد التقدم وتوحيد الجهود من خلال المشاورات السياسية والتنسيق في السياسات والاستراتيجيات وستنعقد اجتماعات وزارية أو على مستوى أقل على فترات لا تتجاوز 6 أشهر.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.